قراءة في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين (8)
إعداد أ.د. أحمد علي عويدي العبادي
الرؤية الملكية في الانتخاب ودور مجلس النواب
سادساً: دور مجلس النواب ومسؤولياته
لجلالة الملك رؤية في دور مجلس النواب ومسؤولياته، من حيث أن مجلس النواب ركن أساسي في نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي وضرورة أن يكون دور أعضاء مجلس النواب متوازناً وتعزيز الدور الرقابي والتشريعي لمجلس الأمة وعدم التأخير في إنجاز التشريعات ومسؤولية مجلس النواب في الإصلاح الديمقراطي والحوار الوطني ودور المجلس في تطوير نظامه الداخلي وتأسيس مركز للدراسات والبحوث التشريعية وتطوير مدونة السلوك لأعضاء مجلس النواب.
أولاً : مجلس النواب ركن أساسي في نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر بتاريخ26 تشرين الأول / أكتوبر 2011: "وأؤكد هنا أننا ماضون في هذا النهج، وأن رؤيتنا للنهوض بوطننا الغالي تعتمد التدرج والمراكمة، وذلك من باب الحرص على الوصول إلى النتائج، التي تكفل التعددية البرلمانية والتنوع السياسي، وليـس من باب المماطلة والتأخير. وأؤكد أيضا أمام مجلسكم الكريم أننا ملتزمون وحريصون على تكريس الركـن النيابي للنظام"
ويقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر الأردن بتاريخ 10 شباط / فبراير 2013: "منذ أكثر من عام، تُرجمت على أرض الواقع، مجموعة من الإصلاحات التي تعزز النهج الديموقراطي، وتمكن الشعب من خلال ممثليه، من ترسيخ دوره الفاعل في صناعة القرار والرقابة والمساءلة، وتعزز دور مجلس النواب، كركن أساسي في نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي، المستند للدستور"
وفي هذا يؤكد جلالة الملك على مضمون نص المادة الأولى من الدستور والتي تنص على ما يلي: " المملكة الاردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الاردني جزء من الامة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي".
لقد أخذ الدستور الأردني بالنظام النيابي البرلماني الملكي، الذي يعود بجذوره التاريخية إلى انجلترا خلال القرنين السابع والثامن عشر وقد تجلت معالم الأخذ بهذا النظام بعدة مظاهر أبرزها وجود برلمان يتكون من مجلسين، أحدهما منتخب من الشعب وهو مجلس النواب، والآخر معين من جلالة الملك وهو مجلس الأعيان حيث تنص المادة (62) من الدستور على ما يلي: (يتألف مجلس الأمة من مجلسين – مجلس الأعيان – ومجلس النواب) ومن الأصول المتعارف عليها في النظام النيابي البرلمانين، أن مقتضيات العضوية في المجالس النيابية توجب على النائب في المجلس النيابي أن يكون ممثلاً للأمة جمعاً وليس لدائرته الانتخابية فقط.
ثانياً : أن يكون دور أعضاء مجلس النواب متوازناً
يرى جلالة الملك بضرورة أن يكون دور النائب في مجلس النواب الأردني متوازناً بين جملة من المسائل، حيث يجب أن يكون أساس علاقة النائب بالحكومة الصالح العام وليس المصالح الشخصية، وأن يكون دوره متوازناً بين مصالح دائرته الانتخابية والمصالح الوطنية، وأن يكوم دوره متوازناً أيضاً بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة، وأن يكون دوره متوازناً كذلك بطرح الحلول الحقيقية، وأبين تالياً رؤية جلالة الملك في موضوع التوازن في دور النائب، وذلك على النحو الآتي: -
أ- أن يكون أساس علاقة النواب بالحكومة الصالح العام وليس المصالح الشخصية
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 10 شباط/ فبراير 2013: " إن دور مجلس النواب في الحكومات البرلمانية، يتطلب منه الإسراع في تطوير نظامه الداخلي، لمأسسة عمل الكتل النيابية، ودعم فعالية المجلس، كما ينبغي للمجلس تطوير مدونة سلوك ملزمة، يتعهد النواب من خلالها بممارسات نيابية إيجابية، تعزز دورهم التشريعي والرقابي، وتجعل أساس علاقتهم بالحكومة التنافس على خدمة الصالح العام، وليس المكاسب الشخصية المحدودة، ونبذ الواسطة والمحسوبية."
