مَن يقف خلف هجوم «كروكوس» الإرهابي.. في ضاحية موسكو؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

بعد انتهاء يوم الحداد الوطني/أمس الأحد, الذي أعلنه الرئيس الروسي/ فلاديمير بوتين, وتواصُل التحقيقات التي تُجريها الأجهزة الأمنية الروسية ذات الصلة, لفك «ألغاز» الهجوم الإرهابي غير المسبوق في عدد ضحاياه, وبخاصة في الكيفية التي استطاع فيها أربعة إرهابيين, اختراق أمن ضاحية موسكو (وهي إدارياً غير منطقة موسكو العاصمة), والدخول بسهولة لافتة إلى قاعة «كروكوس سيتي هول» للإحتفالات, على ضخامة مبناها وسِعتها, على نحو مكّنهم من إزهاق أرواح 133 شخصاً وإصابة العشرات (152) بين مَن في حالة خطيرة للغاية وخطيرة, وفق تصريحات رسمية.

برزتْ في الأثناء–في ظل عدم اكتمال المعلومات الكافية للبناء عليها–مؤشرات على إرتفاع منسوب التوتر بين موسكو وكل من كييف وواشنطن. حيث تحاول الأولى/كييف جاهدة (دونما نجاح) إبعاد الاتهامات الروسية لها بالضلوع في عملية كروكوس, بدليل أن الإرهابيين توجهوا مباشرة نحو حدودها بعد مقارفة جريمتهم البشعة، أما الثانية/واشنطن التي باتت هي الأخرى في دائرة الاتهام, ليس فقط في أنها حجبت المعلومات الاستخبارية التي توفرت لديها عن موسكو, واكتفت بنقل معلومات مُقتضبة وغير كافية للسلطات الروسية. بل خصوصاً في سعيها/واشنطن إلى تبرئة كييف من مسؤولية المساهمة في هجوم كروكوس, على نحو أثار الشكوك, خاصة أن متحدثة البيت الأبيض نفت ضلوع «كييف» في الهجوم «مرتين» خلال 24 ساعة.

هنا أيضاً يبدو الإتهام «الغبِيّ» الذي سارعت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية, يوم الجمعة وبعد دقائق معدودات من الإعلان عن الهجوم الإرهابي, بتوجيهه إلى موسكو, باعتباره وفق الاستخبارية الأوكرانية - استفزازاً مُخططاً لها ومُتعمداً من الأجهزة الخاصة الروسية، بناء - أضافت ـ على أوامر من الرئيس بوتين، مُعتبرة أن الهجوم «يجب أن يُفهم على أنه تهديد من بوتين لإثارة التصعيد وتوسيع الحرب».

مَن يتوفر على ذرة من التفكير السليم لا يمكن أن يذهب في الاتجاه الذي اختارته الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، ليس فقط للرعونة والسرعة التي انطوى عليها اتهام كهذا، بل خصوصاً أن معلومات كاملة عن عدد الضحايا كما مصير الارهابيين, الذين ارتكبوا هذه الجريمة الوحشية باتوا –في سرعة قياسية- في أيدي أجهزة إنفاذ القانون الروسية. ما يمنح الأخيرة –الأجهزة الروسية- فرصة كافية لمعرفة الذيْن شاركوا أو وقفوا خلف تخطيط هذه العملية سواء كان داعش (الذي سارعَ إلى تبنّي العملية, زاعماً في بيان نُسِبَ إليه أن «المجاهدين» عادوا إلى قواعدهم بسلام)، أم جهات استخبارية دولية أوكرانية أوغير أوكرانية.

وإذا كان الرئيس الروسي الذي وجّه بملامح غاضبة ظهرت على وجهه, خطاباً إلى المواطنين الروس مُتوعداً بـ«معاقبة» كل من وقفَ خلف هذا الهجوم الإرهابي، فإن مواصلة المسؤولين الأوكران توجيه الشتائم والاتهامات إلى موسكو رئيساً وأجهزة أمنية, على النحو الذي أسهمَ فيه الرئيس الأوكراني/زيلينسكي لنظيره الروسي, بالسعي إلى «إلقاء اللوم» على أوكرانيا بعد الهجوم، مُعتبراً أن ما حدث في موسكو «واضح، بوتين والأوغاد الآخرون - أضاف زيلينسكي - بحاولون فقط إلقاء اللوم على الطرف الآخر»، مُتابعاً القول: أن «بوتين بدلاً من التعامل مع مواطنيه الروس ومُخاطبتهم، ظل صامتاً يوماً وهو يُفكر في كيفية تحميل الأمر إلى أوكرانيا».

شتائم كهذه لا رصيد لها في السياسة أو إدعاء البراءة, وبخاصة قبل ما ستكشفه التحقيقات الجارية الآن مع الإرهابيين الأربعة. تماماً كما لن تُجدِ نفعاً محاولات واشنطن اللافتة للإنتباه والمُثيرة لمزيد من الشكوك, تحميل «داعش» وحده المسؤولية, كما حاولت مُتحدثة مجلس الأمن القومي الأميركي/أدريان واتسون, بقولها إن «داعش بمفرده» يتحمل مسؤولية الهجوم المُميت. في وقت لفت فيه خبراء ومُحللون أمنيون أن «الأمر المُفاجئ وغير المُعتاد, أن يضع المهاجمون خطة هروب وينفذوها، بدلاً من مواصلة الهجوم إلى أن يتم القضاء عليهم». (وهنا أيضاً يكمن «لغز» هروب الإرهابيين باتجاه الحدود الأوكرانية, علماً أن «إجتياز» تلك الحدود شبه مستحيل، لأنهم سيواجهون تحصينات عسكرية «روسية» ضخمة, عجِز الهجوم الأوكراني المُضاد عن اختراقها).

** استدراك:

تساءلت يلينا بانينا..السياسية الروسية وعضو البرلمان الإتحادي, على قناتها في منصة «تليغرام» عن المُستفيد من العملية الإرهاربية في ضاحية موسكو؟ قائلة كما ترجمها د. زياد الزبيدي: تبيّن أن المُشتبه به الأكثر منطقية هو النخبة الأوكرانية، المُتعطشة للدماء والشغف بالعروض الإعلامية. ويظهر قصف بيلغورود أن ضرب أهداف مَدنية سلمية, أمر شائع بالنسبة لنظام كييف، وأن حكومة كييف الثورية «صنعت لنفسها اسماً» من خلال التخريب والقتل بسبب عدم تحقيق نجاحات عسكرية كبيرة. مُضيفة في تساؤل «لافت» آخر... مَن يشعر بعدم الارتياح؟. لتُجيب: كان رد الفعل «الأميركي» سريعاً وعصبياً. وكان البيت الأبيض أول من أعربَ عن تعازيه، وأكد عدة مرات عدم تورطه، ثم أعلن «فجأة» أنه: لا يوجد دليل على أن الحادثة كانت من تدبير أوكرانيا. حسناً ـ عقّبت ـ إنه أمر مفهوم.. فالعالم كله يعرِف من هو الراعي الرئيسي لكييف.