"براً بأمنا الأرض": البشرية أمام تحديات انقاذ الحياة
أيقنت البشرية منذ عقود أنها ألقت بأحمال تدميرية ثقيلة على الأرض، فتداعى العالم لمواجهة تبعات التصنيع التي غيّرت في المناخ حتى باتت الحياة على الأرض تنذر بنا هو أصعب، وباتت البشرية مضطرة لمراجعةٍ شاملةٍ لكل الممارسات الصناعية والزراعية، والعمرانية، والبحث في البدائل الأقل ضرراً في مسعى لإعادة التوازن الطبيعي لكوكب الأرض.
ولعل التذكير بما أصاب الكوكب من اختلالات بمناسبة اليوم الدولي للأرض، خاصةً خلال القرنين المنصرم والحالي، يحتم على العالم التصدي لكل السلبيات التي خلّفتها الثورة الصناعية والزراعية والحد من سيل الأضرار الكبيرة التي لحقت بالإنسان والحيوان والنبات.
يقول وزير الزراعة المهندس خالد حنيفات إن من الأسباب التي تُضاعف التصحرَ، هي الزراعة المفرطة، أو الزراعات التي تفوق قدرة التربة على الوفاء بالاحتياجات من العناصر الغذائية الضرورية، إضافة إلى الإفراط بعمليات إزالة الغابات، والرعي الجائر، والأنشطة البشرية التي تعمل على تلوث المياه والهواء والتربة.
وأشار الى أن الوزارة نفذت الخطة الوطنية للزراعة المستدامة 2022-2025 الهادفة الى تحسين الظروف المعيشية للمزارعين وزيادة انتاجية القطاع الزراعي، وتحسين كفاءة استخدام مياه الري، وتعزيز الاستثمار والبنية المعرفية في مجال التكنولوجيا الحديثة في قطاع الزراعة وزيادة انتاجية المتر المكعب من المياه من خلال مشاريع صيانة الينابيع وقنوات الري.
كما نفذت الوزارة عددا كبيرا من مشاريع التحريج المستدام مثل انشاء غابة اليوبيل الفضي / القطرانة، ومشروع تحريج الطريق الصحراوي ومداخل المحافظات والتحريج باستخدام تقنيات زراعية، وتحريج الأراضي الجرداء باستخدام تقنية الشرنقة الذي طبق في كل من اربد/ الكورة، وبني كنانة وجرش، وعجلون إَضافة الى مشاريع الحصاد المائي، مشيرا الى إجراء دراسات لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في حماية وتنمية الغابات وعمل جرد للغابات وإنشاء مجمعات نباتية ضمن الأقاليم المناخية في المملكة.
المختص بأمراض وصحة النبات في جامعة العلوم و التكنولوجيا الدكتور فراس ابو السمن أشار الى أن الاعتماد الكبير على المبيدات الكيماوية من أجل القضاء على مسببات الأمراض والآفات الحشرية، أدى الى كارثةٍ بيئيةٍ تمثلت بتلوث جميع مكونات البيئة من ماء وهواء وتربة إضافة الى قتل الغالبية العظمى من الأعداء الحيوية الطبيعية، بصفتها " كائنات حيه تتطفل على الكائنات الضارة و تقضي عليها"، موضحا أن الاستخدام المفرط للأسمدة الكيماوية أدى الى تدهور الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة.
وأوضح أن كثيرًا من مشاكل "أُمِنا الأرض كانت من صنع يد الانسان وسوء إدارته لموارد الأرض"، مشيرا الى التلوث البيئي بالغازات الناجمةِ عن النشاطات الصناعية، والزراعية، و الاعتماد الكبير على الوقود الأُحفوري ناجم عن زيادة نسب هذه الغازات في الغلاف الجوي ما تسبب بالاحتباس الحراري (تأثير الدفيئة)، وما رافق ذلك من ارتفاع في درجة حرارة الأرض.
بدوره، قال الاستاذ المشارك في مجال المناخ والدراسات البيئية الجغرافية في جامعة مؤتة الدكتور عمر فرحان السقرات، "مهما اختلفت المفاهيم وتنوعت الاهتمامات فإن كلا مفهومي (التصحر والجفاف) يتشاركان في خاصية إضعاف القدرة الحيوية للأرض؛ فالتصحّر ظاهرة بيئية ترسخت وفرضت نفسها على الواقع نتيجة لظاهرة مناخية ناجمة عن عبث بشري وممارسات خاطئة في استغلال موارد الأرض.
وأوضح أن كثيرا من علماء البيئة يرون أن التصحر والجفاف عمليتان متلازمتان، فالجفاف ناتج عن التذبذب السنوي في الهطول المطري في المكان، وتكراره في المكان نفسه ينهك قواه على القدرة على الانتاج، مبيناً أن ظاهرة الجفاف ظاهرة مناخية متكررة تتأثر بها الأراضي المنتجة وغير المنتجة .
ولفت إلى أن تمادي البشرية في إحداث تغيير في المركب الكيماوي للغلاف الجوي يؤدي إلى تغير مناخي في أنظمة الهطول المطري ، وتكرار لحالات الجفاف خاصة في جنوب الأردن، مؤكدا أنه يمكن مكافحة التصحر والحد منه باتباع استراتيجيات وإجراءات ملزمة على صعيد النظام البيئي.
وشدد على أهمية تحديث القوانين والتشريعات الناظمة للتعامل مع عناصر النظام البيئي من خلال التقليل قدر الإمكان من استخدام الطاقة التقليدية واستبدالها بالطاقة المتجددة كما في وسائل النقل الحديثة التي تعمل بالطاقة الكهربائية.
بترا - رانا النمرات