هل شحت النقود في جيوب الناس أم وضعت "بالمخدات والبنوك"؟ ..و"المركزي" ضخ 42 مليارا بالأسواق
عصام مبيضين
ما هي حقيقة أحاديث الناس أن السيولة في الأسواق "شحت"، وهي أقل من متطلبات تحريك العجلة الاقتصادية، وان دخل الناس أقل من تغذية الطلب وتدوير الحركة والشراء والتسوق، ورفعه إلى مستويات تسمح بتحريك العجلة الاقتصادية.
بنفس الوقت الآمال تأرجحت بأن يساهم ضخ النقود بتدوير الحركة، التجارية، وبعث الحياة بالأسواق، وما تبعها من ضعف القوة الشرائية، وسط ارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم تنامي الدخل ليصبح وفق المطلوب، وإعادة ترتيب الأولويات، وتغير ثقافة الاستهلاك والاقتصار على الضرورات، نتيجة حالة عدم اليقين في الاستقرار بحالات كثيرة بحياة الشخص المالية.
وبينما أصبح الجميع يشكون من اختفاء السيولة (النقود) من جيوب المواطنين، رغم وجود عقارات وأراضي وشقق ومصالح تجارية، واستثمارات ليطرح السؤال الكبير "أين اختفت النقود والسيولة من جيوب المواطنين؟
هناك جمود واضح وانكماش وتأجيل" لكافة إشكال الشراء، من قبل المواطنين، حسب تصريحات القطاع التجاري، حتى أن قرار الاستثمار في معظم القطاعات، لم يعد مطروحا على أجنداتهم، وهذا أمر خطير، ويؤثر على حركة السوق الكلية، ويؤدي إلى انكماش، وتراجع مصادر الدخل ضمن حلقة تدوير الأموال بين الناس والقطاعات التجارية.
وهناك حراك وإعادة تدوير وحلول عاجلة، قد يضطر الشخص فيها إلى الاستدانة من آخر لسداد دين محدد حان موعد سدادة، وهذا ما يعرف في اللغة العامية ب "تلبس الطواقي، وهكذا دواليك، وهي صورة ناصعة تعكس بالمرأة الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، لكثير من الأسر ذات الدخل المنخفض."
ولكن العكس تماما منا يتحدث البنك المركزي، حيث يؤكد توفر السيولة، وفق تقرير رسمي من المركزي، فقد ارتفعت السيولة المحلية، في نهاية عام 2023، بما يقارب 981 مليونا، لتصل الى663 42... مليار مقارنة مع 682,41 مليارا في نهاية 2022.
وفي القراءة لما يجري يلاحظ البعض أن هناك مخاوف، وفوبيا تتعاظم وتتراكم لدى المواطنين، على وقع الأقاويل والإشاعات والتصريحات الغير المسؤولة أحيانا، مما جعل البعض من المواطنين ورجال الإعمال، يجمدون السيولة (تحت المخدة) وسط حرص جماعي على بقاء النقد في أيديهم خوفا من شيء ما مستقبلا بدوافع الأزمة الاقتصادية.
وأصبحت أعداد كبيرة تتوقع أن تتآكل الدخول مستقبلا، ولا يوجد أمان وظيفي خاصة في بعض مرافق القطاع الخاص دفعهم إلى إعادة دراسة كافة قرارات الأنفاق وتقنينها وترتيب أولوياتها، حتى باتت تقتصر على الحد الأدنى لتسيير الأمور، مع تردي الأوضاع الاقتصادية لغالبية المواطنين، من أصحاب الدخل المحدود التي لم تعد دخولهم الشهرية، تكفيهم نتيجة تآكل دخول المواطنين من عام لآخر، جراء ارتفاع الأسعار التي طالت حتى الخدمات العامة.
يأتي ذلك والتضخم يشي بأن الإنفاق الداخلي، بالفعل هو أقل مما يمكن لإنفاقه، وهذا عائد في جانب منه إلى أن الأسر والأفراد لم يستعد دخلهم، أو ما تراجع من دخلهم، خاصة أن الناس بشكل أو بآخر، يحاولون التكيف مع ارتفاع الأسعار، أما للتقليل الإنفاق هذا أمر طبيعي، أو بالتحول نحو إنفاق بديل على سلع وخدمات أقل كلفة وأقل سعر.
وبحسب خبراء اقتصاد فإن الأزمة الاقتصادية، واضحة بشكل ملموس ومباشرة على جيوب المواطنين خلال عيد الفطر وبشهر رمضان، حيث قام الكثير بضبط الإنفاق على السلع الأساسية، فقط، حيث، أن زيادة تكاليف المعيشة لم يقتصر تأثيرها على فئة دون أخرى، بل أصبحت تطول معظم الشرائح.
على العموم مديونية الأفراد لدى البنوك ارتفعت من 10.9 مليارات دينار عام 2022 إلى 11.8 مليار دينار في نهاية العام الماضي 2021، تليها السلف الشخصية والقروض الاستهلاكية وقروض السيارات.
من جانب آخر جاء ارتفاع القروض، ورجوع الشيكات بالسنوات الماضية، بلغ إجمالي عدد الشيكات المرتجعة في الأردن خلال العام الماضي 220.7 ألف شيك، وبنفس الوقت وبحسب إحصاءات إن إجمالي قيم الشيكات المرتجعة في الأردن العام الماضي، بلغت 1.37 مليار دينار أردني؛ من إجمالي قيمة الشيكات.
وفي لغة الأرقام واصلت مديونية الأفراد لدى البنوك في الأردن ارتفاعها الأمر الذي أرجعه محللون وإلى تراجع مستويات المعيشة وعدم قدرة الكثير على توفير الاحتياجات الأساسية، وأظهرت أن متوسط نسبة العبء الشهري لمديونية الفرد إلى دخله في الأردن ارتفعت إلى 45 % نهاية العام 2020، مقارنة مع 43 % حتى نهاية العام 2019 أن عدد المقترضين الأفراد من البنوك بلغ حوالي 1.22 مليون مقترض في 2021 مقابل 1.17 مليون مقترض في العام السابق عليه.
وفي السياق فإن ارتفاع مديونية الأفراد يأتي انعكاسا لتراجع مستويات المعيشية وعدم قدرة الأفراد على توفير الاحتياجات الأساسية كالسكن واقتناء السيارات الخاصة والإنفاق على التعليم والجوانب الشخصية.
واليوم أصبح المطلوب حراكا اقتصاديا نشطا لكسر حالة الركود الكبير على القطاع التجاري من محالّ ومطاعم شعبية وسياحية وتجار وقطاع الإنشاءات والعقار ومحطات محروقات وغيرها.