عندما يتّهم نتنياهو العالم بمعاداة الساميّة
بقلم د. صلاح جرّار
من أكثر ما يثير السخرية استمرار رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في اتّهام كلّ من ينتقد الجرائم والسياسات الصهيونية بمعاداة الساميّة، وكأنّه قد نَصَّب نفسه وصيّاً على الساميّة والساميّين، وهو يحاول بذلك استدرار عطف الشعوب وتأليبها ضدّ العرب والمسلمين والفلسطينيين ومؤيّدي المقاومة الفلسطينية ضدّ الاحتلال، وممّا يثير السخرية والاستغراب أيضاً أنّ هذه الأكذوبة الصهيونية قد نجحت في أمريكا ودول الغرب وبعض دول الشرق واستقطبت كثيراً من تلك الدول وشعوبها وإداراتها التي صدّقت هذه الأكذوبة وتبنّتها وسنّت القواني? والتشريعات التي تجرّم كلّ من ينتقد الكيان الصهيوني أو كلّ من ترميه دولة الكيان المحتلّ بتهمة معاداة الساميّة، وأصبح التهديد بتهمة معاداة الساميّة سلاحاً مخيفاً يشهره الصهاينة في وجه كلّ صاحب كلمة أو رأي أو موقف في كلّ مكان من الأرض.
والساميّون كما هو معروف هم سلالة سام بن نوح، وسكناهم في شبه الجزيرة العربيّة وبلاد ما بين النهرين وبلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين)، وأحقّ الناس بالدفاع عن الساميّة هم أهالي هذه البلاد من العرب، ومن عجائب الزمان أن تتولّى دول الغرب والشعوب الهندو أوروبية الدفاع عن الساميّة وتتهم العرب، الذين هم الساميّون الحقيقيون، بمعاداة الساميّة، تلبية لرغبات الاحتلال الصهيوني. إنّ نتنياهو وعصابته التي ترتكب جرائم الإبادة في غزّة وجرائم الحرب في الضفّة الغربية يتخذون من المسارعة في استخدام تهمة معاداة الساميّة ?دّ من ينتقد جرائمهم غطاء وذريعة للمضيّ في ارتكاب الإبادة وتنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم الاحتلالية والتوسّعية، ومن يمعن النظر في هذه الذريعة يتبيّن له بسهولة أنّها ذريعة واهية ساقطة. وأهمّ دليل على سقوط هذه الذريعة أن أقطاب الكيان الصهيوني الذي يقوده نتنياهو لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالساميّة ولا يربطهم بها أيّ رابط، كما أن الشعوب الغربية التي صدّقت أكذوبة معاداة الساميّة لا يربطهم أيّ رابط بالساميّة، إن رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو هو بولندي الأصل، كما أنّ وزير دفاعه يواف غالانت بولندي أصلاً، ورئيس هيئة أ?كانه هرتسي هاليفي روسيّ الأصل، وأنّ رئيس الدولة إسحق هيرتزوغ إيرلندي الأصل، وهؤلاء هم الذين يقودون الحرب ضدّ العرب ويرتكبون جرائم الإبادة في غزّة ويتّهمون العالم بمعاداة الساميّة.
إنّ الذين من حقّهم أن يتهموا هذه العصابة ومؤيديها في دول الغرب بمعاداة الساميّة هم العرب، ولذلك فإنّ أعداء الساميّة الحقيقيين هم الصهاينة ذوو الأصول الروسية والبولندية والأكرانية والإيرلندية وغيرهم ومن يؤيّدهم في دول الغرب والشرق من الإعلاميين والسياسيين والاقتصاديين وسواهم. كما أن الساميّين الحقيقيين هم العرب وأنّ العدوّ الحقيقي للساميّة والمحرّض عليها هم الصهاينة وأنصارهم، وأنّ العدوّ الأول للساميّة هو بنيامين نتنياهو وعصابته من أمثال إسحق هرتزوع ويواف غالانت وهرتسي هاليفي وغيرهم من الصهاينة، وهؤلاء هم ا?عدوّ الحقيقي لليهود أيضاً كما يقول الأستاذ الدكتور محمد علي الفرّا في كتابه الذي صدر حديثاً وعنوانه"إسرائيل كيان مختلق والعدوّ الحقيقي لليهود».
ولذا فإنّ من حقّ العرب أن يوجّهوا تهمة معاداة الساميّة إلى كلّ من ينتقدهم أو يعتدي عليهم أو يسيء إليهم بأي صورة من الصور، وأن يطالبوا الدول ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية بسنّ قوانين تجرّم كلّ من يعادي العرب باعتبار معاداة العرب معاداة حقيقية للساميّة.
غير أنّه لا بدّ من الإشارة إلى أنّ أكذوبة معاداة الساميّة التي يشهرها الصهاينة في وجه أعدائهم قد بدأت تفقد تأثيرها وألقها بعد أن اكتشفت شعوب العالم سوء نوايا الصهاينة وكذب ادّعاءاتهم ومزاعمهم وأنهم يستخفّون بالعقل الأمريكي والأوروبي، وبعد أن اكتشفوا أنّهم أهل أحقاد وكراهية لا حدود لها وأنّ كلّ ما يجري في الشرق والدول المحيطة بهذا الكيان الصهيوني من توتّرات وصراعات وإراقة للدماء ومؤامرات ومكائد سببه هذا الكيان الحاقد وداعموه.
ومتى اكتشف العالم حقيقة هذه العصابة المسلّحة المزيّفة والمتدثّرة بغطاء الساميّة فإنّهم سوف يتخلّون عنها يوماً بعد يوم إلى أن تزول هي وشرورها عن أرض فلسطين الطاهرة.