غوتيريش قلق حيال معلومات عن استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في حرب غزة
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن الحرب الإسرائيلية- على مدى الأشهر الستة الماضية - جلبت الموت والدمار بلا هوادة للفلسطينيين في غزة، مشددا على أن شيئا لا يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.
وفي كلمته للصحفيين الجمعة مع اقتراب مرور ستة أشهر على أحداث السابع من تشرين الأول، قال غوتيريش إن أكثر من نصف السكان في غزة يواجهون "جوعا كارثيا" وإن الأطفال يموتون بسبب نقص الغذاء والماء، مشددا على أن "هذا أمر غير مفهوم، ويمكن تجنبه تماما".
وأشار إلى زيارته الأخيرة لمعبر رفح قبل عشرة أيام، قائلا "التقيت بعاملين مخضرمين في المجال الإنساني، أخبروني بشكل قاطع أن الأزمة والمعاناة في غزة لا مثيل لها على الإطلاق".
وتحدث عما رآه في طريقه إلى معبر رفح، حيث الطوابير الطويلة من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تواجه عقبات تلو الأخرى تحول دون دخولها إلى غزة، مضيفا أنه "عندما تُغلَق أبواب المساعدات، تُفتَح أبواب المجاعة".
ودعا إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين لدى حماس، وقال "إلى أن يتم ذلك، تجب معاملتهم بشكل إنساني من خلال الزيارات والمساعدة التي تقدمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
- قلق بالغ من استخدام الذكاء الاصطناعي -
وعبر أمين عام الأمم المتحدة عن القلق البالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن العملية العسكرية الإسرائيلية تستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة في تحديد الأهداف، وخاصة في المناطق السكنية المكتظة بالسكان، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الضحايا المدنيين.
وقال "لا ينبغي تفويض أي جزء من قرارات الحياة والموت التي تؤثر على عائلات بأكملها إلى الحسابات الباردة للخوارزميات"، مشددا على أنه حذر لسنوات عديدة من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي كسلاح وتقليص الدور الأساسي للبشر.
وأضاف أنه ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة من أجل الخير لإفادة العالم، وعدم المساهمة في شن حرب على المستوى الصناعي، مما يؤدي إلى طمس المساءلة.
- الحرب الأكثر دموية -
وقال غوتيريش إن "الحرب في غزة، بسرعتها وحجمها وشراستها اللاإنسانية، هي أكثر الصراعات دموية، بالنسبة للمدنيين، وعمال الإغاثة، والصحفيين، والعاملين في مجال الصحة، وزملائنا".
وأشار إلى استشهاد نحو 196 من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية بمن فيهم أكثر من 175 من موظفي الأمم المتحدة، مضيفا أن الغالبية العظمى منهم كانوا يعملون لدى وكالة الأونروا، "وهي العمود الفقري لجميع جهود الإغاثة في غزة".
وأشار كذلك إلى أنه من بين القتلى أيضا زملاء من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي، بالإضافة إلى عاملين في المجال الإنساني من منظمة أطباء بلا حدود والهلال الأحمر، "وقد لحق بهم قبل بضعة أيام فقط عاملون في منظمة المطبخ المركزي العالمي".
وقال غوتيريش "إننا نكرِم جميع العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا في هذا النزاع، ونتعهد بتذكر التزامهم وتضحياتهم".
وأضاف أن ما زاد من وقع الفاجعة حرب المعلومات، حيث يتم حجب الحقائق، وإلقاء اللوم على الآخرين.
- معالجة الاخفاقات -
وأشار الأمين العام إلى اعتراف إسرائيل بارتكاب أخطاء بعد "القتل المروع" لسبعة من العاملين في المجال الإنساني من منظمة المطبخ المركزي العالمي.
ولكنه أضاف أن المشكلة الأساسية لا تتمثل في مرتكبي الأخطاء، بل في الإجراءات العسكرية المعمول بها والتي تسمح بتضاعُف تلك الأخطاء مرارا وتكرارا.
وشدد على أن معالجة هذه الإخفاقات تتطلب إجراء تحقيقات مستقلة وإحداث تغيير ذي مغزى على أرض الواقع، "فالأمر لا يتطلب نسخة معدلة من مواصلة العمل كالمعتاد، بل نقلة نوعية حقيقية".
وأعرب عن الأمل في أن تتحقق نية إسرائيل بشكل فعال وسريع والمتعلقة بإبلاغها الأمم المتحدة عقب تلك المأساة، نيتها السماح بزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية الموزعة في غزة، منبها إلى أن الوضع في غزة "بائس للغاية".
وشدد على أن "الأوضاع الإنسانية المأساوية تتطلب قفزة نوعية في إيصال المساعدات المنقذة للحياة، وتحولا نموذجيا حقيقيا".
- الفشل أمر لا يغتفر -
وجدد الأمين العام نداءاته العاجلة من أجل وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وحماية المدنيين، وإيصال المعونة الإنسانية دون عوائق.
ودعا أيضا إلى تنفيذ جميع المطالب التي تضمنها قرار مجلس الأمن الذي تم اعتماده الأسبوع الماضي، فضلا عما طالب به المجلس في كانون الأول/ديسمبر، بالتعجيل بإيصال المساعدات المنقذة للحياة بموجب آلية تابعة للأمم المتحدة.
وشدد غوتيريش على أن "الفشل في هذه المهمة سيكون أمرا لا يغتفر".
وقال إنه بعد مرور ستة أشهر، "أصبحنا على شفا هاوية"، حيث التجويع الجماعي الشديد، واندلاع حرب إقليمية، وفقدان كامل للثقة في المعايير والقواعد العالمية.
وختم كلمته بالقول "حان الوقت للتراجع عن حافة الهاوية هذه لإسكات المدافع، ولتخفيف المعاناة الرهيبة، ولوقف مجاعة محتملة قبل فوات الأوان".