الاقتصاد الأردني في الربع الأول 2024

عوني الداوود 

بتاريخ 5 كانون الاول 2023 كتبت مقالا في «الدستور» بعنوان (الاقتصاد الأردني بين «ربعين»!) قاصدا الربع الاخيرمن 2023 والربع الاول من 2024 لأهميتهما مع نهاية موازنة وبداية أخرى، وتأثير مؤشرات الربعين على فرضيات موازنتي 2023و 2024.. بسبب التداعيات الاقتصادية للعدوان على غزة. 

اليوم، ومع انتهاء الربع الاول من عام 2024، وظهور عدد من المؤشرات الاقتصادية من المهم اجراء مراجعة لأهم المؤشرات والتعرّف عمّا اذا كنّا لا زلنا نسير في الطريق الصحيح والى أين نتجه في هذه الظروف، آخذين بعين الاعتبار ما يلي: 

1 - طول أمد الحرب التي بدأت في7 اكتوبر/ تشرين الاول وهي اليوم في يومها الـ(199).

2 - توسع رقعة الحرب بصورة أو بأخرى بدءا من الجنوب اللبناني- بعد غزة والضفة - مرورا بالاراضي السورية وكذلك العراقية، ثم الحوثيين في اليمن، وانتهاء بتبادل الضربات بين ايران واسرائيل مؤخرا والتي زادت من حدّة الاضطراب والسخونة في الاقليم، لينعكس كل ذلك على اقتصادات المنطقة والعالم وليس الاقتصاد الاردني عن كل ذلك ببعيد. 

- الاقتصاد الاردني تجاوز «الأخطار الكبرى» التي كان من الممكن أن يتعرّض لها في مواجهة تداعيات الحرب على غزة، ساعده في ذلك «خبرة تراكمية» منذ مواجهة تداعيات «جائحة كورونا « ثم تداعيات «الحرب الروسية الأوكرانية»، متسلّحا -الاقتصاد الاردني- بالتحوّط والجاهزية والمنعة بسياستين مالية ونقدية حصيفتين، حافظ من خلالهما على منعته واستقرار عملته «الدينار الأردني» في وقت انهارت فيه عديد من الدول الاخرى -غير النفطية في الاقليم والعالم، واستطاع الاردن أن يحقق أقل نسبة «تضخّم» في الاقليم وربما العالم - من بين الدول المستوردة للنفط.. كل ذلك تحقق بشهادات دولية كان آخرها تقرير «صندوق النقد الدولي»، تلاه تقرير جديد للبنك الدولي «خلاصتهما أن» الاقتصاد الأردني أظهر مرونة وسط صدمات خارجية متتالية». 

نحن لا نعني أبدا أن الاقتصاد الأردني لم يتأثر بالحرب على غزّة، ولا نقول إن المؤشرات الاقتصادية تحسّنت وأننا لا زلنا قادرين على تحقيق فرضيات موازنة 2024 كما هي، أبدا.. ولكن بعد انتهاء الربعين: الأخير من 2023 والأول من 2024، من المهم أن نرصد المؤشرات التالية لنرى بوضوح على أي أرض نقف، والى أين نتجه: 

1 - رغم أن القطاع السياحي الأكثر تأثرا - سلبيا- بالحرب على غزة، الاّ أن الدخل السياحي نهاية 2023 حقق (7.4 مليار دولار) بارتفاع نسبته (27.4 %)، مدفوعا بارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى 6 ملايين و 353.8 ألف سائح، وبنسبة نمو بلغت ( 25.8 %).

- أضف الى ذلك - ورغم تراجع السياحة بكافة قطاعاتها- بسبب استمرار العدوان على غزة فقد كانت مؤشرات السياحة للعام 2024 تشيرالى أنّ الدخل السياحي حققّ (554 مليون دولار) خلال كانون الثاني 2024، كما ارتفع الدخل خلال الشهرين الماضيين بنسبة 4.5 %.

بمعنى أن القطاع السياحي تضرّر كثيرا، لكنه لا يزال قادرا على خلق بدائل لتحقيق ايرادات في مقدمتها السياحة الداخلية والسياحة العلاجية. 

2 - معدل النمو بلغ نحو ( 2.6 %) عام 2023، وفرضيات موازنة 2024 تتوقع نسبة (2.6 %)، ومع ذلك فقد لفت البنك الدولي في آخر تقاريره لاحتمال أن ينخفض معدل النمو الى 2.5 % هذا العام 2024 بسبب تبعات العدوان الاسرائيلي على غزة. 

3 - لا زالت أكثر القطاعات الاقتصادية تضرّرا وتأثرا هي: السياحة والتجارة والاستثمار والنقل، خصوصا مع تداعيات ما يجري عند باب المندب والبحر الاحمر والتأثير السلبي على (النقل البحري) وارتفاع كلف الشحن والتأمين وتأثر (النقل البري- الشاحنات)، ومؤخرا تأثر (النقل الجوي) وحركة الملاحة الجوية والطيران بعد الضربات المتبادلة بين ايران واسرائيل. 

4 - هناك تراجع في مؤشرات وتحسن في أخرى مع نهاية 2023 وخلال الربع الاول من 2024 منها:

- انخفاض مساحات الأبنية المرخصة خلال الشهرين الأولين من هذا العام. 

- ارتفاع معدل التضخم بالربع الأول. 

- انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من 2023 الى (2.3 %).

- انخفاض معدل البطالة إلى (21.4 %) خلال الربع الأخير 2023. 

- ارتفاع الصادرات الوطنية بنسبة (1.2 %) وانخفاض المستوردات بنسبة (19.7 %) في كانون الثاني 2024.

- إجمالي الاحتياطات الأجنبية بلغت نهاية آذار 2024 نحو ( 18.6 مليار دولار).

- ارتفاع موجودات صندوق استثمار أموال الضمان إلى (14.9 مليار دينار) نهاية 2023.

** باختصار: الاقتصاد الأردني يواصل الصمود رغم التحديات، ويعزّز منعته بتحوط تخزيني للأساسيات (الغذاء -الدواء -الطاقة -والمياه) وإجراءات حكومية متواصلة خلال رمضان وبعد رمضان، واحتياطات المركزي واستقرار الدينار.. وغير ذلك من عوامل الاستقرار الاقتصادي الذي يمثل قوة للأردن، وقوة الأردن وصموده قوة للأشقاء الفلسطينيين وصمودهم البطولي.