«معركة رفح»: بالون اختبار وورقة ضغط.. أم مغامرة؟

بقلم محمد خروب

اختار مُجرم الحرب نتنياهو ذكرى الهولوكوست, بما هي كرنفال صهيوني مُبالغ فيه ومثابة سيف مُسلط على كل مَن يجرؤ على التشكيك فيه, أو يحاول البحث عن صحة العدد الحقيقي للضحايا اليهود, كونهم/اليهود لم يكونوا وحدهم في معسكرات الإعتقال والإرسال للمحارق النازية, فيما تُصِر الرواية الصهيونية على «الستة ملايين» يهودي الذين قضوا على يد النازي الألماني, دون ذكر أي جنسية أو دين آخر, ولهذا كان لافتاً أن مجلس النواب الأميركي عندما تبنى التعريف الصهيوني لمُعاداة السامية, جاء عى ذكر «التشكيك في عدد الضحايا", باعتباره شكلاً من أشكال مُعاداة السامية (إذ اعتبر القانون الذي صادق عليه، أن من الأمثلة لما يمكن اعتباره مُعاداة للسامية: الدعوة إلى إيذاء اليهود باسم ايديولوجية متطرفة, أو وجهة نظر مُتطرفة للدين، واتهام الأفراد اليهود بـ"اختلاق المُحرقة أو المُبالغة فيها").

نقول: لم تكن صدفة أن نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لجيش الفاشية الصهيونية, للبدء في اجتياح مدينة رفح المُثقلة بأعباء سكانها, وأزيد من مليون وربع المليون نازح غزّي هو/ الجيش الصهيوني الذي دفعهم إليها, بذريعة أنها منطقة آمنة, فيما رام تدمير محافظتي شمال غزة وغزة المدينة, ثم التفرّغ لإبادة محافظات الوسط, وأخيراً محافظة رفح نفسها.

وإذ واظبت إدارة الرئيس بايدن الزعم بأنها تُعارض عملية عسكرية «واسعة» لإجتياح رفح, مُشترطة تقديم «خطة» صهيونية لإجلاء المدنيين, دون أن تُلوح بأي إجراء عملي يمكن أن يدفع الفاشي نتنياهو للتراجع, فإن الأخير مضى قُدماً في تحدى «شريكه» الأميركي في حرب الإبادة, مُستعيناً بأساطير مُزيفة من قبيل اننا إذا إضطررنا للقتال فسنقاتل وحدنا,. وأن «المحرقة» علمتنا أن نكون وحدنا, وإن لم نَحّْمِ أنفسنا فلن يُدافع أحد عنّا.

ليس مهماً لدى الفاشي/نتنياهو والحال هذه, أن يُقال إن إدارة بايدن «أوقفتْ» شحنة ذخائر كانت في طريقها إلى جيش النازية الصهيونية. فهو يدرك أنه إجراء رمزي ومؤقت لن يلبث البيت الأبيض, أن يتراجع عنه أو «يُرغَم» على ذلك, كما حدث سابقاً وتكرر أكثر من مرة. سواء هبط مدير وكالة الإستخبارات الأميركية/وليام بيرنز في تل أبيب اليوم, أو طار/أمس على عجل لـ"الوقوف» على مُلابسات «تمرّد» نتنياهو على شريكته الإمبراطورية.

ثمة ما يمكن توقعه رغم ذلك, في حال لم تكن دعوات جيش العدو الصهيوني لنازحي شرق مدينة ومخيمات رفح الشرقية, بالإنتقال إلى منطقة المواصي في وسط القطاع, بزعم أنها آمنة ويتوفر فيها الماء والغذاء بكميات كبيرة, فضلاً عن خيام الإيواء, مع التحذير بعدم التوجّه لشمالاً (مدينة غزة ومحافظة شمال غزة) كونهما وفق العدو مناطق قتال خطرة.

سيناريوهان لا ثالث لهما أمام قادة العدو, إما ان تكون دعوة الإجلاء امس, مناورة وبالون إختبار وورقة ضغط على «الوسطاء", كي يمارسوا المزيد من الضغط على حركة حماس للتراجع عن شروطها المُتمثلة بـ"وقف فوري ومُستدام للنار, والإنسحاب الكامل لجيش الإحتلال من القطاع, وعودة النازحين إلى ديارهم بدون قيد أو شرط", والتي يرى فيها نتياهو مثابة إستسلام وهزيمة لإسرائيل كما قال حرفيّاً, فيما تُصرّ حماس على موقفها, وإن ابدت بعض المُرونة في كيفية وزمن تنفيذ تلك الشروط, في المراحل «الثلاث» للإتفاق الذي يجري «الحوار» حوله. أما السيناريو الآخر فهو مُضي فاشيّو تل أبيب في رهانهم على الحل العسكري وتصفية قادة حماس وتحرير الرهائن, كطريق لتحقيق «الإنتصار الكامل", كما يصفه ويأمل به نتنياهو, وهو أمر يقول شركاؤه الأميركان كما خبراء عسكريون صهاينة, انه صعب المنال.

في السطر الأخير..هل ينجح نتنياهو في الإبقاء على تماسك حكومة الطوارئ/ مجلس الحرب حال مضى إلى النهاية في إجتياح رفح؟. هل يُسارع غانتس وايزنكوت في القفز من سفينته التي تُوشك على الغرق؟, أم يشاركانه المغامرة ويستعدّان لتلقي مُذكرتيّ إعتقال من الجنائية الدولية, التي بسببها أصيب نتنياهو بالهستيريا التي لم تُغادره حتى الآن؟.

الإنتظار لن يطول.

** إستدراك:

في خطاب ألقاه نتنياهو في مركز «ياد فاشيم» الصهيونيي لإحياء ذكرى المحرقة في القدس المحتلة، شن خلاله هجوماً على المحكمة الجنائية الدولية، في ظل التقارير «الإسرائيلية» حول عزمها إصدار مذكرات اعتقال ضد كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الصهاينة، على خلفية الحرب الصهيوأميركية على غزة، واصِفاً هذه التحركات بـ"الفضيحة». وبعد الهجوم الذي شنَّه على الحِراك المُناهض للحرب على غزة في الجامعات الأميركية، مُقارنِاً بينها وبين الجامعات في ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، قال مجرم الحرب/نتنياهو:"من الممكن أن تحدث فضيحة خطيرة, بنفس القدر في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. الخطوات هناك–أضافَ–تهدف إلى تقييد أيدينا من حماية أنفسنا، لن نسمح بتقييدنا».