العين المجالي عن العفو العام: مكارم الهاشميين التي لا تنتهي

جفرا نيوز - أكّد العين، وزير الداخلية الأسبق حسين هزاع المجالي أنّ العفو الملكي دائمًا يأتي من منطلق قوة الدولة والثقة بالنفس ومكارم الهاشميين التي لا تنتهي، وتظلّ تدلّ على إنسانيتهم ورؤيتهم وعطائهم.

واستهلّ المجالي حديثه، في استضافته بالبرنامج الرمضاني «ليالي رمضان» الذي تقدّمه الإعلامية رندة كرادشة على شاشة التلفزيون الأردني، بأنّ قانون العفو، حينما يسير كمشروع ويأخذ مراحله الدستورية من خلال مجلسي النواب والأعيان، ويوشّح بالإرادة الملكية السامية، كقانون؛ فإنّه يجيء في هذا الشهر الفضيل ليؤكّد أنّ قائد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني، هو أبٌ لكلّ الأردنيين؛ يشعر معهم ويدرك أنهم دائمًا يلتفّون حوله في كلّ الظروف، وهم يقبسون عنه صفاته الكريمة كنماذج للعطاء والأخوّة والإنسانية.

وفي البرنامج الذي يُحاور يوميًّا شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، وفي مجالات الريادة والإبداع والفنون والآداب، كان حسين المجالي، بما عرف عنه من تفكير عميق قبل الإجابة والتركيز في ظلال الكلمات والجمل والأحكام، يُنظّر ويتحدّث في أمور كثيرة، ابتداءً من العام إلى الخاص، وليس من الخاص إلى العام، كما درجت العادة؛ فالرجل كان شغوفًا بالوطن ويقدّمه على ذاته، جاعلًا منه قيمةً عليا، علينا أن نسعى إليها ومتى ما أخلصنا للوطن ومليكه، فإنّ كلّ شيء في النهاية سينسجم، وستكون «الأنا» متضمّنة في الـ"نحن»، في بلد أبي الحسين عميد إرث الهاشميين ووريث رسالتهم.

هذه كانت ملامح اللقاء الذي بدأته هذه الشخصية الوطنية في كلّ مفاصل البرنامج ومحاوره، حين كان المجالي يستعيد من خلالها ذكرياته وعمله وخدمته في القوات المسلحة الأردنية، وأيضًا وزيرًا للداخليّة، مثلما تشرّفَ بأن يكون قائدًا للحرس لدى جلاله الملك حفظه الله، وهو ما يؤكد رونق هذا الوزير والعسكري والإنسان ومدى حبّهُ للناس، وقد تجلّت الإنسانية عند الضيف الذي خدمَ مديرًا للأمن العام، في رؤيته ونظرته لكلّ فئات المجتمع وإحساسه الكبير بالشباب؛ لدرجة أنه في إحدى أسئلة البرنامج، حول هل يتوقع نفسه أن يأتي وزيرًا أو في منصبٍ تنفيذي كبير، كان يُعلي من شأن الشباب ويضعهم في المقدمة دائمًا، استجابةً لرؤية جلالة الملك في أنّ الشباب هم عماد الأمة، وننتظر منهم الكثير، فكان المجالي متماهيًا إلى درجة كبيرة مع قناعاته ورؤيته لكلّ هذا العطاء المنتظر من الشباب، خصوصًا وأنّ البرنامج كان يشتمل في الحلقة الواحدة على أكثر من ضيف مبدع، في الموسيقى مثلًا وفي ريادة الأعمال أو غيرها من الحقول، كما يطوّف على المملكة في محافظاتها وتراثها الشعبي وتقاليدها في رمضان، كفسيفساء جامعة، جعلت المجالي وهو يتحدث عن محافظة الكرك، يصفها بأنّها «موزاييك أردني ووطني» بامتياز، في تنوّع سكّانها وثقافتهم وحضورهم السياسي في الدولة الأردنيّة، وفي حديثه عن الحزبية وتنظيراته للقادم من الأيام، ومدى عطاء المحافظات جميعها وإخلاصها لهذا الوطن.

