من يوفر «علَم ملاحة».. لأسطول الحرية الـ«عالق»؟

محمد خروب

نجحت الضغوط الصهيوأميركية/الغربية, في إفشال عملية إبحار أسطول الحرية, نحو شاطئ قطاع غزة, بهدف كسر الحصار والتضامن مع أهالي القطاع الفلسطيني المنكوب, ورفضاً وإدانة لحرب الإبادة والتجويع والتهجير, التي يشنّها حلف الشر الصهيواميركي على الشعب الفلسطيني. بعد استكمال كافة الإجراءات القانونية واللوجستية, رغم ما شابها من عرقلة وتعقيدات بيروقراطية غير متوقعة من قبل السلطات التركية, هدفت من بين أمور أخرى إلى شراء الوقت وتأخير إنطلاق هذه التظاهرة الدولية التضامنية, بمشاركة نحو من ألف شخصية حقوقية. مُتطوعون ونشطاء سياسيون ومنظمات غير حكومية وأطباء ومهندسين وأساتذة جامعات, فضلاً عن برلمانيين ورجال صحافة وإعلام, علماً أن المشاركين يحملون جنسيات «30» دولة. كما أن سُفنه «الثلاث» التي كانت ترسو في ميناء «توزلا» جنوب اسطنبول, كانت تستعد للمغادرة يوم الجمعة الماضي.

ائتلاف المنظمات غير الحكومية والجمعيات، ندّد في بيان، بـ«العقبات الإدارية» التي تمنع الأسطول من الإبحار بعد أن سحبت غينيا بيساو «علَمَها»، مُعتبراً أن الأخيرة «متواطئة» مع إسرائيل، وأضاف البيان: «أبلغ السجل الدولي للسفن في غينيا بيساو، في خطوة «سياسية» صريحة، ائتلاف أسطول الحرية أنه «أزال» علم غينيا بيساو عن اثنتيْن من سفن الأسطول، بما في ذلك «سفينة الشحن» المحملة بأكثر من 5000 طن من المساعدات الحيوية للفلسطينيين في غزة».

ثمَّة في الفقرة أعلاه من بيان «التنديد», ما يفضح «ثلاثة» أطراف بوضوح, هي «تركيا» عند إشارته إلى «العقبات الإدارية». أما الثاني فهي دولة العدو الصهيوني, فيما تظهر الدولة الافريقية الصغيرة المُشاطئة للمحيط الأطلسي المُسمَّاة «غينيا بيساو». ذات السكان الذين لا يزيد عددهم عن مليوني نسمة, والناتج المحلي الإجمالي لها «لا» يتعدّى مليار ونصف المليار دولار, بل الأهم أن غالبية سكانها يُدينون بالإسلام.

يمضي البيان قدماً في كشف حقائق عديدة, تؤشر من بين قضايا أخرى, إلى حجم التواطؤ والضغوط التي مُورست في أكثر من إتجاه وعلى أكثر من عاصمة وجهات, معنية بإحباط تظاهرة تضامن عالمية مع قطاع غزة, وما ستأتي به من «عوائد» سياسية وإعلامية تفضح السردية الصهيوأميركية, عن «حق» إسرائيل في الدفاع عن نفسها, وتسهم في إطاحة الرواية الصهيونية التي تزعم أنها تواجه «إرهاباً فلسطينياً».

أشار الائتلاف إلى أنه «في رسالته التي تبلغنا بهذا الإلغاء، قدّم السجل الدولي للسفن في غينيا بيساو عدة طلبات غير عادية، من بينها... «تأكيد وُجهة السفن ومحطات التوقف المحتملة وميناء التفريغ»، و«طلبَ» خطاباً رسمياً يُوافق صراحة على نقل المساعدات الإنسانية, وقائمة مُفصلة للشحنة».

وكشفَ المنظمون إنه «في العادة» يكون مثل هذا التدقيق «متعلقاً فقط بالسلامة والمعايير ذات الصلة للسفن التي ترفع علمها»، ولا يهتم بـ«الوُجهة أو خط سير الرحلة أو قوائم الشحن أو طبيعة الرحلة». لافتاً/الائتلاف: «للأسف، تواطأت غينيا بيساو في المجاعة الإسرائيلية المُتعمدة والحصار غير القانوني والإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة».

هي إذن مؤامرة موصوفة مُكتملة الأركان, ليس صعبا كشف الأطراف «الثلاثة» التي أسهمت في سحبِ «عَلَمِ الملاحة» لغينيا بيساو, عن سفينتين من السفن الثلاث التي يتشكل منها أسطول الحرية’ خاصة أن سفينة الشحن الرئيسية تحمل خمسة آلاف طن من المساعدات الحيوية إستغرق تحميلها وقتاً طويلاً, على نحو بات صعباً, ليس فقط إعادة إنزالها ثم تحميلها على سفينة أخرى, بل خصوصاً صعوبة إيجاد سفينة كهذه, ناهيك عن صعوبة أكثر في إيجاد «علم ملاحة» لدولة أخرى, يمكن أن توافق على منحه بعد كل ما جرى. في وقت قد لا توافق «تركيا», على إبحار الأسطول بعد كل التعقيدات «الإدارية» التي قامت بوضعها, ما أسهم في تأخير الإبحار, ومنح العدو الصهيوأميركي وقتاً إضافياً لإفشال الرحلة, وهو ما حصل فعلاً.

أين من هناك إذاً؟

قالت القناة 12 الصهيونية، بأن جيش العدو أجرى تدريبات مكثفة استعداداً لمواجهة مع أسطول الحرية واحتمال السيطرة المُسلحة على سفينة «مرمرة 2» كما حدث العام 2010. أمَّا ردود الفعل لدى المُشاركين فقد لخَّصتها المحامية والناشطة الحقوقية/الأميركية/الفلسطينية هويدا عرّاف بالقول: إن الناشطين الذي سيشاركون في الرحلة, يدركون أن إسرائيل يمكن أن تهاجم الأسطول، مشيرة إلى أنه سيتم تدريب المشاركين على «المقاومة غير العنيفة».

من أسف تم «وأد» الرحلة في الميناء التركي, ولم تُبحر أيّاً من سفنه الثلاث, فيما لم تبذل اي دولة جهداً ولو بسيطاً لإقناع غينيا بيساو بالتراجع عن قرارها, ناهيك أن تركيا بلد «الإنطلاق» لم تبدِ حماسة لإنقاذ رحلة «مرمرة/2».

** إستدراك:

دعا عشرون نائباً في الكونغرس إدارة بايدن، «لمُمارسة الضغط» على الرئيس التركي/إردوغان، لمنع انطلاق «أسطول الحرية» إلى غزة، وكذلك «لإنهاء التقييدات التجارية» التركية على إسرائيل. وطالب المُوقعون الرئيس الأميركي بـ«التواصل المُباشر مع الرئيس التركي، والحكومة التركية، لأجل منع أو تأجيل انطلاق الأسطول» كما أفاد موقع «واي نِت» الصهيوني السبت الماضي.