قراءة في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين (6)
بقلم أ.د. أحمد علي عويدي العبادي
كنت قد بدأت في الأجزاء السابقة من هذه الدراسة بيان الرؤية الملكية حول سمات وخصائص التشريعات المتعلقة بالإنتخابات النيابية وعمل مجلس النواب وإجراء الإنتخابات النيابية بنزاهة وشفافية وما هي الضمانات لتحقيق النزاهة والشفافية وكذلك بيان الرؤية الملكية في المشاركة في الإنتخابات النيابية.
في هذا الجزء من الدراسة أبين رؤية جلالة الملك في الفصل والتعاون بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية
خامساً: الفصل والتعاون بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية
أولا: الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية:
يرجع مبدأ الفصل بين السلطات في أصوله التاريخية إلى الفيلسوف «جون لوك» إلا ان المبدأ ارتبط بالفيلسوف الفرنسي «منتسكيو» في كتابه روح القوانين أو الشرائع » الصادر عام 1748م.
ويقصد بمبدأ الفصل بين السلطات، عدم تركيز وظائف الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في يد هيئة واحدة، وإنما توزيع هذه الوظائف على عدة هيئات مختلفة، بحيث تمارس السلطة التشريعية الاختصاص التشريعي، وتقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ القوانين وتتحدد مهمة السلطة القضائية في الفصل في المنازعات بين الاشخاص.
وقد ذهب منتسكيو بأن الشخص أو مجموعة من الأشخاص إذا مارسوا السلطة التشريعية والتنفيذية معاً فإن هذا يشكل استبداد من خلال التنفيذ الجائر للقوانين عن طريق سلطة شرعتها بنفسها، لذلك السبب فإن السلطة القضائية يجب أن تستقل عن السلطة التشريعية والتنفيذية.
فالمغزى الأساسي لمبدأ الفصل بين السلطات هو تحاشي تركيز السلطات في يد شخص أو مجموعة أشخاص ـأو هيئة سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو قضائية، بحيث يحول دون إساءة استخدامها كما يساعد على إمكانية مراقبة ممارسة الصلاحيات من قبل أي منهما.
وقد انطلق منتسكيو من الفكرة الرئيسية وهي:» أن كل انسان لديه سلطة يميل إلى الإفراط في ممارستها إلى أن يجد حدودا لذلك» ويجب ان تحد السلطة »، ويعتبر مبدأ الفصل بين السلطات من أهم الضمانات اللازمة لممارسة الافراد لحقوقهم وحرياتهم، ويذهب الفقه الدستوري إلى ان مبدأ الفصل بين السلطات «يعد المعيار الاساسي في تقسيم الانظمة النيابية المعاصرة»، فعندما يكون الفصل مرناً بين السلطات يكون النظام النيابي برلمانياً وإذا كان الفصل جامداً يكون النظام النيابي رئاسياً.
النظام النيابي البرلماني:
نشأ النظام النيابي البرلماني في إنجلترا خلال القرنين السابع والثامن عشر وعرف بأنه «نظام يهدف إلى إقامة التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى لا تطغى أو تسيطر إحداهما على الأخرى."
وباستقراء طبيعة النظام البرلماني نجد بأن هذا النظام يرتكز على ثنائية السلطة التنفيذية والتي يتفرع عنها وجود رئيس أعلى للدولة ووزارة يمارس من خلالها الرئيس بعض اختصاصاته مع إقرار المسؤولية السياسية لهذه الوزارة أمام البرلمان المنتخب من الشعب، والفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أ. ثنائية السلطة التنفيذية
يرتكز النظام البرلماني على أساس ثنائية السلطة التنفيذية، مما يقتضي الفصل بين منصبي رئيس الدولة ورئيس الوزارة، فرئيس الدولة هو الرئيس الأعلى للدولة ورئيس السلطة التنفيذية في الوقت ذاته، أما رئيس الوزراء فهو رئيس مجلس الوزراء، ويطلق على رئيس الدولة في الأنظمة الملكية «الملك» وفي الأنظمة الجمهورية «رئيس الجمهورية».
السلطة التنفيذية في النظام البرلماني تقوم بها الوزارة باسم رئيس الدولة غير المسؤول ويطلق عليها المسؤولية الوزارية التي تنقسم إلى مسؤولية تضامنية ومسؤولية فردية.