مكرمة العفو وعودةً على مكرمة العفو العامّ من جلالة الملك، فقد رأى المجالي أنّ الهاشميين على مقدرة دائمة، ولذلك فسعة صدر مليكهم ومحبّته لهم تمنعه من أن يتعامل مع شعبه إلا من منطلق المحبّة والاحترام، ولذلك كان حديث المجالي يمرّ على جميع الأطياف المجتمعية، فحتى نزلاء الإصلاح والتأهيل الذين ربما كانوا ضحيةً لظروف معينة ومجتمعيّة، حين يُعطون الفرصة فيبدأون حياتهم من جديد، سيشعرون كم هي عظيمة مآثر جلالة الملك ومكارمه، كونه ملكًا وقائدًا وأبًا وفارسًا هاشميًّا ومصدر قدوة وإعجاب من جميع فئات الشعب.

عمَّان والقدس تطرّق حسين المجالي إلى الأزمات التي يعاني منها العالم، ومن ضمنها ما تشهده هذه المنطقة الملتهبة بظروفها ومستجداتها، وفي عتمة هذه الظروف كان المجالي ينفذ إلى أفراح معينة للأردن، الذي عَيْنهُ على القدس وغزة وفي الآن ذاته على ظروفه الاقتصادية وأزمات اللجوء وما إلى ذلك من تحديات، فكان الشعور الأردني يتوزع بكل نُبل الموقف بين أعيادنا الوطنيّة وأعياد جلالة الملك وأفراح الأردن بزفاف وليّ العهد سموّ الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، والاحتفال بتتويج جلالة الملك،.. وأحزان أهلنا في فلسطين والقدس وغزّة وبذل كلّ الجهود لوقف الحرب، وكلّ ذلك كان يعزز الثقة بالهاشميين ويعزز في نفوس الأردنيين تاريخ بلدهم المشرّف وأعياد ملكهم وانتماءهم وانسجامهم مع وطنهم في كلّ الظروف والأزمات.

في الشهر الفضيل، كان وقت المجالي يتوزّع كطقوس رمضانيّة، بين قراءة القرآن الكريم، والإخلاص للجوّ العائلي وصلة الرحم والتآلف الأسري، مع شيء من الرياضة، وتلك كانت محطّةً من محطّات البرنامج للسير في ذكريات المجالي وطفولته واستذكاره طيف والده الشهيد هزاع المجالي وعائلته، وهي ذكريات عذبة انثال بها المجالي وهو يسرد ويروي كيف كان الهاشميّون قريبين من الناس يعرفونهم بأسمائهم، فكان المشهد ما بين الفرح والحزن للمجالي نجل «هزاع المجالي»، بما يحمله هزاع المجالي من قيمةكبيرة لدى الأردنيين، وبما تحمله التضحية بالنفس في سبيل الوطن من أثر لدى كلّ أردني يقف على سيره هذا العَلَم ويستذكر رئيس وزراء الأردن الأسبق وهو يقضي نحبهُ في الدفاع عن مصالح البلد، حينما استشهد لمواقفه وصلابته وحضوره الوطنيّ، وكيف كان الطفل حسين المجالي يقبس من جينات والده معنى العطاء الوطني، وهي صفات يأخذها الأبناء عن آبائهم حتى ولو لم يروهم أو يكبروا في ظلالهم، وقد استشهدوا مبكرًا في سبيل الوطن.

