تمكين المرأة والشباب في الحياة السياسية في الأردن
د. اخليف الطراونة
تُمثّل قضية تمكين المرأة والشباب، إحدى أهم مسارات تحقيق التنمية المستدامة، وعنصراً فاعلاً في تقدّم المجتمع وتطوره وازدهاره، ما يقتضي توسيع مشاركتهما الفعلية في صُنع القرار وفي التأثير والمساءلة، والعمل بمبدأ تكافؤ الفرص والعدل والإنصاف في العمل والبناء دون تمييز أو محاباة، ومنحهما حقوقهما الكاملة: اقتصادياً؛ وسياسياً؛ واجتماعياً.
ولقد خطا الأردن، عبر مسيرته الخيرة، خطوات واسعة في هذا المجال، ونالت هاتان الفئتان من المجتمع اللتان تملأ روحهما مشاعر الثقة بالنفس والبذل والعطاء اللامحدود، والتحلّي بالمسؤولية الوطنية والانتماء الأصيل للوطن والأمة في أبهى صورها وتجلياتها، اهتمام وعناية جلالة الملك عبدالله الثاني؛ لإيمانه بقدراتهما على البذل والعطاء والمشاركة في التنمية والبناء.
وليس أدل على وجود إرادة سياسية حقيقية لتمكين المرأة والشباب من ذلك الدعم القانوني والتشريعي المتمثل بالدساتير والقوانين التي تضمن المساواة وحقوق كل منهما؛ بهدف تعزيز مشاركتهما في الحياة السياسية؛ وتشجيع الأحزاب السياسية على تخصيص نسب مؤكدة من النساء والشباب في هياكلها الإدارية؛ وتوفير الفرصة لهما للترشح في الانتخابات البرلمانية.
كما أُضيفت الفقرتان (٦، ٧) للمادة (٦) من الدستور؛ ونصهما:
الفقرة ٦: «تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز».
الفقر٧ونصها: «تكفل الدولة ضمن حدود إمكانياتها تمكين الشباب في المساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنمية قدراتهم ودعم إبداعاتهم وابتكاراتهم، وتعزيز قيم المواطنة والتسامح وسيادة القانون».
ومن صور تمكين المرأة والشباب؛ وتشجيعها على المشاركة الفاعلة؛ إنشاء برامج دعم وتمكين للنساء والشباب الراغبين في دخول المشهد السياسي؛ وتعيين العديد من الشباب والنساء في الوزارات الرئيسية والدوائر الحكومية.ونستذكر هنا- على سبيل المثال وليس الحصر- تولي الشابة «رزان النجار» منصب رئيسة بلدية لواء الرمثا في عمر الـ ٢٥ عاماً. وانتخاب المهندسة رنا الحجايا رئيسة بلدية الحسا عام 2007. و تعبين السيدة رابحة الدباس (حاكماً إدارياً) محافظ جرش عام 2010 وبعدها وزيرة للشؤون البلدية والقروية وغيرهن الكثير ممن تبوأن مراكز قيادية وسياسية واقتصادية وأكاديمية مختلفة، إضافة الى تعيين عدد كبير من الشباب منذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وزراء في الحكومات المتعاقبة أو انتخابهم في المجالس النيابية المتتالية أو في البلديات ومجالس المحافظات.
ولا بدّ من الإشادة أيضاً بالمبادرات غير الحكومية التي تسهم في تمكين المرأة والشباب، مثل: «مبادرة تحسين المشاركة السياسية للمرأة التي تقدم دورات تثقيفية وورش عمل للنساء لزيادة معرفتهن بالسياسة وتنمية مهاراتهن القيادية. وهناك أيضاً مشروع «تمكين الشباب والنساء في الحوكمة المحلية» الذي ينفذه مركز الملكة رانيا للشباب"؛ بهدف تعزيز دور الشباب والمرأة في صنع القرار على المستوى المحلي.
ستظل جهود تمكين المرأة والشباب على الصُعد كافة: السياسية؛ والاقتصادية؛ والاجتماعية؛ والثقافية، عناوين مهمة لتحقيق ما نصبو اليه في بلدنا الحبيب من تنمية مستدامة وتطور وازدهار، وتكافؤ الفرص، والمساهمة في معالجة مشكلتيْ الفقر والبطالة والتهميش.