وبذلك يختلف هذا النظام عن النظام الرئاسي الذي يرتكز على اساس شخصية السلطة وبعبارة اخرى فإن رئيس الدولة في مثل هذا النظام يجمع بين رئاسة الدولة والحكومة معاً. ومثال ذلك، الولايات المتحدة الامريكية.
ب. الفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية:
يقوم النظام البرلمان على أساس مبدأ الفصل بين السلطات العامة في الدولة، والذي يعد المعيار الأساسي والمعول عليه في تقسيم الانظمة السياسية، فإذا كانت العلاقة بينهما متوازنة فإن النظام يكون برلمانياً أما إذا رجحت كفة السلطة التنفيذية فإن النظام يكون رئاسيا وإذا كانت الغلبة للسلطة التشريعية كان النظام حكومة جمعية.
والفصل بين السلطات في النظام البرلماني يكون على أساس الفصل المرن والتعاون بين السلطات وليس الفصل الجامد بينهما، مما يحفظ التوازن بين هذه السلطات نظراً للتأثير المتبادل في ممارسة بعض الإختصاصات التي تقوم به كل من هذه السلطات.
2- النظام الرئاسي:
يعد النظام السائد في الولايات المتحدة الأمريكية النموذج الأمثل للنظام الرئاسي، فقد تأثر واضعي الدستور الاتحاد الأمريكي عام 1787، بمبدأ الفصل بين السلطات لذلك فقد تم صياغة أحكام هذا الدستور على أساس الفصل التام بين السلطات ويذهب الفقه الدستوري للقول بأنه أقدم دستور مكتوب في العالم، ويضيف الفقه الدستوري بأنه قد أدخل عليه ستة وعشرين تعديلاً دستورياً كان أخرها التعديل الصادر عام 1975.
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الثانية «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/يناير 2013: (الأنظمة الديمقراطية والنموذج الأردني إن المبدأ الأساسي للديمقراطيات الحديثة يقوم على اختيار الشعب لممثلين ينوبون عنه في اتخاذ القرارات على مستوى الوطن، ومع تطوير مختلف الدول لأنظمتها الديمقراطية، برزت عدة نماذج في تطبيق هذا المبدأ الديمقراطي. ففي الجمهوريات على سبيل المثال، هناك أنظمة رئاسية وأنظمة برلمانية. وفي الأنظمة الرئاسية (كما هو الحال في فرنسا) عادة ما يُخَوَّل الرئيس المنتخب ت?يين حكومة بشكل مباشر، مع اشتراط موافقة البرلمان في بعض الأحيان. وفي الأنظمة البرلمانية (كما هو الحال في تركيا) غالبا ما يتم تشكيل الحكومة من خلال رئيس وزراء يمثل حزب الأغلبية في البرلمان أو يمثل ائتلافا لأحزاب تحظى بالأغلبية.
أمّا في الملكيات الدستورية، وإلى حد شبيه بالأنظمة الجمهورية البرلمانية، فإن الحكومات غالبا ما تُشكل من قبل حزب الأغلبية المنتخب، أو ائتلاف لأحزاب تحظى بالأغلبية في المجلس التشريعي كما هو الحال في إسبانيا وبلجيكا.
إن هناك تباينات عدّة لكل من هذه النماذج، لكن الثابت في الأمر هو أنه لا يوجد وصفة واحدة صحيحة بالمطلق تناسب جميع الدول. فالنظام السياسي لكل دولة يعكس بالمجمل التاريخ والثقافة الخاصة بها. فاليوم، وضمن محيطنا الإقليمي، نرى في مصر وتونس مساع لتطوير الأنظمة الجمهورية، فيما يشكل المغرب والأردن نماذج لملكيات دستورية. وقد تطورت ملكيتنا الدستورية على مدار تسعة عقود، وستستمر في التطور والتحديث، وستكون الخطوة التالية في هذه المسيرة المباركة بإذن الله آلية تشكيل الحكومات."
