فقر التعلم
رمزي الغزوي
قبل أيام بعضُ الأحاديث إلى المدارس وأحوالها، أو وأهوالها، في قراءة أكثر دقة، وأوقفتنا مشدوهين عند ملاحظة أن كثرة من طلابنا ما عادوا يرون مدارسهم مصدرا للبهجة أو محلا للشغف أو سببا للسعادة، وربما هذا ما يبرر غياباتهم عنها، ورجاءهم عطلات طويلة وكثيرة تريحهم منها.
في الجلسة أخبرنا صديق أن مدارس عديدة في مدينته أقفرت من طلبتها قبل أسبوع من عيد الفطر، عدا عن أن دوامهم في رمضان كان «سكرا خفيفا»، فيما قال صديق ثان إن معلمة طفلته ابنة الصف الثالث الأساسي اتصلت به وفي صوتها نبرة لوم وعتب أن الصف فارغ إلا من ثلاث طالبات، وأن كان عليهم ألا يجشِّموها عناء المجيء.
جعلتنا هذه الملاحظة نتساءل إن كان ذلك حال بعض مدارس الإناث فكيف هي أهوال مدارس الذكور؟ لاسيما بعد أن راج وشاع أن دوام بعضها في رمضان كان صادماً من حيث تدني نسبة الطلبة الحاضرين. بالطبع نحن لا نستطيع التحقق من كذب/ صدق هذه الملاحظات، وهنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم لتتابع وتتحقق إن أرادت. فالحق مع الناس أن يقولوا ما يريدونه، وعلى المسؤول أن يتأكد؛ ليعالج المسيرة إن وجد فيها عوجا أو قصورا.
ملاحظة كبيرة لم نستطع هضمها، وهي أن غالبية طلبة الثانوية العامة لا يواظبون على الدوام في مدارسهم. فكل منهم لديه «بطاقاته» ومعلموه من أكاديميات خاصة كبرى على ما يبدو أنها سحبت البساط من تحت أقدام الوزارة، ليس في الثانوية العامة بل في كل المراحل إذ لديها بطاقات تدريسية مدفوعة الثمن لكل الصفوف والمواد، مما يعني أن دور المدرسة آخذ بالتلاشي والاضمحلال.
ذكّرت الأصدقاءأن ترتيب الأردن 75 في نتائج الامتحانات الدولية المعروفة باسم «بيزا» للعام 2023 من أصل 81 دولة مشاركة من العالم. وأننا حصلنا على علامة 361، في حين حصلت الدولة الأولى في العالم، سنغافورة، على 573. وأن «الفقر في التعلم يتجاوز 60 %.
وبعد أن أوضحت للأصدقاء أن ذلك الفقر يعرف بأنه إخفاق طالب الصف الرابع الأساسي في قراءة واستيعاب صفحة مكتوبة ثم التعبير عما استوعبه كتابة؛ ضحك صديق يعمل مدرساً في ثانوية حكومية، وأقسم أن في مدرسته طلبة في الصفوف العاشر والتاسع والثامن لا يستطيعون فكَّ الخط أبداً.
البعض يرجع سبب تدهور التعليم لدينا والذي كان علامة فارقة لبلدنا إلى جائحة كورونا، وازدحام المدارس، وبعضهم يرى أنه لم يحدث إلا عقب إنشاء نقابة المعلمين. وهذه الملاحظة الأخيرة تحتاج إلى دراسة معمقة لنتأكد منها، علنا نستطيع أن نتدارك الحال قبل أن تسقط في الأوحال أكثر وأكثر.