كريم أحمد خان شديد القلق.. من يصدق؟
جفرا نيوز - كتب - محمد خروب
إأما كريم خان/البريطاني الجنسية, الذي جِيء به إلى هذا الموقع الدولي الرفيع والحساس, بدعم وضغوط هائلة على الدول الأعضاء في الجنائية الدولية, من «الشريكيْن» الأميركي والصهيوني», رغم أن واشنطن كما تل أبيب لم تنْضما أو تُوقِّعا على «ميثاق روما» 17 تموز 1998 المُؤسس لهذه المحكمة, فهو/ خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي/ هولندا, وهي احدى أذرع هيئة الأمم المتحدة المنوط بها, مُحاكمة «الأفراد» عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب, والجرائم ضد الإنسانية والعدوان، وهي «أخطر الجرائم التي تُثير قلقاً دولياً». وا?محكمة هي «محكمة الملاذ الأخير». حيث تُمارس «المحاكم الوطنية» التحقيق والادعاء في الجرائم المرتكبة في هذا البلد أو ذاك.
وإذ لاذ سعادة المدعي العام بالصمت المُطبق, منذ شنّ جيش النازية الصهيونية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة, اللهم إلا في زيارة «يتيمة» لفلسطين التاريخية, تمت في الأول من كانون الأول 2023 «استجابة» بل رضوخاً لعائلات ما يُوصفون بـ«المُختطفين» الصهاينة, أبدى خلالها «تضامنه المُطلق» مع محنتهم, قائلاً خلال زيارته مستوطنات غلاف غزة: أنه «هناك شُبهة معقولة بارتكاب جرائم حرب, خلال الهجوم على المستوطنات المحيطة بغزة», مُضيفاً في حماسة لافتة: «لدينا أسباب لنعتقد أنه جرى القيام بأفعال تُعرّف جرائمَ من حيث القانون الد?لي، وأن أشخاصاً قُتلوا بسبب هويّتهم, وأنه جرت مُلاحقة أشخاص حتى موتهم في الحفل، وأنه كان هناك قتل لِمُسنِّين وأطفال».
بل قال في تصريح لاحق: «إن الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين الأبرياء في 7 أكتوبر, تمثل بعضاً من أخطر الجرائم الدولية التي تهز ضمير الإنسانية، وهي جرائم أنشِئت المحكمة الجنائية الدولية للتصدي لها»، مُضيفاً أنه والمُدّعين العامين التابعين له «يعملون لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم».
في حين كانت زيارته لمدينة رام الله المحتلة, حيث مقر سلطة الحكم الذاتي, زيارة مجاملة «مشروطة» بالفعل, حيث اشترطت عليه عائلات المُحتجزين الصهاينة, عدم الإجتماع بعائلات الضحايا الفلسطينيين الذين أزهق المستوطنون اليهود وجيش العدو أرواح ابنائهم وحرق بيوتهم وقلع أشجارهم وسرق ماشيتهم وهجّرهم من بيوتهم, فيما رفضتْ الجمعيات والمنظمات الحقوقية الفلسطينية الإلتقاء به, متهمة إياه بالإنحياز لـ«إسرائيل», في الوقت ذاته الذي زعمَ فيه أنه «لم يكن مُتاحاً له دخول غزة».
ما علينا..
مناسبة الحديث عن سعادة مُدعي عام الجنائية الدولية/ كريم احمد خان, هي التغريدة «المُدوية» التي أطلقها يوم أمس, حيث أعربَ في يقظة «مفاجئة» وبعد صمت طويل ومريب, على حسابه بمنصة التواصل الاجتماعي «X»، عن «مَخاوفه العميقة» بخصوص عمليات القصف (لم يُسمِ الطرف الذي يقوم بالقصف), التي وردتْ تقارير عنها، وكذا عملية التوغل البرّي (التي يُهدد جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذها في مدينة رفح المكتظة باللاجئين الفلسطينيين جنوبي قطاع غزة)». ثم مضى مُغرداً في سردية عمومية غير مُلزمة أو مُؤطرة بجداول زمنية, أو إضاءة على عمل م? أو تحقيقات «ملموسة وحقيقية», قام بها فريق مكتبه منذ زيارته اليتيمة سالفة الذكر لفلسطين التاريخية أوائل الشهر الأخير من السنة الفارطة على ما يقول الأشقاء في أقطار المغرب العربي.
قائلاً: إن مكتبه في المحكمة الجنائية الدولية يُجري (تحقيقاً متواصلاً ونشطاً) بشأن الوضع في «دولة فلسطين»، مُضيفاً أن «الحالة ذات أولوية قصوى»، بـ«انتظار عرض المسؤولين عن خرق ميثاق روما لجرائم الحرب على القضاء». مُتابعاً/المدعي العام: «كل الحروب تحكمها قوانين, ولا يمكن تأويل القوانين التي تسري على النزاعات المسلحة بطريقة تجعلها جوفاء وفارغة من أي معنى». مُستطرداً: «كانت هذه رسالتي على الدوام، بما في ذلك من رام الله العام الماضي. منذ ذلك الوقت، لم أرَ أيَّ تحوّل لافت في التصرفات من جانب إسرائيل». وختمّ بمزيد?من العمومية الأقرب إلى الثرثرة قائلاً: «أكّدتُ مِراراً، لا يمكن لأولئك الذين لا يلتزمون بالقانون التَّشَكي لاحقاً, حينما يتّخِذ مكتبي خطوات بموجب الولاية التي لديه».
لكن أكثر ما يثير الدهشة والشكوك في شأن التغريدة المُفاجئة لسعادة كريم أحمد خان هي الفقرة الأخيرة من تغريدته, حيث دعا «مُجدداً» إلى إطلاق جميع المُحتجزين، مُوضحاً «أن الأمر يُمثل أحد الجوانب المُهمة التي تُركِّز عليها تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية». لكنه وبعد 128 يوماً من حرب الإبادة والتدمير والتهجير والتجويع والتشريد, لم يُسمِ أو يأتي بذكر على المُعتقلين الفلسطينيين والمُختطّفين الذين تعجّ بهم السجون والمعتقلات الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة وخصوصاً في القطاع الفلسطيني.
فهل ثمة ما يمكن الرهان عليه في شأن ما قد يقوم به مدعٍ عام يُطِلق تصريحات كهذه، فيما هو وبعد أشهر معدودات على تسلمه منصبه, بل بعد أقل من شهر على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا, ذهبَ بنفسه إلى كييف/وبوتشا وأطلق إتهامات «جازمة», بل أصدرّ لاحقاً مذكرة «اعتقال» بحق الرئيس الروسي/ بوتين, بتهمة «خطف أطفال أوكران ونقلهم إلى روسيا». وهو/خان فتحَ في 3 آذار/2022 تحقيقاً في الوضع في أوكرانيا, أي بعد اٌقل من «اسبوعين» على اندلاع الحربْ.