مع تداعيات الحرب على غزة وتراجع القدرة الشرائية.. شبح الركود يخيم على الأسواق

جفرا نيوز - يؤكد خبراء اقتصاديون ان على الحكومة اتخاذ عدة إجراءات لضخ السيولة في الأسواق في ظل تراجع حجم الانفاق في الأسواق المحلية.

ولفت الخبراء اننا بحاجة الى تعديل مشروع قانون الموازنة واعادة النظر في ضريبة المبيعات واعادة النظر بالفوائد البنكية وتقديم حزم تمويلة أسوة بالتي كانت خلال جائحة كورونا.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش أن ثلاثية تراجع الإنفاق، فصل الشتاء، أحداث غزة. ويضاف إليها انتظار شهر رمضان الكريم، و لا شك أنها كلها تشي بأن هناك نوعا من حالة غير مسبوقة فيما يتعلق بتزامن جملة من المؤثرات الاقتصادية السياسية إلى آخره التي تؤثر على الأوضاع الاقتصادية. و تفاقم أحيانا مؤشرات أو يخشى أن تفاقم مؤشرات اقتصادية لها علاقة بالنمو الاقتصادي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي، في حال طالت الحرب على غزة، أن يتراجع إلى ما دون 2%، وأن يؤدي ذلك، من بين أمور أخرى، إلى تراجع العائدات السياحيةأكثر من ذلك.

واضاف انه ربما أيضا يفاقم مشكلة المديونية، ويصعب أمر الحصول على مزيد منها ويرفع كلفة الدين العام، الذي يتجاوز أو يقترب من 2 مليار دينار كفوائد عليه في الموازنة عام 2024، و أن يؤدي ذلك، من بين أمور أخرى، إلى تراجع في الإنفاق الاستهلاكي، و إلى تغير في عادات الاستهلاك مع كل النتائج المترتبة على ذلك، لجهة انخفاض الإنفاق، وبالتالي تراجع أداء القطاعات التجارية والاقتصادية المختلفة، مصحوبا بحالة من عدم اليقين فيما يتعلق بأسعار الفائدة، حيث المؤشرات في الولايات المتحدة ترجح على الأقل من النصف الأول من هذا العام، بقاء أسعار الفائدة ثابتة كما هي لأن مؤشرات ذات الدلالة فيما يتعلق بمعدلات التضخم في أمريكا، تظهره أن التضخم ربما يبقى عند مستوياته الحالية، ما يستدعي عدم التسرع بتخفيض أسعار الفائدة.

واشار الى ان هذه الفائدة ترفع الكلف حتى على القطاعات الاقتصادية ومن ثم على الصادرات، و أيضا على الإنفاق، بمعنى آخر أن جزءا مهما. من دخل المواطنين يذهب للإنفاق على متطلبات الفوائد والأقساط، وبالتالي تحرم قطاعات أخرى في الإقتصاد من الاستفادة من إنفاق المستهلكين، لذلك فتراجع الإنفاق الآن عندما نتحدث عنه تراجع على مستويين، تراجع القدرة الشرائية من جهة، وتحول الإنفاق نحو الحاجات الأساسية. ما يؤدي إلى ركود أحيانا في بعض القطاعات الاقتصادية.

وذكر عايش ان زيادة الإنفاق هنا أو هناك، الإنفاق الحكومي، إذا نحن أمام إشكاليات تتعلق بتراجع الإنفاق هو إشكالية تتعلق بتداعيات حرب غزة على الاقتصاد، و نحن أيضا أمام استحقاقات اقتصاد الشتاء فصل الشتاء، حيث أيضا الإنفاق يتجه إلى ال قطاع الطاقة، قطاع التدفئة، وبشكل عام. الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من التخصيص في هذا الإنفاق. وبالتالي، انعكاس ذلك على القطاعات الاقتصادية المختلفة، هذا الأمر يفترض و معدلات دخل الناس حتى بالقيمة الحقيقية،تتراجع بالنظر إلى أننا معدلات النمو الاقتصادي تقترب من معدلات النمو السكاني تقريبا، و بالنظر إلى أن التوقعات للنمو الاقتصادي للعام 2024، التي كان يفترض أن تكون 3%، وربما أكثر تنخفض إذا ما طالت الأزمة،الحرب الإجرامية على غزة وحسب، كما كانت توقعات صندوق النقد الدولي إلى 2%، هذا يعني أن الوضع الاقتصادي العام بانعكاساته على المؤشرات السوقية والاجتماعية للناس سيكون ضاغطا.

وقال الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي انه تسود المنطقة ظروف وتحديات قاسية وخارجة عن التحكم بها تؤثر بشكل مباشر وحاد أو غير مباشرعلى الاقتصاد الأردني ومناخ الاستثمار ومعدلات النمو وسوق العمل وحركة النقل والسياحة والتصدير، وتترك حالة من الترقب وعدم اليقين للمشهد السياسي والعسكري و النشاط الاقتصادي وحركة الأسواق والانفاق واعادة ترتيب سلم الأولويات والاحتياجات.

واشار الرفاتي الى ان الأسواق تأثرت بالحرب على غزة، وشهدت تراجعا في مبيعات الشركات الصناعية حسب غرف الصناعة، ومستويات السيولة والطلب والاستهلاك مدعوما بتأثر معنويات المستهلكين للأحداث الجارية.