ولجلالة الملك رؤية في الفصل بين السلطات وتالياً أهم ملامح هذه الرؤية:
الفصل بين السلطات سنداً للمسؤولية التي حددها الدستور
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الخامس عشر بتاريخ 2 كانون الأول/ ديسمبر 2007: » وقد حدد الدستور المهمات والمسؤوليات لكل من السلطة التنفيذية والتشريعية، وحدد آلية العمل، وطبيعة العلاقة بينهما، بحيث تكون السياسات التنفيذية، والعملية التشريعية حلقة من العمل المتجانس والمتكامل، مع التأكيد على ترسيخ حق السلطة التنفيذية في تحقيق تطلعات واحتياجات شعبنا في مختلف المجالات والميادين، وحق السلطة التشريعية في الرقابة والمساءلة ».
بيّن جلالة الملك أن طبيعة العلاقة بين السلطات وتحقيق مبدأ الفصل بينهما يستند إلى أحكام الدستور حيث يبين الدستور الأردني مهام ومسؤوليات كل سلطة وما هي الوسائل الدستورية لكل منهما في مواجهة الاخرى لتحقيق وحفظ التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
مسؤولية الملكية الدستورية كفيصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية: «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2013: «إن مبادئ مسيرتنا ونهجنا الإصلاحي راسخة وواضحة، فنحن ملتزمون برعاية وتعزيز مبدأ التعددية السياسية وصون حقوق جميع المواطنين، ومستمرون أيضا في تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل بناء نظام ديمقراطي سليم».
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 أذار/ مارس 2013: «سأحرص على المحافظة على الضمانات التي أوضحتها للتو، والتي تمثل مسؤولياتي، التي أتشرف بحملها، إزاء شعبي الأردني العزيز، خصوصا استمرار الملكية بالقيام بدور الحامي للدستور ومقومات الحياد الإيجابي والاستقرار والعدالة، التي أوضحتها في هذا الجزء من الورقة، والتي يجب تعزيزها وتجذيرها بالتوازي مع نضوج نظامنا النيابي، إضافة إلى دور الملكية لتجاوز حالات الاستعصاء السياسي بين مجالس النواب والحكومات، ومواجهة ال?الات الاستثنائية التي تتطلب حماية أمن الوطن وسيادته ووحدته في حال تعرضه، لا قدّر الله، إلى تهديد حقيقي يمس قدرتنا على المضي بالأردن قدماً."
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الخامسة: «تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية» بتاريخ 13 ايلول/ سبتمبر 2014: «كما أن على الملكية الاستمرار بدورها كحام للدستور ولمقومات الحياد الإيجابي والاستقرار والعدالة، بالإضافة إلى مسؤولية الملكية كفيصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتجاوز حالات الاستعصاء السياسي عند حدوثها».
التعديلات الدستورية عززت الفصل والتوازن بين السلطات
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية: «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ16 كانون الثاني/ يناير 2013: «الديمقراطية في جوهرها عملية حيّة نمارسها جميعاً، مواطنين ودولة. وفي الأردن، شكَّل الدستور أساس الحياة السياسية والديمقراطية الذي طالما وفر إطاراً تنظيمياً لقراراتنا وخياراتنا على مدى تسعين عاما. وهذا هو الأساس، ولكن لا بد أن تستمر المؤسسات والقوانين بالتطور والارتقاء نحو الأفضل. لقد حققنا بالفعل تقدماً مشهوداً على هذا الطريق في السنوات الأخيرة، إذ قادت التعديلات الدستورية التي شمل? ثلث الدستور إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورسخت استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن. كما تم إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب. وهذه الانجازات تهدف إلى تمكين شعبنا الأردني من رسم مستقبل الوطن بشفافية وعدالة وبمشاركة الجميع. وقد آن الأوان لنمضي سويا في تعزيز هذه القاعدة الصلبة، والبناء عليها».
وتالياً أهم التعديلات الدستورية التي عززت ورسخت مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات:
لقد رسخت التعديلات الدستورية وعززت مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات، فقد تشددت التعديلات الدستورية في شرط حصول الوزارة على ثقة مجلس النواب، وكذلك إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات النيابية وتكليفها بإدارة الإنتخابات النيابية والإشراف عليها وبذلك نقل الاختصاص في هذا الشأن من الحكومة إلى الهيئة المستقلة للانتخابات واستقالة الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها، وتقيد صلاحيات السلطة التنفيذية بإصدار القوانين المؤقتة، وعدم جواز تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الوزارة التي تل? الوزارة التي قرر مجلس النواب عدم الثقة بها.