هزاع المجالي كانت ذكريات الطفولة تستحضر براءة الطفل آنذاك والملامح العامة التي حاول «الباشا» المجالي استذكارها، من خلال حبّ الأردنيين لهزّاع المجالي، ومن خلال أحاديث الأخوة عن والدهم، ووفاء الوالدة سميحة المجالي ومكانتها في نفوس أبنائها، ومع أنّ مفردات الحديث لم تكن لتخلو من أحزان وحداد على من قضى في أروع موت عرفته البشريّة، وهو موت الشهيد، إلا أنّ الضيف حسين المجالي كان يحاول، وبالرغم من هذه الذكرى المحزنة والمشرّفة أيضًا لوالده، أن يبثَّ شيئًا من الأمل لمشاهديه ومحبيه ولمن خدموا معه في سلاح العسكرية ولمن يعرفهم، وأن يوسّع من مساحات الأمل والفرح، فكان الحديث منسابًا وعابقًا بذكريات ولطائف في حياة طفل وعى على قيمة الشهادة ومكارم الهاشميين عليه وعلى أهله؛ وكيف أحاطوه بالرعاية، وقدَّروا عاليًا قيمة أن يذهب الأردني في سبيل الوطن، فهي طفولة كان المجالي يتلمّسها لتكبر فيه، فتعزز في نفسه المسؤول الصادق، والعسكريّ المخلص، والعين المهتم بمصالح البلد، وأيضًا الضيف الإنسان الذي لا يقول كلامه مرةً واحدةً، فلم يكن ليحفظه ويقوله دون معنى، وإنّما كان كلامه عذبًا ومحسوبًا وذا دلالة كبيرة لرجل اعتاد أن يكون محبًّا للجميع.

فلم تكن صورة رئيس وزراء الأردن الأسبق هزاع المجالي، حينما أُبرزت لحسين المجالي، على سبيل ذكريات الضيوف عادةً مع صورهم وصور آبائهم وأهلهم وعائلتهم والناس وخدمتهم وأعمالهم،لتثير فينا نحن مشاهدي البرنامج إلا هيبة الشهيد ورائحة الشهيد الزكية، مثلما كانت تفيض كلمات الضيف حسين المجالي بالحبّ الممزوج بالحزن والأسى لليد الغادرة التي تمتدّ دائمًا إلى المكاسب والرجال الشرفاء لتنال منهم، وبالتالي فقد كانت السمعة الطيبة تبقى إلى الأبد، فلا يستطيع أحدٌ الانتقاص منها أو نكران ما تركته في النفوس من آثار.

كان تعبير حسين المجالي عن والده الشهيد تعبيرًا بليغًا لا يقف أمامه أيّ تعبير، حين قال: «والدي أعطاني جواز السفر مع تأشيرات كثيرة مررتني من خلال أبواب كثيرة؛ وأنا دائمًا أسأل نفسي سؤالَ ماذا لو لم أكن ابنًا له رحمه الله؛ هل سأكون حظيتُ بكلّ ما حظيت به في حياتي؟!»، وهو تعبيرٌ يحمل موضوعية الإجابة وإحساس الابن بمن قدَّروا تضحية والده بالنفس في سبيل الوطن، وكيف أنّه مضى صابرًا لا يضع أمامه إلا «الله والوطن والمليك»، هذه الثلاثية التي يعرفها كلّ من خدم الأردن ودافع عن ثراه.

معركة الكرامة ونحن نحتفل اليوم في رحاب الوطن ومعركة الكرامة العزيزة على النفوس، كان حسين المجالي يستذكر دراسته، وكيف انخرط من الكلية العسكرية، إلى القوات المسلحة، وكيف فتحت سمعة والده الطيبة آفاقًا له، وكيف منحته العديد من المنافذ، لذلك تحدث عن الأردنيين والأردنيات في هذا الشعور الواحد الطيب تجاه من استشهد في سبيل الوطن؛ فكان المجالي يمتدحهم بأنهم دائمًا وأبدًا حاضرو الذهن، متوقدو العزيمة، يعرفون كيف يتحدثون ويعتزّون برجالات الوطن ويدركون جيّدًا تقاليده الراسخة وعطاء بلدهم وتاريخه، حتّى إذا ما سُئلوا عن أيّ مفصلٍ من مفاصل هذا الوطن، وأيّ ملكٍ من ملوك بني هاشم الكرام، فإنهم حتمًا سينصفون هذا التاريخ ويفخرون به، وقد كانت هذه العبارات تزجى من خلال الباشا حسين المجالي كضيف للبرنامج، وهو يتغنّى بالوفاء وخصال الطيبين، وفي طليعتم بني هاشم، الذين كانوا والأردنيين كلّهم أبًا له بعد استشهاد والده.