وارتبط ذلك أيضا بعوامل أخرى منها ضعف القدرات الشرائية واستنزاف جزء كبير من الدخل الشهري لخدمة أقساط وفوائد الديون وثبات معظم أوجه الانفاق وعدم القدرة على التحكم بها مما ينشأ عنه عدم توفر مساحة مالية ملائمة ومرنة للتصرف بها والتوسع في الانفاق الاستهلاكي الذي يعتبر أحد ركائز محركات الاقتصاد، ودخول فصل الشتاء الذي يشهد تبدلا في الأولويات وضعفا في الانفاق والتنقل والزيارات والمناسبات الاجتماعية.مما يضعف الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها.

وبين أن عدم وجود تباعد مكاني أو جغرافي مناسب وكاف بين المولات والمنشات والمحلات التجارية المرخصة بين الأحياء أو الشوارع الرئيسية أو المناطق و تتشابه في بيع السلع والمنتجات وما ينتج عنه من اشتداد المنافسة بينهم وتقديم العروض الجاذبة لاستقطاب الزبائن يلعب دورا في التأثير السلبي على الحصة السوقية وحجم المبيعات والسيولة ضمن المنطقة الواحدة ومدى القدرة على مواجهة التكاليف المتزايدة وضيق الهوامش الربحية والعوائد المرجوة من الاستثمار التجاري.

واشار الرفاتي الى ان تأثر قطاع التصدير بما يجري في الدول المجاورة والمنافسة الشديدة من بلدان أخرى على أسواق الجوار مع توقعات وزارة المالية بتراجع الصادرات الى الخارج بنسبة 4% للعام 2024 وفق الفرضية التي بنيت عليها موازتة ذلك العام، مما يتطلب فتح أسواق جديدة غير تقليدية وتفعيل الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع دول عربية وأوروبية والتركيز على الكميات المصدرة أكثر من القيمة والتنوع في السلع والمنتجات، بالتزامن مع تدشين مسار بحري أردني بديل بين ميناءي العقبة ونويبع لنقل الصادرات الى أميركا وأوروبا وهي أحد الاجراءات الأردنية لمواجهة التأثيرات المتعلقة بأزمة البحر الأحمر التي تربك حركة السفن وتدفق السلع الى الأردن حيث أسعار الشحن المرتفعة و وزيادة فترات الملاحة تؤدي لتضاعف التكاليف وتؤثر على هامش الربح، وترفع الأزمة من حالة عدم اليقين حيال نمو الاقتصاد العالمي وخارطة الشحن.

ولفت الرفاتي الى ان شح السيولة واتباع سياسات البيع الأجل بنطاق واسع ولأجال طويلة تمتد ما بين 60 – 120 يوم يوم للسداد والتأخير في استرداد النقد يمكن أن يكون له انعكاسات سلبية على الدورة الانتاجية والتشغيلية للصناعيين والتجار والأداء والنمو، كما قد يؤثر انخفاض المبيعات على التدفقات النقدية للشركات والمنشآت وقدرتها على تغطية نفقاتها التشغيلية والانتاجية والتوسع في الانتاج والاستثمار والتوظيف وسداد التزاماتها تجاه الموردين والبنوك المقرضة، في ظل تحمل تكاليف صناعية ثابتة يسعى الصناعيون الى توزيعها بأكبر قدر ممكن على كميات الانتاج لتقليل تكلفة الوحدة الواحدة من المنتج النهائي وبما يساعد في تطبيق استراتيجية التسعير والتنافسية والربحية والعائد المرجو من الاستثمار.

وقال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة ان التوقعات بتراجع النمو الاقتصادي هذا العام يحتاج إلى تنفيذ عدد من الخطط تبدأ بضخ مزيد من السيولة في الاقتصاد، وتحفيز الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء إصلاحات ضريبيّة وجمركيّة، وتعديل أو سنّ كل ما يلزم من التشريعات والقوانين والأنظمة للوصول إلى مرحلة التعافي.
كما اعتبر مخامرة ان هنالك كلفة عالية يتحملها المواطن الأردني جراء ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع كلف الاقتراض خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى استنفاد جزء كبير من الموازنة المالية الخاصة بالمواطنين ودفعهم في تركيز وترشيد أولوياتهم الانفاقية، ما ينعكس بشكل واضح على تراجع حجم الاستهلاك المحلي.

ولفت إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة كان له انعكاس على تراجع النشاط الاستهلاكي في السوق المحلي، وسيتضح ذلك في المعطيات والبيانات الإحصائية للربع الأخير من العام 2023.

وأكد المخامرة أن زيادة حجم الطلب المحلي أمر بالغ الأهمية لدفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحسن مؤشراته، مطالبا في هذا الصدد الحكومة بالإقدام على اتخاذ إجراءات عدة لتحفيز الاستهلاك المحلي، ومنها تخفيض الضرائب على المحروقات، وتخفيض سقف ضريبة المبيعات من ١٦٪ إلى ١٢٪ وتعويض هذا الانخفاض في ضريبة المبيعات بالنسبة للحكومة في الغاء دعمها على بعض السلع، إضافة إلى البدء بتخفيض معدلات الفائدة بعد أن تم السيطرة على التضخم محليا؛ حيث إن من شأن ذلك أن يسهم في تقليص الكلف الخاصة بالمحروقات والفوائد على المواطنين وتوفير دخل إضافي لهم، مما يسمح لهم بزيادة حجم إنفاقهم واستهلاكهم المعيشي.

الرأي