هل فشلت البرامج الحكومية بمحاربة البطالة؟

جفرا نيوز - أصدرت دائرة الاحصاءات العامة تقريرها حول معدل البطالة للربع الرابع من عام 2023 والذي يشكل انخفاضًا نسبته 21.4% خلال الربع الاخير من عام 2023 بمقدار 1.5 نقطة مئوية، مقارنة بنفس المدة عام 2022، وبانخفاض مقداره 0.9 نقطة مئوية، مقارنة مع الربع الثالث من عام 2023.

وكانت دائرة الإحصاءات العامة أكدت في تقريرها الربعي حول معدل البطالة، أن معدل البطالة عند الذكور بلغ 18.9 بالمئة، خلال الربع الرابع من عام 2023 مقابل 29.8 بالمئة للإناث.

وانخفض معدل البطالة للذكور بمقدار 1.7 نقطة مئوية، وانخفض للإناث بمقدار 1.9 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأخير من عام 2022.

وبمقارنة معدل البطالة للربع الأخير من عام 2023، مع الربع الذي سبقه، فإنّ معدل البطالة قد انخفض للذكور بمقدار 0.9 نقطة مئوية وانخفض للإناث بمقدار 1.9 نقطة مئوية.

وبحسب التقرير، بلغ معدل البطالة 25.1 بالمئة، بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي) بانخفاض مقداره 3.2 نقطة مئوية عن الربع السابق.

كما أشارت النتائج إلى أن 56.6 بالمئة، من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وبالتالي فإن إجمالي المتعطلين ممن مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي قد بلغ 42.8 بالمئة.

أما على مستوى المحافظات، فقد سُجل أعلى معدل للبطالة في محافظة المفرق بنسبة بلغت 24.8 بالمئة، وأدنى معدل للبطالة في محافظة العقبة بنسبة بلغت 17.7 بالمئة.

وفقا للتقرير، بلغت نسبة المشتغلين من مجموع السكان 15 سنة فأكثر 26.8 بالمئة، وتركز 58.7 بالمئة، من المشتغلين الذكور في الفئة العمرية 20-39 سنة، في حين بلغت النسبة للإناث 60.7 بالمئة.

وحول انخفاض معدل البطالة وفق التقرير قال مدير المركز الأردني لحقوق العمل «بيت العمال» حمادة ابو نجمة:» الانخفاض في معدل البطالة للربع الرابع عن الربع الثالث للعام الماضي يقارب نقطة مئوية واحدة وهو انخفاض أكبر من الإنخفاض الذي تحقق في الأرباع السابقة من نفس العام، ولكنه لا يعكس تغييرا كبيرا على واقع البطالة في المملكة».

ويضيف: ما زالت معدلات البطالة مرتفعة بصورة مقلقة، خاصة وأنها ما زالت أعلى من معدلات السنة التي سبقت بدء الجائحة عام 2020، والتي كانت تبلغ 19% عام 2019، الأمر الذي يعني أن آثار الجائحة ما زالت تلقي بظلالها على سوق العمل وعلى الإقتصاد الوطني الذي يبدو أنه لم يتعافى منها بشكل كامل بعد.

ويرى ان الانخفاضات الطفيفة التي تحققت خلال العام الماضي تمثل حالة الوظائف التي فقدت خلال الجائحة والتي فاقت 190 ألف وظيفة خلال عام 2020 وحده، حيث تم استعادة بعضها بعد انحسار الجائحة واستمر ذلك إلى الآن ولكن بوتيرة ضعيفة.

عوامل رئيسة

وبحسبه، فأن هناك عوامل أخرى لارتفاع البطالة، منها عدم فعالية برامج الحد من البطالة، وعدم موائمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، وضعف برامج التدريب بمختلف مستوياتها، وضعف الشراكة بين القطاعين العام والخاص في وضع السياسات المتعلقة بسوق العمل وتنفيذها، وغياب برامج الإرشاد والتوجيه المهني التي يجب أن توجه للشباب والفتيات من مراحل الدراسة المبكرة إلى مرحلة اختيار التخصص أو المسار التعليمي الجامعي أو المهني.

وبرأيه فان سوق العمل الأردني كما هو الحال في معظم الدول يحتاج في الغالب إلى تخصصات تقنية وتكنولوجية وصناعية وحرفية، أكثر من حاجته إلى التخصصات الإنسانية والنظرية، وهذا الأمر لم ننجح لغاية الآن في مواكبته في سياساتنا التعليمية وخاصة التعليم الجامعي، رغم القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا لتعزيز التخصصات المطلوبة في سوق العمل على حساب التخصصات غير المطلوبة التي ما زال الإقبال عليها مرتفعا خاصة بين الإناث، حيث تمثل فئة الجامعيات بين المتعطلات عن العمل ما يزيد على 70%.

وتقول د. ميس غرايبة، وهي استاذ مساعد في كلية الاعمال في جامعة عمان العربية: «البطالة بشكل عام تعني وجود فرد في المجتمع قادر على العمل وله القدرة على العمل وسلك طرق كثيرة للبحث عن العمل ولم تمنحه لفرصة لايجادها لعدة اسباب منها قلة فرص العمل في المجتمع».

وتضيف: تعد البطالة آفة ومشكلة اجتماعية واقتصادية لها آثار سلبية على الفرد وعلى المجتمع حيث تعرف منظمة العمل الدولية العاطل عن العمل، بكل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دونى جدوى.