شخصيات مؤثرة تحدّث المجالي بالعرفان لشخصيات قريبة منه ورجالات وفيّة، ومنهم «عاكف الفايز» رحمه الله الذي «سدّ ثغرةً كبيرةً في حياتي، وكان أخًا كبيرًا إضافةً إلى إخوتي»، وكذلك سموّ الأمير محمد بن طلال؛ وفي ذلك قال المجالي: «لم أنطق كلمة أبي، ولكنّي شعرت بها ممن أحاطوني بالرعاية من الهاشميين ورجالات الوطن الأوفياء».

كان الضيف المجالي يتوخّى قدر الإمكان أن يقترب من النفس، فيعبّر عن حقيقته وأصالته، فهو الذي لم يشعر يومًا باليتم، وهو العسكري الوفيّ لرفقاء السلاح، فقد ظلّ يؤكّد في البرنامج ما تنطوي عليه أنفسهم وما تشتمل عليه من خصالٍ طيبة وإنسانية رقيقة، حينما قال إنّ مما عُرفَ بين الناس أنّ العسكري هو قويّ وشجاع وفارس؛ ولكن يجب أن نعلم أنّ هذا العسكريّ في حقيقته يحمل قلبًا طيّبًا رائعًا، وربما تكون ظروفه العسكرية وهو يرى الدمار ويشارك في حماية الأوطان ويخوض الموت للدفاع عنها، هي ما تجعل هذه الصفة من الهيبة تغلب عليه، لكنّهم في ذلك لديهم إحساسٌ مرهف وكبير.

وفي سؤال البرنامج «هل تعتبر نفسك حسّاسًا؟!»، قال المجالي: «لا تخافي من العسكر!»؛ وهذه جملة ربما تصبح شعارًا في مستقبل الأوطان، لأنّ العسكر هم من صميم الشعب، وهم يخدمون هذا الوطن، وبالتالي فهذا التاريخ، كما قال، ليس مُلكًا لأحد؛ بل مُلكٌ لوطن بأكمله، وعلينا الاعتزاز به.

مع الحسين وفي محاولة من البرنامج للتخفيف مما بذهن الضيف ووجدانه من أشجان وأحزان في رحلة هذه الذكريات، سُئل المجالي عن ذكرياته العذبة والجميلة في رحاب الهاشميين؛ ومنها قصة السيارة التي اشتراها من جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، فقط بقرش ونصف القرش!، وفي ذلك ذكرياتٌ كانت كافيةً لأن يتخيّل أيّ مشاهد شاهد الحلقة، بمن فيهم المذيعة وكادر التصوير،كيف كان جلالة المغفور له الحسين بن طلال إنسانًا رائعًا، وكيف أنه وهو يلتقي ذلك الطفل أمام بيته قريبًا من قصر زهران العامر، كان يسلّم عليه باسمه، وكيف كان الطفل بكلّ براءته معجبًا بسيارة الحسين، فتسبقه براءته إلى القول «سيارتك حلوة، تبيعني السيارة؟!»، فيبتسم جلالته لذلك، ويقول: «وأنا قبلت يا حسين»، فيدفع الطفل القرش ونصف القرش عن طيب خاطر، لتكون هذه السيارة مهداة إلى الطفل حسين المجالي، وسط لوم العائلة وتأنيبهم وشكرهم وعرفانهم لجلالة المغفور له الحسين بن طلال.

فمن كانت هذه ذكرياته، ويحاط بالعناية والرعاية في كنف الهاشميين، يستحيل في الواقع ألّا يخلص لهم أو يحمل في نفسه ذرة حقد لهذا الوطن وملوكه الهاشميين، حيث كان المكان متوهجًا وكانت الذكريات عالية الإحساس، فلا مسافة بين الملك الهاشميّ وأبنائه، فهم معه على خطٍّ واحد في الفرح وفي الأزمات وفي كلّ الظروف الصعبة التي تمرّ على الدول والأوطان والشعوب.

