ما هكذا تتم حماية الأردن

بلال حسن التل 

لا يجادل مخلص في أن وطننا الأردن مستهدف ومهدد، من مصادر تهديد متعددة، ونفي وجود هذه التهديدات، أو التقليل من أهميتها لا يلغيها، بل يخدمها من خلال إغماض عيون الأردنيين عنها.

أول هذه التهديدات هي الأطماع التوسعية الصهيونية التي صار الكثير من جوانبها مكشوف ومتعدد، منها تصريحات قادة عسكريين مدنيين صهاينة، ومنها خرائط منشورة يتبناها هؤلاء القادة الصهاينة، تعتبر الأردن جزءا من الكيان الصهيوني، ومنها اجراءات يتخذها كيان الاحتلال للتضييق على ابناء الأراضي المحتلة لدفعهم إلى الهجرة طوعاً أو قسراً إلى الأردن، ومنها الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى لهز مفهوم ومعنى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وكلها اجراءات تأتي من عدو من الثابت أنه لا يحترم لا مواثيق ولا اتفاقيات ولامعاهدات.

وتتزامن التهديدات الصهيونية للأردن مع تهديدات مذهبية تتوارى وراء عصابات تهريب المخدرات والسلاح التي تستهدف المجتمع الأردني وانهاكه من الداخل وسلب إرادته بالمقاومة، قبل الهجوم المباشر عليه. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا أعمى، كما لا يخفى أن هناك دولاً في الإقليم لا ترتاح للأردن وهي غير معنية بامنه واستقراره.

كل هذه التهديدات التي تلوح في سماء الأردن، لايمكن مواجهتها بالثرثرة عبر بيانات فضفاضة، ولا عبر مقالات انشائية مكررة وممجوجة. فما يحتاجه الأردن هو مشروع وطني شامل متكامل، يشد العصب الوطني، عبر عمل تعبوي منظم يرفع الروح المعنوية للأردنيين، ويعيد رص صفوفهم، وسد الثغرات التي يمكن ان يتسلل منها العدو، اي عدو من الاعداء الذين يستهدفون بلدنا.

نعم نحن بحاجة إلى مشروع وطني متكامل هدفه الأول تحصين الأردن فكريا ونفسيا ليتحول كل اردني الى خفير، يحمي ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، فلا يجوز ان نلقي بالحمل كله على اكتافهما، فلا يحوز أن نتحول نحن أيضا إلى عبء إضافي على هذه الأكتاف. بل أنني أعتقد أن قواتنا المسلحة هي اخر الكي الذي يجب ان نلجأ اليه في مواجهتنا لمصادر التهديد لبلدنا.

فقبل ذلك لا بد من مشروع للتعبئة الوطنية من خلال خطاب دولة واضح وناضج، يتم التعبير عنه بخطاب ديني وثقافي وتاريخي تحمله وسائل إعلام موثوقة ومهنية محترفة، بحيث يؤدي هذا الخطاب إلى رفع الروح المعنوية للأردنيين ويشد عصبهم الوطني ويعيد اذكاء جذوة انتمائهم الوطني لرص صفوفهم لتكون قادرة على حماية ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، فهذه أول الخطوات للتصدي لمصادر التهديد المتعددة التي تواجه بلدنا.

إن أول خطوة لتحقيق المشروع الوطني المنشود تتمثل في فتح قنوات التواصل الحقيقي والدائم والمقنع بين الاردنيين ومؤسسات دولتهم المختلفة، حتى ترتفع نسبة ثقة الأردنيين بهذه المؤسسات الى نسبة تقترب من نسبة ثقتهم بقواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية. وهذا يستدعي تطهير الإدارة العامة في بلدنا من الشوائب التي علقت بها خلال السنوات الماضية من ترهل وفساد، ابشع مظاهره الرشوة.

ونظن أن الوقت لم يفت بعد، وأن الخير ما زال كامناً في الأردنيين وهو بحاجة إلى من يستفزه من خلال عمل وطني متواصل ومتراكم، يحمي بلدنا، لتنكسر على صخرته كل مصادر التهديد.