7 أكتوبر تختزل ما قبلها
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
الحلقة الأولى
لا يملك أي من طرفي الانقسام حق، أو مبرر، أو حجة، برمي الانقسام، من طرفه على الطرف الآخر، أو التنصل من مواصلته، وتحويل شراكته في بقاء الانقسام واستمراريته على الجانب الآخر، وكأنه بريء من تورطه و حيثياته وتفاصيله، وكأن الطرف الآخر وحده من يتحمل آثام وخطايا هذا الانقسام، الذي يُعتبر هدية مجانية لصالح المستعمرة، ولكنها مقبوضة الثمن من عدوهم المشترك: الاحتلال ومستعمرته الإسرائيلية التوسعية، ومقبولة لصالح طرفي الانقسام لان هذا الانقسام يحفظ للطرفين ما لديهما من سلطة في رام الله وغزة.
الرئيس الفلسطيني، وحركة فتح، والأجهزة الأمنية والإدارية للسلطة في رام الله، برضى وموافقة أميركية، بادروا بإجراء الانتخابات التشريعية والإشراف عليها والحفاظ على نزاهتها، وقبول نتائجها: فوز حركة حماس بـ74 مقعداً، وفتح بـ45 مقعداً يوم 25/1/2006.
حركة حماس سبق لها و قاطعت انتخابات المجلس التشريعي الأول في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات 1996 وقالت فيها ما قالت باعتباره نتاج اتفاق أوسلو، «الاستسلامي الخياني»، مع أنه أهم اتفاق وصل له الشعب الفلسطيني في مسيرته الكفاحية ولا يزال، انقلبت حركة حماس على وصفها الأول، لتشارك في انتخابات المجلس التشريعي الثاني عام 2006، رغم انه نتاج اتفاق أوسلو نفسه، قبلت به ورضيت بمخلفاته ونتائجه وتداعياته، وفازت بالأغلبية البرلمانية وتولى من قياداتها: إسماعيل هنية رئاسة الحكومة، وعبدالعزيز الدويك رئاسة المجلس التشريعي، وتم ذلك بتعليمات من المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، على قاعدة التفاهم الأميركي الإخواني في عهد كونداليزا رايس صاحبة نظرية «الفوضى الخلاقة» التي أثمرت عبر التفاهم، بتسليم الأنظمة: المصرية والليبية والتونسية والمغربية للإخوان المسلمين.
حركة حماس لم تكتف، بنجاحها في الأغلبية البرلمانية، وإدارة حكومة السلطة، وسلطتها التشريعية، بل بادرت إلى الانقلاب على السلطة في رام الله، واستلام السلطة كاملة منفردة في قطاع غزة منذ حزيران 2007 حتى 7 أكتوبر 2023.
خلال السنوات السبع عشرة من تفردها بسلطة غزة، فرضت حكماً أحادياً غير مسبوق بالتسلط وكم الأفواه، ولكنها والحق يُقال تصرفت بذكاء ودهاء وحنكة في حفر الخنادق، وحشد الأسلحة، وتجنيد المقاتلين، وفعلت ما فعلت في عملية 7 تشرين أول أكتوبر 2023، غير المسبوقة في الترتيب والمفاجأة والنتائج.
ردة فعل المستعمرة كان عنيفاً، وأيضاً غير مسبوق إلا عام 1948، عام النكبة، حيث تمت المجازر انذاك بدون إعلام وتصوير ومراقبة كما حصل في مجازر ما بعد أكتوبر وبسببها وعلى أثرها: تطهير عرقي وإبادة جماعية، للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والحصيلة عشرات الآلاف من الشهداء، وضعفهم من المصابين، و ما يوازي نصفهم من المفقودين تحت الركام، وتدمير ثلثي الأبنية والمساكن، والمستشفيات، والمدارس، والمزارع، والأفران والمخابز، لجعل قطاع غزة غير مؤهل للسكن والمعيشة والحياة.
ما حدث انقلاب جوهري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يتطلب انقلاباً في العلاقات الوطنية لمواجهة العدو المشترك المتفوق، وبناء قاعدة شراكة لتحمي ما تحقق إلى الآن، وجني ثمار نتائج أكتوبر الأوروبية الأميركية.
مطلوب رأس حماس، ولذلك يجب حمايتها من التصفية وتوفير الغطاء السياسي لحمايتها وليس البحث عن وسائل إدانتها والتنصل من كونها فصيلا فلسطينيا وطنيا يحتاج الدعم والإسناد، بهدف أيضاً جعلها جزءاً من الحالة الفلسطينية.