«الأثمان» التي علينا «دَفعها».. بين «هيلاري كلينتون ومادلين أولبرايت»!؟
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
لم تتوقّف رئيسة الدبلوماسية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون, عن تقديم فروض الطاعة والولاء, بل التماهي مع الخطاب الصهيوني العنصري الإستعماري, قبل وبعد تسلّمها منصب وزيرة الخارجية في عهد باراك حسين أوباما (1997 ــ 2001), وخصوصاً عند إعلان ترشّحها لمنصب الرئيس في مواجهة دونالد ترمب. وهو ما تجلّى في مذكراتها الموسومة: «خيارات صعبة», التي صدرت قبل عشر سنوات (2014), فضلاً عن كونها الأكثر حماسة في إبداء الدعم المُطلق وغير المحدود, لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الفاشية الصهيوينة, على قطاع غزّة منذ السابع م? أكتوبر الماضي، على نحو تُواصل فيه تبرير الجرائم والإرتكابات والمجازر, وحرب التجويع التي يقارفها مجلس الحرب كما الإئتلاف الفاشي الحاكم، على نحو ما تزال/ هيلاري تستفز مشاعر وضمائر المتابعين لمواقفها والمُستمعين لمحاضراتها المُتعددة, كما تصريحاتها ومقابلاتها المُتلفزة التي تفوح منها رائحة النفاق, حدود انعدام الضمير, على ما قالته قبل يومين أمام المنتدى العالمي في العاصمة الألمانية برلين، الذي نظّمته مؤسسة «سينما من أجل السلام», إذ أكّدت أنها » ليست مَصدومة » من أعداد الضحايا في غزّة، لأن - أضافتْ - هذا «ما يح?ث في الحروب», مُعيدة الإسطوانة المشروحة التي يُكرّرها ساسة وقادة المعسكر الغربي الإستعماري, عن أن لإسرائيل «الحق في الدفاع عن نفسها», وواصلت حديثها المُستفز في إنحيازه وفظاظته, الخالي من أي تعاطف, رغم الإحتجاجات والغضب الذي تبدّى في كلمات الذين قاطعوها من الحضور عندما اتهموها ـ رجالاً ونساءً ـ بأن «إسرائيل لا تدافع عن نفسها، بل ترتكب إبادة جماعية, تُمولها الولايات المتحدة», على ما صرخت إحداهن في وجهها, مُتسائلة عن «أي حقوق تتحدثين؟.. هل انت جادة - أضافت السيدة المُحتجّة - هذه إبادة جماعية ترتكبها الولايات ?لمتحدة والحكومة التي تتبعين لها, ماضية في توبيخ الوزيرة الأميركية السابقة, بالقول: «يجب أن تخجلي من نفسك، أنتِ لستِ امرأة, أنتِ لستِ إنسانة, الأطفال يموتون... فلسطين حُرّة». قبل أن يقوم عناصر الأمن بإخراج السيدة المُحتجَّة من القاعة.
هذه «الواقعة» تدفعنا لاستدعاء وزيرة أميركية أخرى, من «قماشة» هيلاري كلينتون, بل ليس ثمّة مُبالغة في القول إن هيلاري كلينتون «تلميذة», لأول إمرأة شغلت منصب وزيرة خارجية في الولايات المتحدة, وهي «الديمقراطية» (بمعنى عضويتها في الحزب الديمقراطي الأميركي) مادلين أولبرايت, في عهد زوج هيلاري (بيل كلينتون) في الفترة من 1997-2001, وسبق لأولبرايت أن كانت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة.
مادلين أولبريت التي رحلت عن دنيانا قبل عامين تقريبا (28/ 3/ 2022), قالت أثناء خدمتها سفيرة لبلادها لدى الأمم المتحدة, ردّاً على سؤال في مقابلة تلفزيونية للبرنامج الشهير «ستون دقيقة» على قناة CBS الأميركية, في 16 ايّار 1996، عندما سألتها مُقدمة البرنامج: سَمِعنا - قالت المذيعة - ان «نصف مليون» طفل عراقي ماتوا، وهذا عدد أكثر من الذين ماتوا في هيروشيما.. هل الثمن يستحق؟, أجابت أولبرايت باستعلاء وغطرسة وانعدام ضمير أو تعاطف: اعتقد أن هذا خيار صعب جدّاً، ولكن - أضافتْ - نعتقد ان الثمن يستحق «الدفع». (!!)
أحد في بلاد الحلم الأميركي والفُرص والديمقراطية وحرية التعبير, والدفاع عن حقوق الإنسان وحريّة الأديان وغيرها مما تضخّه وسائل البروباغندا الأميركية، لم يعترِض على ما قالته أولبرايت, لا في البيت الأبيض ولا في الكونغرس ولا حتى في معظم وسائل الإعلام الأميركي، بل هناك من أقام لها نُصباً تذكاريّاً في «كوسوفو» وما أدراك ما كوسوفو, عندما تدخل فيها حلف شمال الأطلسي بقيادة أميركية, لتدمير «يوغوسلافيا» وتفكيكها, بما هي إحدى «نتائج» الحرب العالمية الثانية, التي أراد بيل كلينتون إزالتها، بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكّك?الاتحاد السوفياتي, وبروز الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة لقيادة العالم, ومسارعتها للترويج بأن القرن الجديد (21) سيكون قرناً «أميركياً» بامتياز.
«نصف مليون» طفل عراقي, مُجرد «ثمن» يستحق الدفع, في رأي السيدة الوزيرة التي ساهمت هي حماسة من بين رهط مُتصهيّن كبير, في التحريض على فرض عقوبات قاسية على العراق (بعد غزوِه الكويت في 2 آب 1990), وقد شبّه بعض المُعلقين دورها, بالدور الذي لعِبته مَن كانت تُوصَف بالسيدة الحديدية, رئيسة وزراء بريطانيا في ثمانينيات القرن الماضي/ مارغريت ثاتشر.
كان أطفال العراق أبرز ضحايا تلك العقوبات القاسية, وها هي «تلميذتها النجيبة»/هيلاري, تسير على خطاها, حيث «لا» ترى في سقوط «100» ألف ضحية فلسطينية, معظمهم من الأطفال والنساء بين شهيد ومصاب، ما يبعث على الصدمة. لأن هذا ما «يَحدث في الحروب». كما أن لـ«إسرائيل حق في الدفاع عن نفسها ضد المُتوحشين», على ما برّرت هيلاري فظائع الصهاينة وجرائمهم الموصوفة.