وتوضح الغرايبة ان اسباب البطالة تعزى بشكلها الكلي الى الهجرة من الريف إلى المدينة والنقص في تنمية الإنتاج والنقص في رأس المال وتدني المستوى التعليمي وظهور ثقافة العيب واحتقار بعض الأعمال اليدوية، بالاضافة الى عدم ربط التعليم مع متطلبات سوق العمل وتدخل صندوق النقد ومطالبته الدولة بالاستغناء عن خدمة بعض العمال لأسباب كثيرة كالخصخصة مثلا، وكذلك الاختلال في هيكلية الاقتصاد الوطني، اضافة الى التمييز الجنسي والعرقي والطائفي، والاعتماد على التكنولوجيا والآلات بدلًا من العمالات البشرية في عملية إتمام وإنجاز العمل.

وتلفت غرايبة انه لوحظ بالاونه الاخيرة ظهور فرص عمل للفئة الثالثة (حملة الثانوية فما دون) من خلل دفعات التعيينات بواسطة ديوان الخدمة المدنية، بالاضافة الى استمرار الطلب على بعض وظائف المهنية او التي تركز على العمالية اليدوية اكثر من الايدي العاملة المؤهلة أكاديميًا، بالاضافة الى عزوف اصحاب الشهادات الجامعية عن مثل تلك الوظائف. «بالرغم من الانخفاض الطفيف لمعدل البطالة بسحب التقرير الصادر عن دائرة الاحصاءات الا انه يعكس الازمة الفعلية لواقع المجتمع الاردني من ناحية ارتفاع البطالة للفئات الحالصة على التعليم الجامعي: الفجوة الكبيرة بين محدودية سوق العمل و مخرجات الجامعات، و يظهر الحاجة الماسة لاستقطاب او استحداث مشاريع استثمارية جديدة واهمية التغيير المطلوب لبعض التخصصات الاكاديمة الراكدة من خلل تطويرها و تحديثها لموائمة سوق العمل، كذلك تدريب و تاهيل الخريجين بما يتناسب مع سوق العمل من خلل طرح الدورات المهنية المؤهلة».

تفاؤل حذر

يرى طالب الماجستير في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا عبادة الوردات ان التقرير الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة هو سيف ذو حدين, فهو ينظر له بعين التفاؤل من جانب و من جانب اخر بعين الحذر. «لقد تعددت أسباب انخفاض البطالة بسبب عدة عوامل ساعدت بذلك بشكل كبير, فنلاحظ مقارنة بالعام الماضي ان هناك نمو في معدل الناتج المحلي الإجمالي ب 2.7%, وتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 673 مليون دينار، والصادرات لهذا العام بلغت 9 مليار دينار, ولقد انخفظ العجز في الميزان التجاري بما يعادل 10%، كل هذا بالتأكيد يفسر سبب انخفاض معدلات البطالة لتوافر فرص العمل من خلال الاستثمار الأجنبي, بالإضافة لنمو قطاعات معينة بشكل كبير مثل قطاع السياحة, كما لاحظنا نمو قطاع الصناعة في الصناعات الغذائية والتي يعود الفضل الأكبر في ذلك الى مقاطعة المنتجات الغربية والاعتماد على المنتج المحلي.»

ويتابع كما ان الحكومة كانت قد أولت اهتمام كبير لدعم برامج التشغيل والتدريب، كما رأينا استحداث كبير في قطاع التدريب المهني والذي يتجه اليه العديد من طلاب المدارس.

وبرأيه، فان هذا الانخفاض الربعي للبطالة لا يعني حل هذه المشكلة بشكل جذري، فحل هذه المعضلة يعتمد على يعتمد على استمرار نمو القطاعات الاقتصادية، بضرورة خلق فرص عمل جديدة تناسب مهارات الشباب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وتؤكد الباحثة بلقيس الشرقي ان تقرير دائرة الاحصاءات العامة حول معدل البطالة للربع الرابع من عام 2023 والذي يشكل انخفاضا نسبته 21.4% خلال الربع الرابع من عام 2023 كان له عدة اسباب ايجابية منها، نمو الاقتصاد وتوفر فرص العمل الجديدة وتحسن التعليم وتطوير المهارات، مما يزيد من فرص الحصول على وظائف وتشجيع ريادة الأعمال وتوفير بيئة مشجعة للشركات الناشئة. وايضاً استثمارات الحكومة في مشاريع التنمية الاقتصادية والبنية التحتية.

وتضيف: على الرغم من انخفاض معدل البطالة وفقًا للتقرير، إلا أن الشباب لا يزالون يعانون من مشكلة البطالة بشكل كبير بوجود عوامل مؤثره منها معاناة الشباب من عدم امتلاك المهارات التي تطلبها سوق العمل الحالي ونقص الخبرة قد يتطلب الحصول على فرص عمل أولى تجربة سابقة، وهو ما يواجه الشباب الجديد في سوق العمل وقلة الفرص قد يكون هناك منافسة كبيرة على الوظائف المتاحة، وبالتالي يكون من الصعب على الشباب الحصول على فرص عمل مناسبة.

ومن وجهة نظرها يمكن أن يكون انخفاض معدل البطالة في الربع الرابع من عام 2023 «بريقًا للأمل وإشارة إيجابية» ومع ذلك يجب أن يتم تقييم استدامة هذا الانخفاض على المدى الطويل يتطلب حل مشكلة البطالة جهودًا مستدامة ومستمرة، بما في ذلك تعزيز التعليم وتطوير المهارات، ودعم ريادة الأعمال، وتحفيز الاستثمار في الاقتصاد.

الرأي - حنين الجعفري