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة" أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة " بتاريخ 2 أذار / مارس 2013: " أن يكون هدف النائب الحقيقي خدمة الصالح العام. وهذه مسؤولية لا يمكن المساومة عليها. فالجميع يريدون من النواب أن تكون الغاية من أدائهم تحقيق المصلحة العامة في مختلف الظروف والأوقات. أما أولئك الذين يعملون من أجل تحقيق مصالح شخصية أو فئوية، أو لاعتبارات شعبوية، أو أخرى لا تأخذ مصلحة الوطن العليا على المدى البعيد بعين الاعتبار، فإن أفعالهم تمثل خذلاناً لمن انتخبهم وللأردنيين جميعاً. وتعني مثل هذه الأفعال في الواقع أن النائب تخلّى عن مسؤوليته الرئيسة، وهذا يعد شكلا من أشكال الفساد".
ويضيف جلالته في الورقة النقاشية الثالثة" أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة " بتاريخ 2 أذار / مارس 2013: " أن تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية وليست مصلحية. إن نهوض السلطتين التشريعية والتنفيذية
بمسؤولياتهما تجاه الوطن والمواطن يتطلب تطوير علاقة تشاركية خالية من ضغط النواب على الحكومات لتحقيق مكاسب على أسس الواسطة والمحسوبية، وبعيدة عن استرضاء الحكومات للنواب، وأن تتوخى هذه العلاقة تحقيق الصالح العام لا غير ".
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الخامسة: " تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية" بتاريخ 13 ايلول / سبتمبر 2014: " يقع على كاهل أعضاء مجلس الأمة مسؤوليات العمل بتفان لخدمة الصالح العام، وأن يعكس أداؤهم توازناً بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية، وتوازناً بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة للحكومة، بحيث تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية لا مصلحية ضيقة، وبما يضمن قيام مجلس الأمة بدوره كحاضنة أصيلة للحوار الوطني الديمقراطي ".
ويقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر بتاريخ 10 كانون الأول 2020: "إن الدور الدستوري لمجلس الأمة يجب أن يكون منصباً على الرقابة والتشريع، في إطار من التشاركية، والتكامل بين السلطات الثلاث، وبعيداً عن المصالح الذاتية والضيقة"
يؤكد جلالة الملك أن علاقة النواب بالحكومة قائمة على أساس المصلحة العامة والتنافس على ذلك وليس على أساس المكاسب الشخصية المحدودة سواء كانت للنائب أو أياً من أقاربه أو أي شخص آخر ونبذ الواسطة والمحسوبية التي قد يترتب عليها المساس بحقوق الآخرين وإلحاق الضرر بهم وحرمانهم من بعض الفرص التي يستحقونها، وهذه مسؤولية لا يمكن المساومة عليها حيث أن جميع المواطنين يريدون من النواب أن تكون الغاية من أدائهم تحقيق المصلحة العامة في مختلف الظروف والأوقات أما النواب الذين يعملون لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية أو لاعتبارات شعبوية فإن ذلك خذلان لجميع من انتخبهم ومن لم ينتخبهم ويعد شكلاً من أشكال الفساد، ويجب أن تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية وليست مصلحية ضيقة ويجب أن يكون دور مجلس الأمة منصبا على الرقابة التشريع بعيد عن المصالح الشخصية.
ب- أن يكون دور النائب متوازنا بين مصالح الدائرة الانتخابية والمصالح الوطنية.
يقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة" أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة " بتاريخ 2 أذار / مارس 2013: " أن يعكس أداء النائب توازنا بين المصالح على المستوي المحلي وعلى المستوى الوطني. فالنواب يحملون هموم ومصالح مناطقهم وقواعدهم الانتخابية، من جهة، لكن عليهم أيضا أن يعملوا سوية من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن ككل، من جهة أخرى. ويشكل الوصول إلى هذا التوازن والمحافظة عليه التحدي الأبرز الذي يواجه كل نائب، لكنه تحد يجسّد شرف المسؤولية التي يتحملها من يفوز بثقة الشعب ويشغل موقعاً منتخباً. ويحقق النواب هذه المسؤولية الثنائية في أفضل صورها من خلال اقتراح حلول مستدامة تتوخى المصلحة الوطنية الأوسع. فبالإمكان خدمة قواعد انتخابية أكثر اتساعا، وبشكل أكثر فائدة وأبعد مدى حين يعكف النائب على العمل مع الحكومة من أجل تبني سياسات وبرامج تعالج تحديات الفقر والبطالة، ويعمل بعزم وشفافية من أجل تحقيق التنمية وتوليد فرص العمل على المستوى المحلي، بدلاً من أن يسعى لمصلحة دائرته المحلية من خلال الضغط على مسؤول حكومي للحصول على عدد محدود من الوظائف لقواعده الانتخابية المحلية ".