الحرس الملكي من صور الذكريات التي عرضها البرنامج صورة لحسين المجالي نهاية السبعينيات عام 1978 في أمريكا خلال تمرين، متسلقًا إحدى الجبال في ظروف صعبة، ليسير الحديث حول كيف يستعدّ العسكري ويعدّ العدة للوطن ويتدرب بكل إحساس وإخلاص؛ وقد كانت هذه الصورة مفتتحًا لسؤال آخر حول «كيف كانت أيامك في الجيش؟!»، ليجيب بأنّ طموحه كان ومنذ نعومه أظفاره، أن يكون ضابطًا في القوات المسلحة؛ فتذهب الذكريات إلى أُمنية حسين المجالي في أن يكون ضمن أفراد الحرس الملكي، وقد تحقق حلمه في ذلك، فإذا نوى الإنسان وعزم فإنّ حلمه سيتحقق.

كان لابد للحوار أن ينتقل من الطفولة إلى العسكرية، فالوزارة، فالأمن العام، وهما منصبان أضاف لهما حسين المجالي منصبًا ثالثًا وهو قائد الحرس الملكي، بكلّ اعتزاز، راويًا كيف كان قائدًا للحرس وهو في عزّ شبابه، حين استلم ذلك في بداية الثلاثينات وأنهى في الأربعينات من العمر، أمّا المشاعر فكانت تنثال في خضم ذلك، وهي مشاعر بحجم الشعور بالمسؤولية، في حديث المجالي عن الشباب القوي والقلب القوي واتخاذ القرار السريع وعدم الخوف، لأنّ المؤسسة العسكرية وُجدت لتعكس هيبة الدولة من خلال أبنائها، وباعتبار الجيش درع الوطن ومصدر قوته، وبالتالي فقد كانت المناصب العسكرية لحسين المجالي حاضرةً وذات رونق، مع احترامه الكبير لمنصب سياسي بحجم وزارة الداخليّة، كما لا يخفى على أحد أيضًا قيمة ما يقدمه جهاز الأمن العام، من الجندي حتى مديره العام، فكلّ من انخرط في هذا الجهاز يعرف أعماله ومشاقّه ومتاعبه، وكيف يتواصل الليل بالنهار، فتكون العائلة الكبيرة ضمن العائلة الخاصة، أمّا الحرس الملكي فيكفي أن يكون معناه أنّك تعمل لحماية قائد الوطن، وكل ذلك كان له نكهة خاصة في مؤسسة العسكرية، حيث الزمالة والرجولة والإباء والوفاء والشعور بما يحتاجه الوطن ممن يدافع عنه.

مع العائلة تطرّق الحديث إلى العائلة وتربية أفرادها على العلم والعطاء، ومزج المسؤوليات بالموهبة والقرار الشبابي، وهو ما نفّذه المجالي وانعكس على العائلة وأفرادها، في أنه ترك الخيار للتخصصات في الهندسة والموسيقى والدراسات العليا، وفي التقنيات الحديثه والحاسوب وعلوم البيئة، حيث يصف حسين المجالي علاقته الأسرية بأنها علاقة طيبة جدًّا، فقد كان يصدر في ذلك عن قلب أب حنون شديد العطف.

البناء والتعزيز ومن صور الذكريات أيضًا، صورة للضيف المجالي مع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، استذكر خلالها ظروفًا صعبةً، وكيف كانت تلك الفترة قاسيةً جدًّا وعصيبة، في فترة رحيل أب الأردنيين جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وكيف كانت دلالات الحداد باديةً على الصورة، حين كان جلالة الملك عبدالله الثاني يتقبل العزاء بمناسبة كانت أشبه بطوفان أحزان، خفف منها حضور الابن وهو يأخذ عن أبيه خصاله الطيبة ويسير بهذا الوطن نحو النجاح والمراحل الجديدة من التعزيز والبناء، فكان حافظًا لرسالة أبيه ويحمل إليهم أنفاس الحسين بن طلال رحمه الله، أبًا وقائدًا في الوقت ذاته، يخفي آلامه لكي يفرح الأردنيون، فجلالته مثل أيّ إنسان ينتابه شعور الابن حينما يفقد أباه، ولذلك كان يشير إلى مشاعر الملك، ورباطة جأشه، وخدمته الوطن، وهي مسؤولية عظيمة تحتاج إلى صبر وهمة وعزيمة.