تشدد المشرع في شرط حصول الوزارة على ثقة مجلس النواب.
حيث كان يشترط لحصول الوزارة على الثقة عدم تصويت الأكثرية المطلقة للمجلس بعد الثقة، إلا أنه في التعديل الدستوري فإن حصول الوزارة على الثقة يقتضي تصويت الأغلبية المطلقة لمجلس النواب، حيث تنص المادة (53/6) بعد التعديل الذي تم على الدستور الاردني سنة 2011 على ما يلي: «6- لأغراض الفقرات (3) و(4) و(5) من هذه المادة تحصل الوزارة على الثقة إذا صوتت لصالحها الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب."
وقد تم تعديل النص مرة أخرى عام (2022) ليصبح على النحو التالي «٧. لأغراض الفقرات (3) و(4) و(5) و(٦) من هذه المادة تحصل الوزارة على الثقة إذا صوتت لصالحها الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب."
وقد كان نص المادة (53/2) من الدستور يقضي بما يلي: «إذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد اعضائه وجب عليها ان تستقيل."
ان الفارق بين النصين كبير، حيث إن النص كان يقضي بحصول الحكومة على الثقة إذا لم تقرر الأكثرية المطلقة لمجلس النواب عدم الثقة بالوزارة، وبالتالي فان الوزارة قد تحصل على الثقة لو صوت اغلبيه مجلسي النواب بالامتناع مادام أن من صوت بعدم الثقة لا يشكل الأكثرية المطلقة، وعليه فقد تفوز الوزارة بالثقة لو لم تحصل على أي صوت بالثقة، لكن النص بعد التعديل أصبح يقتضي ان تصوت الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بالثقة للوزارة للحصول على ثقة المجلس.
إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات النيابية.
تنص المادة (67/2/أ) من الدستور على ما يلي:"2. تنشأ بقانون هيئة مستقلة يناط بها إدارة الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقا لأحكام القانون ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الاشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانونا بإجراء تلك الانتخابات."
هذا النص مستحدث في الدستور يقضي بإنشاء هيئة مستقلة يناط بها إدارة الانتخابات النيابية، وهذا يحقق مزيداً من الضمانات والنزاهة والاستقلالية والحياد في العملية الانتخابية.
استقالة الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها.
تنص المادة (74) من الدستور وفق تعديل 2011 على ما يلي: «المادة (74): 1- إذا حل مجلس النواب لسبب ما، فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.
2- الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.
3- على الوزير الذي ينوي ترشيح نفسه للانتخابات أن يستقيل قبل ستين يوماً على الأقل من تاريخ الانتخاب."
وقد كان نص المادة (74) من الدستور قبل تعديل 2011 يقضي بما يلي: «المادة (74) إذا حل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه وعلى الوزير الذي ينوي ترشيح نفسه للانتخاب ان يستقيل قبل ابتداء الترشيح بمدة خمسة عشر يوماً على الأقل."
وقد أصبح النص بعد تعديل سنة 2022 على النحو التالي: «المادة (74) 1. إذا حل مجلس النواب لسبب ما، فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.
2. الحكومة التي يحل مجلس النواب فـي عهدها قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.
3. على الوزير الذي ينوي ترشيح نفسه للانتخابات أن يستقيل قبل ستين يوماً على الأقل من تاريخ الانتخاب."
عزز هذا التعديل مبدأ التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ففي الوقت الذي كان القيد الوحيد على حل مجلس النواب وفق المادة (74) من الدستور قبل تعديله بموجب التعديل الذي تم سنة 2011 وهو عدم حل مجلس النواب للسبب الذي حل فيه المجلس السابق، اصبح بموجب التعديل الدستوري يتوجب على الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها ان تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها، الا انه في تعديل النص سنة 2022 اصبح تطبيق النص واستقالة الحكومة خلال أسبوع من تاريخه اذا تم حل مجلس النوا? قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق مدة انتهاء مجلس النواب.
