مدير الـ«CIA» يكتبُ عن.. «فنّ التجسّس وفنّ الحُكم»؟
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
هو وليم بيرنز/ الدبلوماسي المُخضرم، صاحب كتاب المذكرات الموسومة «القناة الخلفِية", الصادر عام/2019, الذي جاء في العام/2021 إلى قيادة «أشهر» جهاز إستخبارات في العالم, ربما لم يسبِقه إلى هذه الشهرة سوى جهاز الـ«KGB» السوفياتي, الذي تفكّك في العام 1991 بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي.
وإذا كان بيرنز ينهض هذه الأيام بدور لافت, في ظل حرب الإبادة التي يشنها جيش النازية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, بدعم أميركي مفتوح وسخيّ, خاصة في شأن الترتيب لهدنة «إنسانية» مؤقتة، تروم في الأساس إطلاق الأسرى الصهاينة وسط تشدّد من حكومة الفاشيين في تل أبيب, فإن مدير المخابرات المركزية الأميركية/«CIA» نشر مقالة مُطولة في العدد الأخير من مجلة Foreign Affairs الأميركية, تحت عنوان «فن التجسس وفن الحُكم», تعرّض فيها لجملة من العناوين والملفات, ركزّ في غالبيتها على ما تُمثله روسيا والصين من تحدٍ لبلاده, والدور الحيوي الذي تنهض به وكالة المخابرت التي يفخر برئاستها, رغم التحديات التي تُواجهها في عالم ما بعد إنتهاء الحرب الباردة.
كذلك لم تغِب الحرب الوحشية التي يشنها جيش الفاشية الصهيونية على القطاع الفلسطيني, عن مقالة المستر بيرنز, إذ قال في مقالته تحت عنوان فرعِي/ «ورطة مألوفة»: الأزمة التي اندلعت بسبب هجمات «حماس» على إسرائيل، في السابع من أكتوبر 2023، تذكير مؤلم بالخيارات والقرارات المعقدة التي لا تزال الولايات المتحدة تواجهها في الشرق الأوسط. وتبقى المنافسة مع الصين أولوية واشنطن القصوى. ولا يعني هذا ـ أضاف بيرنز ـ أنها تستطيع تجنُّب التحديات الأخرى، بل يتعين على الولايات المتحدة أن تتعامل بحذر وانضباط، وأن تتجنب الإفراط في التوسع، وأن تستخدم نفوذها بحكمة.
لقد أمضيتُ ـ تابعَ ـ معظم العقود الأربعة الأخيرة في العمل في منطقة الشرق الأوسط، والاهتمام بقضاياها. ونادراً ما شهدت فيها وضعاً أشد اضطراباً أو تشابكاً مما هو عليه اليوم. فإنهاء العملية البرية الإسرائيلية الكثيفة في قطاع غزة، وتلبية الحاجات الإنسانية الضخمة للمدنيين الفلسطينيين الذين يعانون، وتحرير الرهائن، والحؤول دون امتداد الصراع إلى جبهات أخرى في المنطقة، وبناء نهج عملي لمرحلة ما بعد القتال في غزة- كلها مشكلات بالغة التعقيد. وكذلك الأمر ـ استطرد ـ في شأن إحياء الأمل في إرساء سلام دائم يضمن أمن إسرائيل، وقيام دولة فلسطين، ويستفيد من الفرصة التاريخية لإقامة علاقات طبيعية مع السعودية ودول عربية أخرى. وعلى رغم صعوبة تصوّر هذه الاحتمالات وسط الأزمة الحالية، فالأصعب تصوّر الخروج من الأزمة من دون السعي إلى تجسيد هذه الاحتمالات بجدية.
والحق ـ ختمّ بيرنز هذه الفقرة الوحيدة في مقالته الطويلة, عن غزة والحرب الصهيوأميركية عليها ـ أن السبيل إلى ضمان أمن إسرائيل والمنطقة هو «التعامل مع إيران"(؟؟). لقد أسهمتْ هذه الأزمة في تحفيز النظام الإيراني. ويبدو أنه مستعد للقتال إلى آخر وكيل إقليمي له. وهو، في الأثناء يُطور برنامجه النووي، ويدعم العدوان الروسي. وفي الأشهر التي تلت السابع من أكتوبر، بدأ الحوثيون، الجماعة المُتمردة اليمنية المُتحالفة مع إيران، بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، ولا تزال أخطار التصعيد على جبهات أخرى قائمة. وتجدر الإشارة ـ لفتَ بيرنز ـ إلى أن حل المشكلات الشائكة في الشرق الأوسط, «لا» يقع على عاتق الولايات المتحدة وحدها، و(لكن من دون» قيادة أميركية نشطة»، من «المستحيل» معالجة هذه التحديات بشكل فعال، ناهيك عن حلها).
في الخلاصة.. ما سبق إقتباسه من مقالة بيرنز, يكشف من ضمن أمور أخرى, أن الدبلوماسي الأميركي الذي خدم في المنطقة العربية ويتقن لغتها, لم يتعرّض عن قصد بالطبع, لجذور الصراع ولم يتطرّق إلى دور الدولة العنصرية الإستيطانية الإحلالية, في إحتلالها واستيطانها الأراضي الفلسطينية وشن الحروب عليه وقمعه. ودائماً في مساندة واشنطن لها عبر تكرار أكذوبة «الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط", وخصوصاً تكرار الأسطوانة الأميركية/الأوروبية المشروخة عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». ورغم ذلك يقول بيرنز: إن حل المشكلات «الشائكة» في الشرق الأوسط, «لا» يقع على عاتق الولايات المتحدة وحدها، و(لكن.. من دون» قيادة» أميركية نشِطة، من «المستحيل» معالجة هذه التحديات بشكل فعّال، ناهيك عن حلها).
أين من هناك؟.
للحديث صلة.. نُكمِل غداً.