جهود ملكية حثيثة بعزيمة لا تلين

بقلم د. خالد الشقران

تأتي الزيارة الملكية لواشنطن في هذا التوقيت استمراراً للجهود الحثيثة والسعي الملكي الصادق الدؤوب الذي لم يتوقف منذ بدء العدوان الاسرائيلي على غزة لوقف الحرب وايصال المساعدات للشعب الفسطيني واستدامتها واعادة بوصلة العالم للبحث الجاد عن حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية كسبيل أوحد لضمان أمن واستقرار منطقة الشرق الاوسط.

فمنذ بداية العدوان الغاشم على غزة استغلت الحكومة المتطرفة في تل ابيب الانحياز اللامحدود وغير المسبوق في مواقف الدول الغربية لرواية الاحتلال لها لتمضي قدما في هجومها الاجرامي الاعمى الذي استهدف ابادة كل ما في غزة من بشر وشجر وحجر وقطع كل سبل ادامة الحياة عنها غير آبهة بالقوانين والمواثيق والاتفاقيات والاعراف الدولية والانسانية، فكانت الجهود الملكية حاضرة ومتيقضة لخطورة ما يحدث ليس على غزة وحدها وانما على القضية الفلسطينية وعلى مستقبل المنطقة برمتها.

استراتيجية التحرك والاتصالات والجولات الملكية للعواصم الفاعلة في المشهدين الاقليمي والدولي كانت تقوم على عدة محاور اهمها تذكير العالم بضرورة واهمية الانصات للسردية الفلسطينية التي تشير الى ان هناك جانباً آخر للرواية او المشهد وجزءاً آخر أصيلاً من من اجل استكمال الصورة حول القضية الفلسطينية لا ينبغي تجاهله من القوى الدولية الفاعلة وفي مقدمتها الولايات المتحدة ويجب ان تستمع هذه القوى للرواية الكاملة خاصة ما تعلق منها بحقيقة وجود الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية وما تبع ذلك من عدوان وممارسات قمعية فاقمت معاناة واضطهاد الشعب الفلسطيني الصامد على ارضه اضافة الى الاعتداءات الاسرائيلية المتزايدة من الجيش والمستوطنين والمتطرفين على المقدسات الاسلامية والمسيحية في مختلف الاراضي الفلسطينية وخاصة في القدس ومصادرة الاراضي والتدمير المستمر لمقدرات الشعب الفلسطيني على مدى اكثر من سبعة عقود، والذي كانت اسرائيل تهدف من خلاله الى تغيير الواقع على الارض ووأد عملية السلام وهضم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مما يجعل الاحتلال الاسرائيلي بحكوماته المتعاقبة مسؤولا بشكل مباشر عما يحدث من تدهور للأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي منطقة الشرق الاوسط بشكل عام.

المحور الثاني للتحرك الملكي كان يستهدف حث المجتمع الدولي للعمل وبإخلاص من اجل الوقف الفوري للحرب والحيلولة دون استمرار ارتكاب اسرائيل للمجازر بحق الشعب الفلسطيني الاعزل ووقف معاناته المستمرة منذ عقود جراء الجرائم الاسرائيلية المتكررة بحقه خاصة وان دولة الاحتلال قد استخدمت كل انواع القتل والتعذيب والتنكيل والتدمير ضد هذا الشعب لثنيه عن مطالبه العادلة والمشروعة بحقه في العيش على أرضه التاريخية بكرامة ضمن دولة مستقلة قابلة للحياة لكنها لم تنجح في ثنيه عن السعي وبكل السبل لتحقيق اهدافه المشروعة وفقا للقوانين والاعراف الدولية والانسانية، في حين لم تحقق دولة الاحتلال اهدافها في توفير الامن لساكنيها من طرف واحد ما دامت مصرة على تحريم هذا العيش الآمن على الفلسطينيين.

المحور الثالث الذي استندت اليه الدبلوماسية الملكية في تحركها فيتعلق بحث العالم وخاصة القوى الدولية الفاعلة على العمل المشترك من اجل التصدي لمحاولات حكومة الاحتلال القفز على قضية الشعب الفلسطيني والتي لن تجدي نفعا حيث لن يتحقق الأمن والسلام ولا الاستقرار او الازدهار ولن تتوقف دوامة الحروب والصراعات والعنف في المنطقة الا في اطار منظور عملي وواقعي يقوم على تحقيق العدالة الشاملة للجميع ولن يتحقق ذلك الا من خلال العمل الجمعي وبقوة لتنفيذ حل الدولتين الذي يضمن للشعب الفلسطيني اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.

المحور الرابع فكان يقوم على العمل مع جميع الدول الشقيقة والصديقة لفك الحصار الاسرائيلي المفروض على الشعب الفلسطيني وادخال المساعدات الانسانية والطبية والغذائية واستدامة تدفقها الى الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية حيث تكللت الجهود الملكية بالنجاح فكان الاردن المبادر في تنفيذ الانزالات الجوية وارسال قوافل المساعدات ثم توالي المساعدات الدولية التي اخذ الاردن على عاتقه مهمة ايصالها في أحلك الظروف واصعب الاوقات الى الأشقاء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

وفي هذا الاطار يمكن القول ان استراتيجية التحرك الملكي قد حققت الكثير من الاختراقات في المواقف الدولية من خلال تخفيف حدة الانسياق والاندفاع الدولي خلف الرواية الاسرائيلية وتراجع الدعم المطلق لها واعادة التوازن للخطاب السياسي لهذه الدول في مسائل غاية في الاهمية منها العودة لتحقيق حل الدولتين كسبيل وحيد لضمان استقرار المنطقة وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني ووقف تدحرج كرة الصراعات وعدم الاستقرار والانفلات الامني في الاقليم برمته، وكذلك تزايد التحركات الدولية الساعية الى وقف مستدام للحرب والعمل المشترك لايصال المساعدات الانسانية والاغاثية والطبية والغذائية للفلسطينين في غزة والضفة الغربية عبر الاردن من خلال القوافل البرية والانزالات الجوية.