ترويض حماة عنيدة أو رجل متنمر .. "نصائح مجنونة" تنتشر بالمغرب

 تضج مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب بمقاطع فيديو تخصص أصحابها في تقديم النصائح والإرشادات حول كيفية التعامل مع زوج متمرد، أو ترويض حماة عنيدة، فضلا عن سبل السيطرة على أطفال مشاغبين.

ولعل ما يميز صناع هذا النوع من المحتوى هو عدم حصولهم على أي كفاءات مهنية أو خبرات أكاديمية تسمح لهم بالتحدث بكل ثقة أمام ملايين المتابعين الحريصين على تطبيق هذه النصائح من دون تردد.

مايا.. عدوة الرجال
فمايا على سبيل المثال تقدم نفسها كخبيرة في العلاقات العاطفية، ومناصرة شرسة لقضايا المرأة. وقد تخصصت الراقصة مايا، وهي سيدة مطلقة تطل على عقدها الرابع، في تحليل شخصية الرجل.

حيث لا تكاد يخلو فيديو على حساباتها من انتقاد لاذع لمعشر الرجال ووصفهم بالشخصيات النرجسية السامة، مع إسدائها لما تعتبرها نصائح ثمينة لمتابعاتها من النساء والفتيات لدرجة خصصت منصة مسبوقة الدفع للراغبات في الاستفادة من تجاربها السابقة، لاسيما أنها مرت من 4 زيجات فاشلة.

بعد أن فشل دفعها لأن تصب جام غضبها خلال كل بث مباشر لها على إنستغرام، على الرجال كيفما كانت جنسياتهم.

كما لا تخفي مايا عداءها الواضح للرجل وهو ما يبدو متبادلاً من خلال كم التعليقات المسيئة التي تنهال على محتواها من لدن الرجال على وجه الخصوص، واصفين إياها بـ"خرابة البيوت" التي تشجع على الطلاق وتهدد نواة الأسرة، خصوصاً أن متابعاتها يصدقن كل ما تقوله بل يطلبن منها أيضاً النصائح والتوجيهات للنجاح في علاقاتهن.

إيمان.. قاهرة الحموات
أما إيمان فتلقب نفسها على وسائل التواصل بـ"الملكة إيمان"، وهي سيدة ثلاثينية متزوجة وأم لثلاثة أطفال. بدأت رحلتها في العالم الافتراضي ببيع الأزياء التقليدية، قبل أن تستغل شهرة شقيقتها على تيك توك وتحصد متابعات تقترب من سقف المليون.

من غرفة نومها، تخصصت في بث فيديوهاتها حول حرب الحموات، وكيفية التفوق على مكايدهن، وتوجه نصائحها للنساء المتزوجات أو المقبلات على الزواج حتى ينتصرن في معاركهن الأبدية مع أصهارهن.

كذلك اشتهرت بمقاطع فيديو تحرض من خلاله النساء على سرقة أزواجهن ورفض العيش مع حمواتهن تحت سقف واحد، قبل أن يهتز عرشها في اليومين الأخيرين وتجد نفسها مطرودة من بيتها بسبب حماتها، حسب ما قالت باكية في بث مباشر أو هكذا تدعي، بعد أن شكك البعض في كون الأمر برمته من نسج خيالها بغرض حصد مزيد من التابعين وكسب تعاطفهم.

كمال باشا.. رجل في سوق النساء
في حين يحظى كمال الملقب بـ"الباشا" بمتابعة عدد كبير من النساء وهو أمر طبيعي بالنظر للمحتوى الذي يقدمه لهن.

فالرجل تخصص في تسريب أسرار أحاديث الرجال وفضح نقاط ضعفهم، وكشف عالمهم السري الذي طالما استعصى على النساء سبر أغواره.