مما تقدم يتبين لنا القيد الوارد على حل مجلس النواب، حيث انه اذا تم الحل قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس فإن الحكومة تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها وهذا يحقق شكل من أشكال التوازن في العلاقة ما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية حيث يترتب على الحل الاستقالة وعدم جواز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة الجديدة لكن اذا تم الحل في الأشهر الأربعة الأخيرة فيكون ذلك لاستحقاق دستوري وهو إجراء الانتخابات النيابية وبالتالي لا مسوغ لاستقالة الحكومة.
تقييد صلاحيات السلطة التنفيذية بإصدار القوانين المؤقتة.
بموجب التعديل الذي تم على المادة (94) من الدستور 2011 اصبحت صلاحيات مجلس الوزراء بموافقة جلالة الملك في إصدار القوانين المؤقتة في الحالات التالية فقط:
أ. الكوارث العامة.
ب. حالة الحرب والطوارئ.
ج. الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
وقد كان نص المادة (94) قبل التعديل يعطي صلاحية أوسع لمجلس الوزراء في إصدار القوانين المؤقتة.
إن هذا التعديل على درجة عالية من الأهمية، ويعزز مبدأ الفصل بين السلطات.
ويقول جلالته في كلمته التي ألقاها بتاريخ 14 آب 2011 في باحة قصر رغدان عند تسلم جلالته توصيات اللجنة الملكية المتعلقة بالتعديلات المقترحة على الدستور: » ولا بد أيضاً من الوقوف على شكل العلاقة الجديد بين الحكومات ومجلس النواب، وفق المقترحات التي تعزز التوازن بين الحكومة والمجلس عبر ربط حل مجلس النواب باستقالة الحكومة فوراً. ووقف إصدار القوانين المؤقتة، إلا في حالات الحرب والكوارث الطبيعية والنفقات المالية التي لا تحتمل التأجيل، بالإضافة إلى تولي هيئة وطنية مستقلة إدارة الانتخابات."
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013: «لقد عززت العملية الإصلاحية، المستندة إلى تعديلات دستورية جوهرية، منظومة الحريات، ورسخت الفصل والتوازن بين السلطات."
عدم جواز تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الوزارة التي تلي الوزارة التي قرر مجلس النواب عدم الثقة بها.
تم تعديل نص المادة: (54/2) من الدستور عام 2022 ليصبح النص على النحو التالي:
"إذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه وجب عليها أن تستقيل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الوزارة التي تليها.
حيث كان النص قبل التعديل ينص على ما يلي: «إذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عد أعضائه وجب عليها أن تستقيل».
وبالتالي فإن النص قبل التعديل لم يكن يمنع رئيس الحكومة التي قرر مجلس النواب عدم الثقة بها بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه من إعادة تشكيل الوزارة برئاسته، إلا أنه بعد التعديل فأنه لا يجوز تكليف رئيس الحكومة التي قرر مجلس النواب عدم الثقة بها من إعادة تشكيل الوزارة التي تليها.
عدم جواز الجمع بين النيابة والوزارة:
يقول جلالته في مقابلة مع صحيفتي الرأي والجوردن تايمز بتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 2012:"هناك حرصاً لمسته من خلال جولاتي وتواصلي بضرورة عدم الجمع بين النيابة والوزارة ولعدة أسباب منها تفادي تجارب سلبية سابقة عند الجمع بينهما، ولكن السبب الأهم يتمثل في تعزيز مبدأ الرقابة والفصل بين السلطات وخاصة التنفيذية والتشريعية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي ستلي الانتخابات القادمة».
وقد تضمن التعديلات الدستورية عام 2022 نص يقضي بعدم جواز الجمع حيث تنص المادة (76/1) من الدستور على ما يلي: «لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الأعيان أو مجلس النواب وبين منصب الوزارة»، حيث كان الدستور قبل هذا التعديل يجيز الجمع بين عضوية مجلس الأعيان أو مجلس النواب وبين منصب الوزارة».
لقد جاءت استجابة المشرع منسجمة مع ما قال به جلالة الملك حول عدم الجمع بين النيابة والوزارة، وهذا يعزز مبدأ الفصل بين السلطات، ويمكن النائب من القيام بدوره التشريعي والرقابي على أكمل وجه.
رئيس لجنة المبادرة الوطنية للحوار الشبابي
عضو مجلس الأعيان