الأغنية الأردنية في الزمن الجميل

محمود كريشان

من عمَّان التي هي المحبوبة.. وهي أجمل الأسماء، وهي درة الحاضر، وهي قدوة الشعب، وهي حصن العروبة، وهي زمن الحب الجميل، وهي بلاد الفتح والدرة الهاشمية، وهي مواطن الذكريات، وهي غابات الإسمنت، وهى السيف المسلول، وهي أخيرا الحلم الجميل الذي تحقق بالمشاركة والملامسة.

زمن بريف العين غزلوه.. كانت فيه الأغنية الوطنية تحديدا هى الأكثر انتشارا كونها تعبر عن الاعتزاز بالوطن والقيادة والمكان الأردني، ونجحت هذه الأغنية فى التعبير عن أشواق الأردنيين تجاه وطنهم وأمتهم، فمع نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات بدأت تتضح ملامح وهوية جديدة للأغنية الأردنية نتيجة ظهور بعض المطربين والملحنين الذين تأثروا بالغناء والأغنية المصرية من هؤلاء المطرب والملحن محمد وهيب صاحب أغنيات «ممنوع الحب، كيف أنام الليل يا سليّمة، شيلي هالنظارة» الذي درس الموسيقى فى القاهرة على أيدى كبار الفنانين المصريين، وساهم فى تأسيس الإذاعة الأردنية فى رام الله وبعدها فى عمَّان.

وأيضا الملحن الكبير توفيق النمرى الذى كان يذهب وهو طفل إلى الجيران الذين يمتلكون مذياعاً ليستمع لأغاني محمد عبد الوهاب الذي تأثر فيه وحفظ أغانيه، وكان يرددها فى كل مكان، وانعكس هذا على تلحينه، فقدم مجموعة رائعة من الأغنيات مثل « «سحر الجنوب، ووادي السلط، قلبي يهواها، مرحى لمدرعاتنا، والله لاتبع محبوبي، ضمة ورد».. وأيضا جميل العاص أحد أعمدة التلحين فى الأغنية الأردنية، وزوجته المطربة سلوى العاص صاحبة أغنيات «وين ع رام الله، وش هالغزال، لحمل بيدي جوز فرود».

كان للإذاعة الأردنية دور بارز فى نجاح كثير من الأصوات الأردنية منهم إسماعيل خضر صاحب أغنيات «أنا من العقبة، أنا الأردن، بلدى عمَّان، عمَّان هالمحبوب»، الذى كان يغـني فى بدايته للموسيقار الخالد فريد الأطرش وللمطرب محمد عبد الوهاب، وبقي مقلدا للآخرين حتى عام 1962 عندما قدم أول أغنية خاصة به وكانت بعنوان «على جناح الطير لابعث سلامي وأقول يا مسا الخير أول كلامي طولتوا علينا كثير وبتقولوا بكير» تلك الأغنية التى كشفت عن كنز فني أردني ثمين فى بداية الستينيات من القرن الماضي حيث ذاعت وانتشرت تلك الأغنية الأردنية فى الإذاعات العربية قاطبة، ومنها بالذات المصرية، وكان جمهور المستمعين يترنم بتلك الكلمات الحلوة والألحان العذبة التى وضعها الملحن المعروف جميل العاص.

جدير بالذكر أن خضر صاحب أغنية «يا طير يا طاير» التي غناها في السنوات الأخيرة المطرب محمد منير وكتب عليها إنها من الفلكلور، ثم أعلن صراحة فى مهرجان الأردن الغنائي فى العام 2009 ، أن الأغنية لفتت نظره ، وقرر أن يغنيها بعدما حصل على إذن من صاحبها. وأكد على هامش مشاركته أن خضر «لو وجد من يدعم إنتاجه وقت انطلاقته الفنية لكان له مكان واسع بين المطربين العرب الكبار، نظراً إلى ما يتمتع به من لمعة فى الصوت وحلاوة فى الأداء».

ومن الأصوات التى انطلقت مع خضر أيضا المطرب فهد نجار الذى تميز بصوت فيه بحة محببة إلى النفس، وقدم الكثير من الأغانى من أشهرها «على جناح الطير» و «مقدر أقول لك»، ولا يمكن ونحن نتحدث عن الجيل الذهبي للأغنية الأردنية أن ننسى أغاني ميسون الصناع، وشكري عياد ، وشارك المطرب الأردنى عبده موسى بالغناء مع العندليب عبد الحليم حافظ، فى قاعة «ألبرت هول» الملكية في لندن في أمسية واحدة فى عام 1967.

إذا.. هو الأردن الذي يحلو له الغناء القشيب، ويزهر اللحن العذب وتتأنق الكلمة الحلوة.. لـ»عمَّان».. عاصمة بلدنا.. هذا المملكة الأردنية الهاشمية.. للقائد المفدى.. للجيش العظيم.. للمكان والإنسان و: سَكَنْتُ عينيكِ يا عمَّان فالتفتَتْ.. إلِيَّ مِن عَطَشِ الصحراءِ أمْوَاهُ وكأسُ ماءٍ أوَانَ الحَرِّ ما كَذَبَ.. ألَذُّ مِن قُبَلٍ تاهَتْ بِمَنْ تاهوا.

Kreshan35@yahoo.com