إن ما يقول به جلالة الملك يوازن بين مبدأ سيادة الأمة ومبدأ سيادة الشعب حيث إن وظيفة النائب وفق الفقه الدستوري تختلف باختلاف مبدأ سيادة الأمة ومبدأ سيادة الشعب، حيث يستلزم التمثيل النيابي للنائب في المجالس النيابية وفقاً لمبدأ سيادة الأمة باعتبارها مستقلة عن الأفراد والمكونين لها، بأن يكون النائب ممثلاً للأمة جمعاً وليس ممثلاً لدائرته الانتخابية، أما وفق مبدأ سيادة الشعب لا يعتبر ممثلاً عن الأمة وإنما ممثلاً لدائرته الانتخابية حيث أن السيادة وفقاً لمبدأ سيادة الشعب مجزأة ومقسمة بين أفراد الشعب السياسي، ويملك كل واحد منهم جزءاً من هذه السيادة، فإن النائب عندما يمارس مظاهر السلطة فإنه يعد ممثلاً لجزء من هذه السيادة التي يملكها ناخبوه في الدائرة الانتخابية، وليس ممثلاً عن الأمة جمعاً، وتبعاً لذلك فإن للناخبين حق إعطاء تعليمات ملزمة للنائب ولا يستطيع مخالفتها ويكون مسؤولاً عن تنفيذها أمامهم، أي أنها توجب تبني نظرية الوكالة الإلزامية والتي تربط النائب بهيئة الناخبين بعقد وكالة.
لقد تعرض المبدآن إلى الانتقاد لقصور كلاً منهما عن ما أخذ به المبدأ الآخر، إن ما قال به جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة يوازن بين مبدأ سيادة الأمة وسيادة الشعب، فمبدأ سيادة الأمة يذهب إلى اعتبار النائب ممثلاً للامة جمعاً، ومبدأ سيادة الشعب يذهب إلى اعتبار النائب ممثلاً للدائرة الانتخابية وفي هذا الصدد فأن جلالته يذهب إلى أن دور النائب يجب أن يكون متوازناً بين مصالح دائرته الانتخابية والمصلحة العليا للوطن ككل.
ج- أن يكون دور النائب متوازناً بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة
يقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة" أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة " بتاريخ 2 أذار / مارس 2013: " أن يوازن النائب بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة. إن تحقيق هذا التوازن هو تجسيد للأداء السياسي الفاعل، حيث يترتب على النواب العمل مع بعضهم البعض من جهة، ومع الحكومة من جهة أخرى لمواجهة مختلف التحديات الوطنية. كما أن الحاجة للموازنة بين هذه المسؤوليات، تعكس في الواقع أن النواب هم أعضاء في جسم سياسي واحد هو مجلس النواب، الذي عليه مسؤولية القيام بواجباته، وأن الحكومة أيضاً تتمتع بتفويض دستوري يخولها القيام بمسؤولياتها وتنفيذ برنامجها، استنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تغول إحداها على الأخرى. وفي ذات الوقت، فإن على النواب مسؤولية إخضاع الحكومة للمساءلة من خلال المعارضة البنّاءة للبرامج المطروحة، وتقديم برامج بديلة إذا دعت الحاجة، والابتعاد عن التنظير وعن الاكتفاء بالتشخيص غير الموضوعي للماضي ولما نواجهه من تحديات، بدلا من طرح الحلول الواقعية للتقدم للأمام وضمن الإمكانات المتاحة ".
ويضيف جلالته: " ويشكل هذا المبدأ متطلباً رئيساً أيضاً لعملية المشاورات التي سينبثق عنها تكليف رئيس للوزراء، وتشكيل فريق حكومي، وإعداد برنامجه، ومن شأن هذا المبدأ أن يحمي عملية المشاورات وغيرها حتى لا تغدو رهينة للضغط، والاسترضاء، والمحسوبية وحتى لا تكون عرضة لتجارب غير بناءة. وعلى الكتل النيابية والأحزاب السياسية مسؤولية كبرى في الرقابة على أداء أعضائهم النواب في هذا المجال".