الشخصية العامة وفي محطّات البرنامج مع الضيف، كان الحديث يتطرق إلى الشخص القيادي المسؤول في المنصب الحسّاس الذي تُحسب عليه كلّ كلمة وفعل في ذلك؛ فكان تفريق حسين المجالي بين الحياة العامة والحياة الخاصة، في أنّ الحياة العامة والعملية في الجيش وفي الدولة تتطلب منك أن تكون مخلصًا للعمل وفيًّا بدرجة مئة بالمئة، ولا أقلّ منها، سواء كنتَ عسكريًّا أو مدنيًّا، فأنت لا تمثل نفسك، وإنّما تمثل المنصب والموقع، أمّا حياتك الشخصية فأنتَ حرٌّ فيها. وحين ذهب الحوار إلى مدى تعرّض المسؤول لمواقف محزنة تزعجه، لم يكن حسين المجالي استثناءً من المسؤول الأردني الذي يخدم في الوظيفة، وبالتالي فهو مُلكٌ للناس في قراءتهم له وحديثهم عنه، وفي ذلك قال إنّ الشخصية العامّة الوطنيّة نفسها هي السبب في قراءة الآخرين لها، فيتحمل الشخص مسؤولية الحديث عنه، أكثر مما يحمل الآخرون هذه المسؤولية.

الدولة العميقة وفي حديثه عن الكرك، كمحافظة مشهورة بالعطاء، قال المجالي إنّها موزاييك أردني وطني بامتياز، وإنها مثل كلّ المحافظات الأردنيه، نشأتْ على السياسة، حيث سكان الكرك متنوعون وفيهم حزبية عريقة، بغضّ النظر عن تطلعاتها وتنوعها، وهي بالتالي تعطي صورةً عن الأردن الذي كان ومنذ نشأته بلدًا واعيًا سياسيًّا منذ القدم، وهي دولة عميقة ولديها رؤى وأفكار وتطلعات، ولهذا، فهي كما قال حابس باشا المجالي رحمه الله «الكرك هي كرك؛ تقرأها من أين نظرت إليها في كلّ حروفها».

كان المجالي ينصح في حديثه عن الرياضة، بأنها تضبط النفس وتهيئ البدن والنفس والصحة العقلية، وتجعل الإنسان مقبلًا على الدنيا بمنظور جميل، وبالتالي فإنّ كلّ ما يمكن أن ينتاب النفس أو يعلق بها من شوائب أو أحزان أو غضب تذهب به الرياضة، حيث تُعلّم انضباطية النفس وروح العمل والفريق.

إحساس المسؤول السؤال الأخير، كان في إحساس عودة المسؤول للمنصب؛ وفي هذا، قال المجالي إنّه أمرٌ يقرره الوطن، وهو موضوعٌ بيد ولي الأمر، فالوطن أكبر من أي إنسان على هذه الأرض، والأردن أكبر منا جميعًا، وهو شرفٌ كبيرٌ لأيّ مسؤول أن يعود للخدمة، مستذكرًا أنّ جلالة الملك شرَّفهُ بمناصب عده وترفيعات استثنائية، فقد «كفّى ووفّى».

واليوم، يقترب المجالي من منتصف الستينيات من العمر، وهو أشدّ فرحًا بأبنائه من الشباب الأردني، وهم يجددون ويقبلون على الحياة، ويأخذون من روعتها الكثير، فيبنون مثلما بنى الأوّلون ويصنعون مثلما صنعوا.


الرأي