هل يَمضي «الحريديون» قُدما في «تفكيك».. ائتلاف نتنياهو الفاشي؟
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
في وقت يواظب فيه مجرم الحرب/نتنياهو على توجيه انتقادات لاذعة لشريكه الأميركي بايدن في حرب الإبادة والتجويع، على نحو لم يتورَّع فيه من نعت بايدن بالمُخطئ، الذي «لا يُدرك» (أي بايدن) أنه لا يختلف مع نتنياهو نفسه بل مع عموم «الشعب الإسرائيلي»، ناهيك عن لفت نتنياهو أنظار بايدن إلى أن إسرائيل تحظى بدعم أزيد من 80% من الأميركيين, (ما يستبطن القول بأن شعبيته/نتنياهو أكبر بكثير بل أضعاف شعبيته بايدن داخل أميركا نفسها علماً أن السؤال الذي طُرِح في الإستطلاع المذكور كان أيهما تدعم أكثر.. إسرائيل أم حركة حماس).. وفي ?لآن ذاته يواصل نتنياهو «التأكيد» على أنه ماضٍ في مُخططه الإجرامي لاجتياح مدينة رفح (بما هي في نظره المعقل الأخير لحركة حماس, وما تبقى لها من كتائب أربع).. على نحو كشفت فيه صحيفة إسرائيل اليوم العبرية الداعمة لسياسات نتنياهو أول أمس, عن خلاف بين المستوى السياسي والعسكري على احتلال رفح. إذ قالت الصحيفة الصهيونية «سواء في الجيش أم في المستوى السياسي يتفقون على أن احتلال المدينة ضروري، لكن – أضافتْ – كل مستوى يتهم الآخر بتأخير العملية، مُستطردة «صحيح أن الجيش عرض على المستوى السياسي الخطة لإخلاء آلاف الغزيين, ?كن نتنياهو اعتقد بأنها غير كافية، كما أن هناك اعتبار آخر هو التخوّف من أن تُتهم إسرائيل بتقويض الاتصالات لصفقة المخطوفين، في الجيش - تابعتْ - يقولون إن الاستعدادات لمعالجة رفح اُستُكمِلت، وانه - ختمتْ - عندما يُصدِر المستوى السياسي تعليماته.. ستُنفّذ.
وسط مناخات كهذه يحضر التهديد «غير المسبوق» في حدّته ومضامينه, الذي اطلقه الحاخام الأكبر لليهود السفارديم (الشرقيون) يتسحاق يوسيف, (وهو بالمناسبة ابن الحاخام المتوفي عوفاديا يوسيف، الأكثر عنصرية وفاشية, الذي وصفَ «العرب» بأنهم أفاعي وصراصير يجب التخلص منهم، وإن كان مؤيدوه يذكرون له عبارة لافتة عندما قال ذات نزوة أو مناسبة عابرة: «إن الحياة أهم من الأراضي»، ما فسّره هؤلاء بأنه لا يُمانع في إعادة «بعض» أراضي إسرائيل الكاملة الموعودة من الرب.. إلى الفلسطينيين).
نقول: لوَّح يتسحاق يوسيف بـ«هجرة جماعية لأتباعه، إذا ما تم إلزام الحريديين بالخدمة في صفوف الجيش الصهيوني», ما أثار ضجة وانتقادات واسعة شملت الأطياف الصهيونية كافة خاصة العلمانية منها، على نحو تصدرت فيه عناوين الصحف ونشرات القنوات التلفزيونية الصهيونية كبيرة العدد ومتعدّدة المرجعيات والمواقف. إذ عنوَنت صحيفة هآرتس «العلمانية» أول أمس (بعد أيام من تصريحات الحاخام السفارديم).. «تصريحات الحاخام يتسحاق يوسيف ستُذكر كلحظة دركٍ في مسار الصِدام الذي يَعلق فيه الحريديون»، فيما جاء مانشِت «يديعوت احرونوت» على النحو?التالي: عاصفة المساواة في العِبء: الصمت الصاخب في الإئتلاف حول تحذير الأول لصهيون الحاخام.. يتسحاق يوسيف. فيما يسرائيل هوم عنونت: تشجيع التملّص من الخدمة.. وصمة أخلاقية. وفي عنوان آخر: مجال مناورة لنتنياهو وسموترتش حيال الحريديين..يتقلّص.
ردود أفعال صاخبة ولافتة كهذه، تعكس من بين أمور أخرى, أزمة مُتدحرجة تُضاف إلى سلسلة الأزمات التي يعيشها نتنياهو شخصياً, كما باقي مكونات الائتلاف الفاشي الذي يرأسه، في وقت يدرك فيه الجميع أن الأزمة الراهنة لم تكن وليدة فترة ما بعد السابع من أكتوبر الماضي، بل هي موضوعة على جدول أعمال الكيان العنصري الاستعماري الإحلالي, منذ فترة طويلة حتى قبل حرب حزيران 1967، عندما «لم يكن» هناك حاخام أكبر لليهود الشرقيين (كونهم كانوا مُهمشين وفي مرتبة دُنيا, تُمارس عليهم بالفعل أنظمة ترى فيهم طبقة دونية، إثر سيطرة اليهود الاش?ناز، على المشهد الصهيوني العام منذ النكبة الفلسطينية وقيام دولة العدو. بما هي نتاج «نضال» اليهود الغربيين الذين كتبوا جدول أعمال الدولة الصهيونية منذ 15 أيّار 1948 حتى 17 أيّار 1977 (بما هو يوم «الإنقلاب التاريخي» الذي قاده الإرهابي مناحيم بيغن، مُسقِطاً فيه حزب العمل الذي أسَّسه الصهاينة الأوائل, وفق صِيغ ومُسميات توزعت بين مَباي، ومبام ثم العمل, ولاحقاً ائتلاف حمل اسم «هَمعراخ/التجمّع»، فيما كان بيغن نجح في «تجميع» ائتلاف لحركات يمينية مُتطرفة, حمل اسم «الليكود/التكتل»، بقيادة حركته الإرهابية العنصرية حي?وت/الأحرار, إنتهى لاحقاً إلى حزب تجذّر في المشهد الصهيوني حاملاً اسم «الليكود», (بعد دمج مكوناته) منذ ذلك اليوم من أيّار 1977 حتى الآن.
وكان لافتاً أن بيغن «نجح» في مُغازلة واستمالة اليهود الشرقيين, الذين بزغ نجمهم وبرزوا كطبقة (دينية وحزب سياسي حمل اسم «شاس") على نحو تم ادخالهم منذ ذلك الحين في التركيبة الحكومية/الوزارية, كما تم منح هيئاتهم ومدارسهم الدينية أموالاً طائلة. وكانت الجائزة الكبرى التي حظِيت بها جموع المُتزمتين اليهود (شرقيون/سفارديم، وغربيون/اشكناز) هي إعفاء طلبة مدارسهم الدينية من التجنيد الإجباري, أو ما بات يُوصف لاحقاً احتجاجاً على الإعفاء.. بـ«المساواة في العبء». أي تصاعد الدعوات إلى «تجنيد الحريديين» في الجيش كما باقي ال?ئات الأخرى.
هل يُجنَّد الحريديون, أم يُنفذ حاخامهم الأكبر تهديده بـ«الهجرة»؟.
نُكمل غداً.