يؤكد جلالة الملك على الدور المتوازن للنائب بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة للبرامج المطروحة وأن تهدف المعارضة إلى تصويب الاختلال وتحسين الأداء وتقديم برامج بديلة إذا دعت الحاجة بحيث لا يتم الاكتفاء بالتنظير والتشخيص غير الموضوعي وأن يتم طرح الحلول الواقعية التي تتناسب مع واقعنا الاقتصادي وضمن الإمكانيات المتاحة للدولة الأردنية، وأن لا تكون المعارضة وسيلة للضغط وتحقيق المصالح والمحسوبية حتى لا تكون عرضة لتجارب غير بناءة.
د- التزام النائب بطرح الحلول الحقيقية
يقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة" أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة " بتاريخ 2 أذار / مارس 2013: " طرح الحلول الواقعية للتقدم للأمام وضمن الإمكانات المتاحة. ويشكل مبدأ المساءلة أحد الأدوات الجوهرية في نظامنا الديمقراطي، ويجب ألا يتم إساءة توظيفه بحيث يتحول لأداة لتمرير مصالح نيابية فردية ضيقة، أو اغتيال الشخصية، أو تعطيل القوانين والبرامج المقترحة بهدف النيل من خصم سياسي. وخلاصة القول، إن تحقيق التوازن الدقيق بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة هو المحك الحقيقي لفاعلية المجالس النيابية القادمة ".
يؤكد جلالته على وجوب مراعاة إمكانيات الدولة، وثوابتها والنظام العام فيها والأعراف المجتمعية، وبالتالي يكون الطرح قابل للتنفيذ لا أن يكون مجرد خطاب استعراضي، كذلك ألا يهدف الطرح إلى تحقيق مصالح فردية ضيقة، وألا يترتب عليه اغتيال الشخصية، فيجب أن تكون الغاية الإصلاح والتقويم لا الاغتيال والتدمير.
ثالثاً : عدم التأخير في إنجاز التشريعات
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الخامس عشر بتاريخ 2 كانون الأول / ديسمبر 2007: " وقد لاحظت في السنوات السابقة أن الحكومة لم تنفذ كل المشاريع والخطط المطلوبة منها، بالرغم من وجود التمويل اللازم لهذه المشاريع. وبالمقابل، كان مجلس النواب يعيق عمل الحكومة بسبب التأخير في إنجاز القوانين والتشريعات الضرورية لتنفيذ خطط الحكومة ومشاريعها. وإنني على يقين، بأن الشراكة بين مجلسكم الكريم والحكومة هي الضمان لتحقيق الإنجازات التي نتطلع إليها لمستقبل الأردن".
يبين جلالة الملك بأن الحكومة لم تنفذ كل المشاريع والخطط المطلوبة منها في السنوات السابقة، بالرغم من وجود التمويل اللازم لهذه المشاريع، وكان مجلس النواب يعيق عمل الحكومة بسبب التأخير في إنجاز القوانين والتشريعات الضرورية لتنفيذ خطط الحكومة ومشاريعها."
ويقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2013 : " هناك تشريعات لابد من تعديلها وتطويرها لتنسجم مع الدستور، وضمن الفترة الزمنية التي حددتها التعديلات الدستورية، لتفادي أي تضارب تشريعي، وهذا يستدعي أقصى درجات التعاون والعمل بروح المسؤولية الوطنية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن أبرزها: قانون محكمة أمن الدولة، وقانون استقلال القضاء، إضافة إلى تشريعات ضرورية للمرحلة الحالية من التطوير السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ونؤكد هنا أهمية التعاون لإنجاز هذه القوانين المحورية التي سيتم بحثها في هذه الدورة."
يؤكد جلالة الملك على مسؤولية مجلس النواب بإقرار التشريعات وعدم التأخير في إنجاز القوانين والتشريعات إذ قد يترتب على تأخير ذلك عدم قيام الحكومة بتنفيذ بعض المشاريع والخطط المطلوبة منها بالرغم من وجود التمويل اللازم لهذه المشاريع وبالتالي فإن الضرورة تقتضي سرعة إنجاز القوانين والتشريعات الضرورية لتنفيذ خطط الحكومة ومشاريعها.
