سخرت قلمها للانتصار على السرطان.. الزميلة الوفية وفاء تغادر لبارئها
جفرا نيوز - بعد ثلاثة عقود من الوفاء بكل ما تحمل الكلمة من معنى، رحلت الزميلة وفاء مطالقة وترجل قلمها الذي لطالما سخرته لنقل معاناة المصابين بالسَّرطان ذاك المرض اللعين الذي أبى إلا أن تكون الوفية وفاء إحدى ضحاياه.
فبعد مسيرة صحفية واجتماعية حافلة بالإنجاز والتَّميز كان عنوانها الإلتزام بمواثيق الشَّرف وعلاقة مع كل من عرفها أشبه ما تكون بالماء بنقائه وطهارته، شيعت الأسرة الصحفية وفاء إلى مثواها الأخير بعد أن غادرت روحها جسدها مساء أمس الإثنين.
أكثر من أن تحصى مسيرة وفاء لكن الإشارة قد تفي بما تركته من إنجازات؛ فقد غطَّت الزَّميلة وفاء الجسر الجوي الذي أقامه الأردن عندما تعرضت العاصمة اللبنانية بيروت لعدوان إسرائيلي عام 2006، وروت التفاصيل بمهنيتها الراقية.
لم تبخل على كل الدَّاخلين إلى المهنة بالنصيحة والتوجيه لتظل ذكراها عالقة في عقل كل من تتلمذ على يديها. كانت رائدة في تقارير أعدتها لتبث أملاً كان يداعبها لكل المصابات بسرطان الثدي والتقت وروت قصص انتصارات على هذا الخبيث وحصلت على أرفع الجوائز في مجال الكتابة عن الحرب ضدَّ هذا المرض دون أن تدري أنه كان يترصدها.
تغادر وفاء وفي ملفها الضَّخم بوكالة الانباء الأردنية (بترا) ما يشهد لسيرتها المهنية العالية. فقد استحقت في 6 شباط 2012 جائزة موظف الشَّهر عن قطاع الصحافة، وقادت فريقا لإنتاج فيلم تسجيلي عن العيد الخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني وذكرى تسلم جلالته سلطاته الدستورية بعنوان "عز وعطاء"، وكانت رئيسة لجنة انجاز كتيب بمناسبة اليوبيل الذهبي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) وفازت عام 2015 بجائزة أفضل قصة إخبارية في المسابقة الإعلامية التي أطلقها البرنامج الأردني لسرطان الثدي.
في تغطياتها الكثيرة نبشت وفاء في المسكوت عنه في العديد من القضايا مثل قضية الفئات الأكثر ضعفا والمهمشة والعنف الموجه ضد النساء، وأضاءت على تعامل الأردن مع النفايات الطبية وطرق إدارتها، وكانت من أوائل من أثار معاناة الأردن مع تجارة المخدرات عبر عدة تغطيات، وتنقلت بين المواطنين في وسائل النقل العام لتحكي أبعاد المشكلة وحقيقتها.
كانت مؤمنة بتعاقب الأجيال وصناعة الصَّف الثَّاني من الصحفيين، وأخذت بيد الكثيرين وصولا إلى المصداقية والدقة والحياد وكانت "سيدة موقف". في أحد تحقيقاتها حول السرطان تروي وفاء صدمة المصابين بقولها: المكان: غرفة الطَّبيب المختص والزَّمان حين ينطق الطبيب بجملة "نتائج فحوصاتك ليست كما تمنينا، أنت مُصاب بالسَّرطان". لقد عاشت وفاء هذا الموقف الذي كانت تؤمن به ولم تكن إلا نفسها أكبر من الموقف الصادم.
كتب زملاء وزميلات المهنة على صفحاتهم عبر مواقع التَّواصل الاجتماعي رسائل لوفاء يستذكرون مناقبها خلال مسيرتها المهنية محررة ومندوبة ورئيسة قسم. كانت قامة صحفية. هادئة ورزينة ونموذج إنساني للعلاقة المتوازنة مع الجميع واستحقت بجدارة ثقة الجميع، مؤكدين أنَّ وفاء كانت نموذجا للوفاء يُدرَّس للأجيال.
يوم 30 نيسان من العام الماضي طلبت وفاء إحالتها على التقاعد كي تسد الفراغ الذي تركه رفيق دربها الذي غادر الحياة قبلها بسنتين وبضعة أيام لكن السرطان كان لئيماً فنال منها لتصعد روحها الى بارئها لتلحق بزوجها بـ "ابو علي" تاركة خلفها إرثا كبيرا من السيرة العطرة والنقية لكنها إرادة الله وسنته في خلقه التي ستكون مبعث الصبر لكل من سيفتقدون الزميلة "ام علي" خاصة ولديها علي ورغد ورحمة.
وكان وزير الاتصال الحكومي الدكتور مهند المبيضين، نعي الزميلة وفاء مطالقة، التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى بعد مسيرة مهنية حافلة في العمل الصحفي، مستذكرًا مناقب الفقيدة وإسهاماتها في الصحافة الأردنية، إذ عملت في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) في عدة مناصب منها، رئاسة قسم التحقيقات وقسم التحرير العربي والدولي ومستشارة في الوكالة.
وأعرب الوزير المبيضين عن أصدق التعازي والمواساة لعائلة الفقيدة ولعموم الأسرة الصحفية والإعلاميّة الأردنية، سائلاً المولى أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جنانه.
كما نعى مدير عام وأعضاء مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وأسرة الوكالة، الزميلة المطالقة، سائلين المولى عز وجل أن يلهم أسرتها وأهلها الصبر والسلوان ويتغمد الفقيدة بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته.