عوفر كسيف شكراً
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
بعد أن تخلى دوف حنين عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي، عن مقعده لعضوية الكنيست الإسرائيلي، بعد دورتين، وفق تقاليد الحزب، ترشح رفيقه في عضوية المكتب السياسي، عوفر كسيف لانتخابات الكنيست، فأصبح عضواً في البرلمان عن قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي يرأسها النائب أيمن عودة.
في افتتاح جلسة البرلمان الأولى، خاطب عوفر كسيف المجلس بأول كلمة غير مسبوقة بالوضوح والصراحة التي تنسف مشروعية المستعمرة بقوله:
«أحب أن أذكركم أن هذه البلاد لها أصحاب أصليون، نصفهم يقيمون فيها، ونصفهم مطرود مشرد عنها، هم: الشعب الفلسطيني»، فكانت تلك أول قنبلة تفجير سياسي لبرلمان يغلب عليه هيمنة اليمين، واليمين السياسي المتطرف، والأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، باستثناء عشرة نواب فلسطينيين: 1- خمسة من قائمة الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير ، عوفر كسيف أحدهم، 2- خمسة من القائمة العربية الموحدة، يمثلون الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس، 3- وأربعة نواب من حزب العمل الصهيوني برئاسة ميراف ميخائيلي.
وتتالت مواقفه السياسية بهذا المضمون «الاستفزازي» أمام نواب الاحزاب المتطرفة ، وزادها عليهم حينما أعلن أنه ضد حرب غزة الظالمة، وأن جيش الاحتلال يرتكب مجازر ضد المدنيين الفلسطينيين، وأكثر من ذلك أنه اعتبر أن عملية 7 أكتوبر لم تكن تتم لولا وجود الاحتلال وممارساته، وبناء المستوطنات على حساب أرض الفلسطينيين ومصادرتها، وجرائم المستوطنين برعاية وحماية الجيش والأجهزة الأمنية ضد الفلسطينيين وقتلهم.
مواقف عوفر كسيف دفعت أعضاء الكنيست للتصويت لإحالته إلى لجنة الكنيست، التي صوتت يوم الثلاثاء 30/1/2024، بعزله من عضوية البرلمان بأغلبية 14 مؤيداً للقرار مقابل اثنين فقط هما النائبان الفلسطينيان أحمد الطيبي من قائمة الجبهة، ووليد طه من قائمة الحركة الإسلامية، وذلك على خلفية تأييده لقرار جنوب إفريقيا بإحالة المستعمرة إلى محكمة العدل الدولية، وكذلك تأييده لجلب من تورط ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية.
قرار العزل سيتم نقله إلى هيئة الكنيست للتصويت عليه، وهو يحتاج إلى موافقة ثلاثة ارباع أعضاء الكنيست اي 90 عضوا من أصل 120 لتمرير قرار العزل.
وجود بواسل من الإسرائيليين ضد الاحتلال والصهيونية، ومع الشعب الفلسطيني، أمثال دوف حنين سابقاً، وعوفر كسيف حالياً، ومن الأكاديميين الهامين أمثال آلان بابيه، وغيرهم قد يكونوا بالعشرات، ولكنهم أصوات إسرائيلية شجاعة تستحق الاهتمام والترحيب.
وها هو عوفر كسيف من قلب الوحش الإسرائيلي يُعلن رفضه لحرب ومذابح جيش الاحتلال في غزة، ويرى أن عملية 7 أكتوبر لها ما يبررها، رغم أنه ضد قتل المدنيين سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين، فمن من الجانب الفلسطيني، أو العربي، أعلن تقديره لموقف عوفر كسيف وشجاعته وانحيازه؟؟.
مطلوب من كافة فصائل المقاومة الفلسطينية وفي طليعتها حماس والجهاد، أن تعلن تقديرها لبسالة النائب عوفر كسيف، ومطلوب من الأحزاب العربية، وفي مقدمتها الأحزاب الأردنية وخاصة الأحزاب اليسارية والقومية، أن تتقدم خطوة شجاعة كي تُفرق بين المؤسسات الصهيونية القاعدة الداعمة لمشروع المستعمرة الإسرائيلية، وبين هؤلاء الشجعان الذين يشكلون المقدمة الضرورية لنزع الشرعية عن مشروع الاحتلال برمته.
يجب التفريق بين التطبيع المرفوض مع من يمثل الاحتلال ومؤسساته ورموزه وأدواته، وبين الذوات الإسرائيلية المعادية للاحتلال وللمشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي وممارساته.
الشعب الفلسطيني حتى ينتصر ويهزم المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي بحاجة لعاملين هامين:
أولهما وحدة العمل الكفاحي وفصائله على أساس ثلاثة عوامل هي: 1- البرنامج السياسي الموحد، 2- المؤسسة التمثيلية المشتركة وهي منظمة التحرير ومؤسساتها، 3- اختيار الأدوات الكفاحية المناسبة.
ثانيهما اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات من بين صفوفه لصالح قضية الشعب الفلسطيني وعدالة مطالبه وشرعية نضاله، وهذا ما توفره هذه الشخصيات الإسرائيلية الشجاعة ضد الاحتلال، والمنحازة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني، التي تدفع ثمن مواقفها السياسية المعلنة لصالح الفلسطينيين.