ولا يتردد كمال في توجيههن بأسلوب واثق يجمع بين صرامة تلقائية وكوميديا ساخرة، داعياً إياهن لاستعمال الحيل والمكايد لكسب قلب الرجل واستمالته. إلى ذلك ولتحقيق المزيد من المتابعات، يتفاعل "الباشا" بشكل مباشر مع مشاكل وشكاوى متابعاته، واصفاً إياهن بـ"بناته المطيعات" اللاتي يتبعن نصائحه للنجاح في حياتهن الزوجية.

"المشعوذون الجدد"
وتعليقاً على تلك الحسابات المنتشرة، شبه أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس في الرباط علي الشعباني ظاهرة أشباه "الكوتشات" "بالمشعوذين الجدد الذين يحتالون على متابعيهم ويبيعون لهم الأوهام". وقال في حديث "للعربية.نت" إن "هؤلاء الدجالين يستغلون الفئات الهشة في المجمتع المغربي لضرب قيم وثقافة المجتمع".

كما أضاف أن "هؤلاء الأشخاص ينصبون أنفسهم ناصحين للآخرين في العديد من القضايا ويلاقون نجاحاً واسعاً بسبب انتشار الجهل والفراغ الفكري في صفوف العديد من المتابعين الذي لا يميزون بين الغث والسمين"، داعياً للتصدي بقوة لهذه الظاهرة "عبر التحسيس بالتهديد الذي تشكله هذه الترهات" والتي شدد على أنها دخيلة على الثقافة المغربية.

الوعي المجتمعي
بدوره عبر المحامي في هيئة الدار البيضاء، خالد الدان، عن أسفه "كون القانون المغربي لا يعاقب على مثل هذه السلوكيات بحيث لا يمكن تكييفها جنائياً على أنها انتحال صفة نظم القانون شروط اكتسابها".

وأردف أن "الأشخاص الذي يقدمون" نصائح أسرية" دون توفرهم على تكوين في المجال التربوي والأسري أو تخصص في علم الاجتماع أو علم النفس أو الفلسفة أو أي علم من العلوم الإنسانية المعروفة يبقون بعيدين كل البعد عن أية مساءلة جنائية بسبب الفراغ القانوني الذي يمكن أن يمنع الخوض أو النشر بوسيلة ما موضوع ما دون أن يكون هذا المتحدث أو الناشر أو "الناصح" مؤهلاً فكرياً للخوض في ذلك".

كما أوضح أن "القانون الجنائي وإن كان يعاقب على انتحال صفة نظم القانون شروط اكتسابها كالمحامي والطبيب والقاضي والشرطي وإلى غير ذلك من الصفات والمهن والوظائف التي حدد القانون شروط اكتسابها، إلا أنه لا يمكننا القول بانتحال صفة كوتش أو صفة موجه أو ناصح أو غير ذلك".فيما دعا إلى الرفع من منسوب الوعي المجتمعي لمحاربة هذه الظاهرة، عن طريق تكثيف الجهود على مستوى التعليم ومحاربة الأمية وتوسيع دائرة انتشار المساعدات والمساعدين الاجتماعيين الذين لديهم مؤهلات علمية أكاديمية وبحثية.

تحذير من التمادي
من جانبه، حذر الخبير القانوني، أمين فتحي، هؤلاء المؤثرين المنتحلين لصفة "كوتش" أو الذين يقدمون محتوى يعتمد على النصائح من دون حصولهم على شهاهدات أو رخص في هذه التخصصات، من التمادي في تقديم هذا المحتوى الذي من شأنه تهديد قيم الأسرة.

وأكد أن "المؤثرين الذين يحترفون خدمة معينة تحت مسمى "خبير - مدرب - اختصاصي"، ويمارسون هذه الأنشطة من دون اعتماد قانوني لهذه الألقاب أو من دون إطار قانوني يجعلهم في نظر القانون مجرمين بمقتضى المادة 383 من القانون الجنائي التي نصت على أنه: من ادعى لنفسه بدون حق في ورقة رسمية أو بصفة معتادة لقباً أو ميزة شرفية، يعاقب بالحبس من شهر إلى شهرين وغرامة من 200 إلى ألف درهم".