كلمة عن الاعلام الالكتروني
جفرا نيوز - فارس الحباشنة
ربما أن الميزة الاهم التي تسجل للاعلام الاليكتروني الاردني أنه حافل بالسجالات ، وهو ما أنهك النخب السلطوية و نخب رجال الاعمال و أربكها و أدخلها في خصومات مفتوحة لا نهاية لها ، وعراها و فضح سلوكها و طرق أمتهانها للسياسة والعمل العام .
كثر الذين أرتاحوا لأقرار قانون معدل للمطبوعات و النشر ، لكون الاعلام الاليكتروني بكل التوهان وأنعدام الانضباط الذي يعاني منه كان يفضحهم دون هوادة ، و أتعبهم و أقلقهم كثيرا ، وأدخل مساحات كبرى من الشك في يقين زمنهم الابدي في السلطة و التناوب عليها ، ليس لديهم القدرة على المقارعة و لا حتى المناظرة السياسية من عبر الاعلام ، أفواهم كما هي عقولهم مغطاة بستائر وطبقات من جهل وقلة دراية .
في الاعلام الرسمي الاردني لا يوجد سجال ، أو حتى أن أنتاج السجال معدوم ، ليس هناك من أصحاب لافكار جديدة ، حشود من التعليقات و المتابعات الصحفية لا قيمة لها في تحريك ما هو ساكن و كشف ما هو مسكوت عنه ، يمكنك أن تقدر معرفتها قبل أن تنشرها الصحف ، تكون غالبا مجبرا على قراءتها كضريبة للمهنة التي تقضي عليك متابعة ما ينشر هنا وهناك .
في الاعلام الاردني ركود قاتل ، و ركود ممل و سخيف أحيانا ، و غير مبرر أطلاقا ، في الصحافة الاردنية أيضا نوعا من الامتهان للقاريء ، "عناوين و مناشيتات " كبرى تخلو من دسم الاثارة ، القاريء الاردني يفترض أن يحترم قليلا ، و يفترض أيضا أن لا نستخف في عقله ووعيه وفكره ، و أن نقدر بحسابتنا أنه معرض لمطالعة و متابعة وسائل أعلامية كثيرة سوى محلية أو أقليمية أو عالمية .
صحافة تخلو من الابداع ، و باقرار قانون المطبوعات و النشر تعطل سحر الاعلام الاليكتروني الجذاب ، و تعطل مسار أنتاج السجالات بكل مستواها و قيمتها و قوة تأثيرها ، تركت الساحة لمنتحلي الصفة و لقليلي الثقافة و العلم والخبرة .
تحتشد جيوش من لابسي الاقنعة ، المرتجفين وراء مصالح شخصية ضيقة ومكشوفة ، المتجملين بحب الوطن و الدفاع عنه ، وهم في باطنهم لا يجيدون الا فن الولاء للكراسي و من يجلس عليها ومن حولها ، رهط قضاياهم شخصية بحتة ، و همهم الاول و الوحيد مربوط علاجه باطراف جيوبهم ... تلقاهم بطبعات مختلفة وكأنهم أصيبوا بداء التمثيل .
اللتزام و المسؤولية لم تعد مجدية و لا مربحة في عالمنا اليوم ، أنتهى زمن النضال الصحفي ، انتهى زمن اللتزام الاخلاقي و المهني ، ضعنا في تفاصيل فتوحات وهمية و كاذبة ، لم يعد للقلم قيمة عند وقوعه على الورقة ، ممنوع علينا ذكر أسم فلان أو علان ، عليك التطبع على أخلاقهم الصحفية الجديدة ، عليك أن تحول فوهة قلمك ل"السحج و التهليل والتكبير و الترحيب" ...