ما بين المرشحين والناخبين بالانتخابات

بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.                                

ها نحن على أبواب الإنتخابات النيابية للمجلس النيابي العشرين حيث سترتفع في هذا الموسم  وتيرة الكذب والنفاق والإبتزاز من قبل المرشحين والناخبين والوسطاء الذين يدخلون بينهم . 

كنت اجلس مع مجموعة من الأصدقاء والأقرباء وطلب مني أحدهم بأن أنصح أحد المرشحين بأن لا ،، يتوهرف،، بالنزول للإنتخابات كون فرصته بالنجاح ضئيلة،  فقلت له : وهل نصيحتي له ستفضي إلى نتيجة ما ؟ وهل سيقبلها بصدر رحب وسيعدل عن ترشيحه ؟ وأثناء حوارنا تلقى صديقي الناصح اتصالا هاتفيا من أحد المرشحين يطلب فيه منه الدعم والمؤازرة،  فأجابة صديقي بجواب بأنه الداعم والمؤازر له من خلال كلمة،،، أبشر ولو انت عزيز وغالي علينا،،، ثم تلقى إتصالا أخرا من مرشح بنفس الدائرة وكان الجواب هو منه ذاتة ،، ابشر بالفزعة  ولو،،،عندها قلت له لماذا تنصحني ولا تنصح نفسك ! لماذا لا تكون صادقا في تحديد موقفك وتعلن بصراحة  عن مرشحك على صفحاتك.            


 قال لي صديقي أن الاتصال الأول كان  من جهة مرشح مخاوله والثاني كان من جهة مرشح أبناء عمومته وإن لم يتصرف معاهم  هكذا  فإن أخواله وأعمامه  سوف يزعلون  منه ويأخذوا منهم مواقف سيئة ويزعلون منه. ثم بعد ذلك إتصل عليه شخصا ليس مرشحا وقال له أنه يريد أن يشجعه على الوقوف مع أحد  المرشحين والذي ينوي زيارته إلى منزله زيارة إطمئنان ومودة ومشاورة منه .                                  


كلنا يعرف أن إعلان الموقف الصادق والصريح  بالإنتخابات النيابية صار جريمة مجتمعية  بالنسبة للمرشحين الأخرين ولكل من يؤازرهم ، وكلنا يعلم بأن هناك مرشحوا الحشوات الذين قبضوا أثمان ترشحهم،  وكلنا أيضا يعلم أن هناك أعداد كبيرة من السماسرة الذين سوف يتكسبون ماليا من وراء هذه الإنتخابات التي أفرزت  لنا نوابا إما صامتون أو جهويون أو متكسبون وأصحاب مصالح شخصية.                            

 لم أسمع على مدى 35 عام من معاصرتي للإنتخابات النيابية أن هناك نائبا واحدا كان يرجع لقاعدته التي انتخبته ليحسم أمره في التصويت على القوانين أو في إعطاء الثقة للحكومات أو الموازنات أو حتى باتخاذ المواقف السياسية والإدارية.                          نحن من يجعل المرشح الساقط يتوهرف و يسقط من خلال عدم صدقنا بمواقفنا ، ونحن من يجعل المال الأسود يسود ويفرز لنا نوابا دفعوا أثمان نجاحهم بحيث لا نستطيع أن نفرض عليهم أن يؤدوا أمانتهم التي تعهدوا لنا بها وذلك سببه كونا سكتنا عنهم  .                                  

 في هذا الموسم سيكون هناك مرشحون للأحزاب السياسية التي فصلت تفصيلا دقيقا من أجل أن تنجح الحياة الحزبية  بالوطن ،  فمن كانوا وزراء بالحكومات أو مسؤولين بالدولة     ولم يقدموا للوطن  والشعب شيئا إبان خدمتهم كوزراء ومسؤولين بالدولة سوى عجز  مرتفع بالموازنات وتمرير  للقوانين المجحفة والإتفاقيات الظالمة بحق الوطن والتي فرضت علينا من قبل صندوق النقد الدولي ، وكانوا هم سبب في فرض الضرائب المجهولة الإسم والمعروفة بالجباية القسرية وهي نتاج وخلاصة سيرتهم ومنجزاتهم  بالحكومات التي شاركوا بها .                       

 من خرج يوم أمس من باب الحكومات بالتعديلات عاد إلى إلينا اليوم من شبابيك الأحزاب كأُمناء عامين يتصيدون الوجهاء والمتقاعدين  العسكريون  والشخصيات الأكثر شعبية في مناطقهم من أجل أن يبقوا ضمن دائرة الحصانة والغنى والمنفعة والمسؤولية ، لا بل إن بعضا من هؤلاء الأمناء والمرشحين قد أصابت صحائفهم الذاتية حمى الجرائم المالية والجنائية ولكنهم بيّضوها وعادوا إلينا بصكوك غفران من المحاكم النظامية ،  وصار التطرق لماضيهم خيانة للوطن وجريمة إلكترونية  والتكلم عنهم منبع فتنة بين الشعب .                        

 وأخيرا وليس أخرا  أود أن أنصح بعض الأصدقاء والأقرباء المترشحون للانتخابات النيابية واذكرهم بأن هناك نوابا كانوا قد فازوا بالمقعد النيابي  ولكنهم  بعد نجاحهم ذهبوا للقبور للقاء ربهم ، فماذا استفادوا من إطلاق الوعود الكاذبة أو الغش والخداع للوطن .                           

وأَخر القول فإنني أقول  تذكوروا أن الله تعالى  قال في محكم كتابه(وقفوهم فإنهم مسؤولون ) ولسوف نسأل عن مسؤولياتنا العامة عن الوطن  أمام الله تعالى يوم الموقف العظيم ، ولسوف نسأل عن أصواتنا أيضا  لمن اعطيناها إذا كانوا لا يستحقونها .