رابعاً : مسؤولية مجلس النواب في الإصلاح الديمقراطي
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية: " تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين " بتاريخ16 كانون الثاني/ يناير 2013: " إن تكوين مجتمع ديمقراطي متقدم هو نتاج التعلّم من التجارب المتراكمة، والجهود المشتركة، وتطويره مع مرور الوقت، ولا يتم ذلك من خلال مرحلة إصلاحية محددة أو جملة إصلاحات واحدة. فالإصلاح الديمقراطي لا يختزل بمجرد تعديل للقوانين والأنظمة، إنما يتطلب تطويرا مستمرا للنهج الذي يحكم الممارسات والعلاقة بين المواطنين، والجهاز الحكومي، والنواب الذين يحملون أمانة ومسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عن المواطنين الذين انتخبوهم. وكما أشرت في الورقة النقاشية الأولى، فإن التزامنا بمبادئ المواطنة الحقة، والاحترام المتبادل، وممارسة واجب المساءلة، والشراكة في التضحيات والمكاسب، والحوار البناء وصولاً إلى التوافق على امتداد مسيرتنا المباركة هي من ضروريات نجاحنا كأمة في مسعاها نحو تجذير الديمقراطية ".
خامساً: مسؤولية مجلس النواب في الحوار الوطني
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 10 شباط/ فبراير 2013: " إن هذا الدور يرتب عليكم مسؤولية كبيرة في أن يكون مجلس الأمة حاضنة للحوار الوطني، بحيث يتواصل مع المجتمعات المحلية والقوى السياسية بنقاشات موسعة، تضمن إيصال آراء الجميع وتضمينها في عملية صناعة القرار، ليستقر في يقين كل مواطن بأن مشاركته السياسية منتجة".
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الخامسة: " تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية" بتاريخ 13 ايلول / سبتمبر 2014: " يقع على كاهل أعضاء مجلس الأمة مسؤوليات العمل بتفان لخدمة الصالح العام، وأن يعكس أداؤهم توازناً بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية، وتوازناً بين مسؤولية التعاون ومسؤولية المعارضة البناءة للحكومة، بحيث تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية لا مصلحية ضيقة، وبما يضمن قيام مجلس الأمة بدوره كحاضنة أصيلة للحوار الوطني الديمقراطي ".
سادساً: جلالة الملك يوجه مجلس النواب بتطوير مدونة سلوك ملزمة
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 10 شباط/ فبراير 2013: " إن دور مجلس النواب في الحكومات البرلمانية، يتطلب منه الإسراع في تطوير نظامه الداخلي، لمأسسة عمل الكتل النيابية، ودعم فعالية المجلس، كما ينبغي للمجلس تطوير مدونة سلوك ملزمة، يتعهد النواب من خلالها بممارسات نيابية إيجابية، تعزز دورهم التشريعي والرقابي، وتجعل أساس علاقتهم بالحكومة التنافس على خدمة الصالح العام، وليس المكاسب الشخصية المحدودة، ونبذ الواسطة والمحسوبية ".
وقد صدرت مدونة السلوك النيابية لمجلس النواب سنة 2015 وتهدف المدونة إلى تنظيم الأداء النيابي وترسيخ مبادئ الديمقراطية وقيم المواطنة وإيثار الصالح العام وتعزيز مفهوم المسؤولية النيابية والمساءلة الذاتية، والتعامل مع الجميع بموضوعية وتعزيز ثقة المواطن بالمجلس وتعزيز قيم الوحدة الوطنية وتجنب التحريض وإثارة الفتن وكل ما من شأنه المساس بأمن المجتمع واستقراره واحترام الحقوق المدنية والسياسية.
وقد رتبت مدونة السلوك مجموعة من الالتزامات على النائب، تتمثل بالالتزام بالدستور والتشريعات النافذة واحترام المجلس وعدم الإساءة إلى سمعته وهيبته، والدفاع عن حقوق المواطنين، وتجنب الواسطة والمحسوبية إلا إحقاقاً لحق أو رفعاً لظلم، واحترام وجهات النظر السياسية للآخرين وغير ذلك من الالتزامات كما تضمنت مدونة السلوك ضرورة مراعاة تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وعدم تبني أي موضوع فيه جر منفعة، وعدم التستر على أي فساد أو ظلم من شأنه أن يلحق الضرر بالوطن والمواطن ويلتزم النائب كذلك بحضور جميع جلسات المجلس واجتماعات اللجان، وإذا اضطر للمغادرة وجب الاستئذان، كذلك الالتزام بعدم حمل أي نوع من الأسلحة داخل أروقة المجلس أو في الساحات أو القاعات التي تعقد فيها جلسات المجلس.