وزراء بحكومة الخصاونة يكثرون من الأسئلة :هل سنرحل؟ ومتى سنستقيل؟

المخاض الذي تعايشه خريطة النخبة وكواليس الصالونات السياسية الأردنية هذه الأيام خصوصا في جزئية الاستقطاب والتجاذب التي يشتم المراقب رائحتها حاليا، لا يشبه ذلك المخاض الذي يسبق الانتخابات العامة بالعادة بقدر ما يمتد ليشبه حالة التزاحم بين الأدوات والرموز والنخب وهي شغوفة بامتطاء وركوب موجة تغيير وزاري يعتقد كثيرون أنها قادمة لا محالة.

الترتيبات تتخذ لحفل كبير قد يتخلله استعراض عسكري في شوارع العاصمة عمان مع قرب نهاية الشهر الجاري واحتفالات وطنية الطابع بالتوازي تحضر لها الوزارات بمناسبة اليوبيل الفضي الملكي والاستقلال.

تلك مناسبات لوجستيا تشغل جميع المؤسسات الآن، لكن يتم تداولها غمزا ولمزا باعتبارها سقفا زمنيا محتملا لبقاء النخبة التي تدير غالبية المؤسسات الآن بما في ذلك تركيبة مجلس الوزراء وحتى مؤسسات أخرى خدمية مهمة لكن أساسية مثل منظومة البلديات وأمانة العاصمة عمان.

الرسالة إذا ما أقيم حفل وطني لاستعراض وطني سياسيا مطلوبة وبإلحاح شعبيا في ظل الظروف القاتمة التي تجعل الأردن واحة استقرار وسط إقليم ملتهب، فيما رسائل تصليب الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية مطلوبة الآن برأي رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وبإلحاح أكثر من أي وقت مضى.

طعم الاحتفالات المقبلة مختلف هذه المرة في ظل التحديات الأمنية التي تحيط بالمنطقة والمستجدات الاستثنائية في ملف القضية الفلسطينية والتداعيات والمخاطر التي تؤسس لها معركة طوفان الأقصى في مواجهة مشاريع اليمين الإسرائيلي التي يقدر 

المصري وغيره من كبار الساسة بأنها تجاوزت الطموح باتجاه الأطماع لا بل الجشع أيضا.

الفارق في هوامش المجتمع ليس ملموسا إطلاقا ما بين شغف الأردنيين بالاحتفال بمناسباتهم المهمة زمانيا الآن وبين استمرار 
النبض في الشارع نشطا وساهرا وحريصا في مساندة قطاع غزة ومعركة طوفان الأقصى.

خليط في الظرف الزمني والاحتفالي لم يعايشه الأردنيون سابقا ويختبر بطبيعة الحال كل الاحتمالات والسيناريوهات، لكن الإشارات تجاوزت التلغيز باتجاه التصريح مؤخرا في الجزء المتعلق بتوقعات ما بعد الاحتفالات التي تنتهي في مطلع شهر حزيران/يونيو حيث الانطباع متجدد بأن ملف قرار ينسب بحل البرلمان لم يغلق بعد تماما بالرغم من تحديد يوم 10 من شهر أيلول/سبتمبر المقبل لإجراء الانتخابات لبرلمان جديد.
مجددا يشعر أعضاء مجلس الوزراء ببعض الارتباك لأن المواقع الإلكترونية مليئة بالتسريبات عن وزارة جديدة تتولى الانتخابات فيما يشير المنقول عن أعضاء بارزين في النادي السياسي بأن الحكومة الحالية سبق أن أشرفت على الانتخابات السابقة من الصعب توقع أن تتاح لها فرصة الإشراف على الانتخابات الجديدة.
يتصور سياسيون كبار جالستهم «القدس العربي» مؤخرا بأن مسار التحديث السياسي والاقتصادي برفقة برلمان جديد تماما يتطلبان وزارة مختلفة وجديدة.
والشغب بهذا المعنى حصرا على رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونة يمكن التعثر به أو مصادفته هنا أو هناك ليس في الشارع ولا في صفوف الأحزاب أو الحراك أو المعارضة ولكن في أروقة وزوايا المؤسسات الرسمية ونخبها.
ليس سرا بهذا السياق أن جهدا نشطا يمكن مصادفته بين الحين والآخر يعمل باتجاه تقليص فرصة وزارة الخصاونة الحالية بتحقيق إنجاز لم تسبق له أي حكومة وفكرته تجاوز 4 سنوات من عمرها وإجراء نسختين من الانتخابات خلافا لاحتفاظها بلقب الحكومة الأطول عمرا إذا ما تمكنت من ذلك خلال مرحلة اليوبيل الفضي برمته.
يعمل الرئيس الخصاونة بصمت وثقة وهدوء ويحاول رفع معنويات طاقمه الوزاري ويسعى لتجنب الالتفات للتسريبات والشائعات المشاغبة.

لكن هذا الجهد الهادئ الواثق قد لا يكفي للعبور إلى مرحلة ما بعد الاحتفالات الوشيكة في هوامش معركة الطوفان إذا ما تقرر التغيير أو بدأ بزحف بخطوة تنسجم مع الصلاحيات المرجعية اسمها التنسيب بحل البرلمان. وهي خطوة طبيعي أن تكرهها الحكومة ولا تريدها، لان عدم حل البرلمان يطيل عمرها ولأن القواعد المتبعة تشير إلى أن الحكومة التي توصي بحل البرلمان بعد انتهاء دورته تستقيل وتغادر بمعيته.

لذلك يمكن تلمس بعض الاضطرابات بين بعض مراكز القوى داخل القرار والمؤسسة هذه المرة مع تلميح 3 وزراء أساسيين في الطاقم على الأقل نيتهم خوض الانتخابات المقبلة، ما يعني التأسيس لانطباع داخل الطاقم الوزاري يشير إلى ان 3 وزراء لا يستهان بهم في الحكومة يتبعون درب مغادرة السفينة قبل أن ترسو على شواطئ الماضي السياسي لضمان مقعد لهم عبر الانتخابات وشرعيتها في مساحة الصف الأول.

يكثر بعض الوزراء من طرح السؤال التالي: هل سنرحل؟.. متى سنستقيل؟

لكن السؤال لا يؤثر على مسارات العمل ميدانيا وان بصورة نسبية على الأقل فيما التفاعلات خصوصا في نادي النخب الرسمية بدأ بعضها يظهر إلى العلن ويوحي بوجود مساحات تجاذب من الصعب السيطرة عليها في ظرف طارئ.

القدس العربي