الحركة الصهيونية ويهود الأندلس (الدونمة) ودورهما في احتلال فلسطين (4-6)

جفرا نيوز - بقلم أ.د. محمد عبده حتامله

أولا: المنظمات الإرهابية:
أخذ البناء التنظيمي للإرهاب الصهيوني في النمو والرسوخ في فلسطين منذ بدء الانتداب البريطاني، فقد استفادت الحركة الصهيونية من دعم الاستعمار البريطاني لها، حيث أمن هجرة آلاف الشباب اليهود الذين انخرطوا في تنظيمات الإرهاب. ويذكر في هذا المجال أن الفترة (1905-1907م) شهدت قدوم أعداد من اليهود إلى فلسطين، وقد شكلوا النواة الحقيقية للمنظمات الإرهابية. ولذلك نلاحظ الارتباط العضوي لدى هذه المنظمات بين المؤسسات الصهيونية الاستيطانية والعسكرية والزراعية التي تهدف إلى اقتحام الأرض،والعمل،والحراسة، والإنتاج.
وسنتناول فيما يلي بعض هذه المنظمات، ومن ثم المجازر الإرهابية البشعة التي ارتكبها ضد المسلمين والعرب، أهل فلسطين:
1. منظمة بارجيورا: تم تأسيسها عام 1907م، وكان شعارها: (بالدم والنار سقطت يهودا، وبالدم والنار ستقوم يهودا)، وبارجيورا الذي اتخذته المنظمة إسماً لها هو شيمون بارجيورا، الذي قاد أول تمرد ضد الرومان في فلسطين خلال الفترة 66-70م.
2. منظمة الحارس (هاشومير) Hashomer: تم تشكيلها سنة 1909م بعد أن اتسع نطاق الاستيطان اليهودي في فلسطين إبان الحكم العثماني، بحجة تأمين حماية المستوطنات، وهي جماعة استيطانية عسكرية، كان شعارها: «يد على المحراث ويد على البندقية»، ومهمتها حراسة المستعمرات الزراعية اليهودية، وكان أعضاؤها مدربين على السلاح. وتعتبر منظمة الحارس من المحاولات الأولى لتأسيس قوة عسكرية مسلحة في فلسطين تعمل على فرض الاستيطان وتدعيمه. وقد ساهمت إضافة إلى الحراسة في إقامة المستعمرات الصهيونية، وذلك خلال الفترة (1913-1918م). وقاتل بعض أعضائها خلال الحرب العالمية الأولى ضمن الفيلق اليهودي في صفوف الجيش البريطاني. وقد انضمت هذه المنظمة فيما بعد إلى منظمة الهاغاناه.
3. فرقة القناصة الملكية (بغالة صهيون): شكلتها الحكومة البريطانية عام 1915م أثناء الحرب العالمية الأولى باسم (فرقة بغالة صهيون) من الصهاينة الذين غادروا فلسطين لنقل المؤن والذخيرة إلى الجبهة الخلفية في غاليبولي، وكانت تعتمد في تنقلاتها على البغال، وفي عام 1917م أصبحت هذه الفرقة نواة (الفرقة اليهودية) وتم تغيير اسمها إلى (فرقة القناصة الملكية)، وقد بلغ عدد أفرادها عام 1918م نحو خمسة آلاف.
4. الهاغاناه: أو (الدفاع)، تم تأسيسها عام 1920م في القدس، وكان اسمها (فرقة العمل والدفاع)، وقد ارتبطت في بداية تكوينها باتحاد العمل، ثم بحزب الماباي، وقد أنشئت بحجة الدفاع عن المنظمات اليهودية، وأصبحت فيما بعد العمود الفقري للجيش الصهيوني الذي أنشئ بعد قيام إسرائيل عام 1948م وأطلق عليه اسم جيش الدفاع الإسرائيلي.
5. منظمة البيتار: تنظيم شبابي تم تأسيسه في بولندا عام 1923م، وذلك بهدف إعداد أعضائه للحياة في فلسطين بتدريبهم على العمل الزراعي والعسكري. وكانوا يتعلمون أن أمام الإنسان اختيارين لا ثالث لهما، وهما: الغزو أو الموت، وأن كل الدول إنما قامت على السيف وحده. وقد امتد نشاط هذه المنظمة إلى خارج بولندا، ثم انتقلت قاعدتها الأساسية إلى فلسطين حيث أسس أتباعها عدد من المستوطنات الزراعية.
6. منظمة النوطريم: أي الحرس أو الخفراء، وقد شكلتها سلطات الانتداب البريطاني بالتعاون مع الهاغاناه للمساعدة في قمع الثورة العربية في فلسطين (1936-1939م)، وقام أعضاؤها بحراسة المستوطنات في غور الأردن. وأصبحت عام 1938م وحدة شرطة منظمة باسم (شرطة المستوطنات العبرية) وتكونت من عشرات الكتائب التي تولت حماية القطارات والمرافق العامة، وقامت بنقل المهاجرين اليهود غير الشرعيين.
7. منظمة إتسل: اسمها اختصار لـ (المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل)، وهي منظمة عسكرية صهيونية تأسست في فلسطين عام 1931م من اتحاد أعضاء الهاغاناه الذين انشقوا على المنظمة الأم، وجماعة مسلحة من البيتار. وقد تبنت هذه المنظمة أفكار جابوتنسكي الداعية إلى ضرورة تجهيز القوة اليهودية المسلحة لإقامة الدولة، وإلى حق كل يهودي في دخول فلسطين، وكان شعار المنظمة يداً تمسك بندقية كتب تحتها: (هكذا فقط). ومن أبرز قادة (إتسل) التاريخيين (زئيف جابوتنسكي، ومناحيم بيغن). وقد تم تغيير اسمها عام 1940م إلى (إتسل في إسرائيل)، وحددت هدفها، وهو أن تشكل في أسرع وقت ممكن العامل القادر على السيطرة على فلسطين بقوة السلاح.
8. منظمة ليحي (شتيرن): (ليحي) اختصار للعبارة العبرية: (لوحمي حيروت يسرائيل) والتي معناها: (المحاربون من أجل حرية إسرائيل)، وهي منظمة عسكرية صهيونية سرية أسسها أبراهام شتيرن عام 1940م بعد انشقاقه مع عدد من أنصاره عن (إتسل). ومنذ عام 1942م، أصبحت المنظمة تعرف أيضاً باسم مؤسسها شتيرن بعد مقتله على أيدي سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين. وكان سبب الانشقاق اختلاف وجهات النظر حول الموقف الواجب اتخاذه من القوى المتصارعة في الحرب العالمية الثانية، حيث اتجهت (إتسل) إلى التعاون مع بريطانيا، بينما طرحت شتيرن الوقوف إلى جانب ألمانيا النازية للتخلص من الاحتلال البريطاني لفلسطين، ومن ثم إقامة الدولة الصهيونية. وقد نفذت (ليحي) بعض العمليات التخريبية ضد المنشآت البريطانية، وقامت بالسطو على البنك البريطاني الفلسطيني في أيلول 1940م.
9. منظمة البالماخ: كلمة (بالماخ) اختصار للعبارة العبرية (بلوجوت ماحاس)، أي: (سرايا الصاعقة)، وقد تم تأسيسها عام 1941م لتكون القوة الضاربة لمنظمة الهاغاناه، ولكي تعمل كوحدات متقدمة قادرة على القيام بالمهام الخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك بالإضافة إلى إمداد الهاغاناه باحتياطي دائم من المقاتلين المدربين تدريباً جيداً.
وتتلخص مهام البالماخ في القيام بأعمال الهجوم على العرب العزل من السلاح، وقتلهم وتدمير منازلهم. وقد تخرج من منظمة البالماخ الإرهابية مجموعة من عتاة الإرهابيين ممن تولوا مناصب عليا في إسرائيل، مثل: موشي ديان الذي تولى رئاسة الأركان ووزارة الدفاع وإسحق رابين الذي تقلد منصب رئيس الوزراء. وتضم البالماخ عدة وحدات منها وحدة المستعربين التي ضمت عناصر تجيد اللغة العربية ولديها إلمام بالعادات والتقاليد العربية، وذلك للتغلغل في أوساط الفلسطينيين للتجسس والقيام بعمليات اغتيال.
وقد عملت البالماخ خلال عامي 1941م و1942م بتنسيق تام مع القوات البريطانية في فلسطين، وتلقى أفرادها تدريباً مكثفاً على أيدي خبراء الجيش البريطاني للقيام بعمليات خلف الخطوط الألمانية في حالة نجاح القوات النازية في احتلال فلسطين.
وعند نهاية الحرب، كانت البالماخ تضم 2000 فرد موزعين على 11 سرية، وكان ثلث القوات تقريباً من الفتيات. ومنذ خريف 1945م وحتى صيف 1946م، شاركت البالماخ بالتعاون مع منظمتي إتسل وليحي في أعمال عسكرية ضد القوات البريطانية في فلسطين فيما عرف باسم حركة المقاومة العبرية. وكانت البالماخ في عام 1948م القوة الرئيسية التي تصدت للجيوش العربية في الجليل الأعلى والنقب وسيناء والقدس، وخسرت في تلك المعارك أكثر من سدس أفرادها البالغ عددهم آنذاك نحو 5000 شخص.
هذا، وقد كانت هناك تنظيمات إرهابية أخرى صغيرة لا يتسع المجال لذكرها، وقد اندمجت بعض التنظيمات التي سبق ذكرها، وتم حل بعضها الآخر، وأصبحت المنظمات العسكرية الرئيسية أثناء حرب عام 1948م بين الدول العربية وإسرائيل ثلاثاً هي: الهاغاناه، وهي الكبرى، وكانت خاضعة للوكالة اليهودية، وإتسل، وكانت أثناء الحرب بزعامة مناحيم بيغن، وليحي (شتيرن)، وهي الأصغر، وقد اشتهرت باسم قائدها أبراهام شتيرن. ومن هذه المنظمات الثلث تم تشكيل (جيش الدفاع الإسرائيلي)، وذلك في السادس والعشرين من أيار عام 1948م، في غمرة المعارك الحربية بين العرب وإسرائيل.