محمكة العدل الدولية/ لاهاي
جفرا نيوز - بقلم د. اخليف الطراونة
شكراً من القلب وشكراً لدولة جنوب إفريقيا في جهدها وسعيها لوقف مجازر الإرهاب في فلسطين وغزة، جسدتم إنسانيتكم الرائعة بدعواكم القضائية التي رفعتموها أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهمون فيها دولة الاحتلال الغاصب المجرم بارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق أهلنا في غزة.
وازداد فخاراً بكم وبجهدكم في تقديم حقائق وأرقام ووثائق وأدلة دامغة للمحكمة، تثبتون فيها أنه لا دولة فوق القانون، وأن هذه الدولة المارقة التي تسمى بـ«إسرائيل» قد ارتكبت جرائم حرب وإبادة بحق الفلسطينيين، ما إدى إلى قبول المحكمة الدعوى، واعترافها، ولو مؤقتاً، بأن معاناة السكان المدنيين في غزة يُبرر إثارة مسألة الإبادة الجماعية، وهذا يعني محاكمة إسرائيل -ولأول مرّة- على جرائمها البشعة، ودحض إدعاءات إسرائيل بأنه ليس لدولة جنوب إفريقيا الحق في رفع هذه الدعوى وأن المحكمة ليست صاحبة الاختصاص في النظر فيها.
صحيح أن القرار المتخذ، وإن كان -بشكله العام مخيباً للآمال، إذ لم ينص على وقف فوري للأعمال العسكرية المجرمة والخارجة عن القانون الدولي والقانون الدولي الانساني باستهداف الأطفال والنساء والشيوخ والمستشفيات ودور العلم والعبادة- إلا أنه قرار أرسى مجموعة من القواعد التي تدحض ادعاءات إسرائيل، وتطلب منها اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الومجازر، والعمل على وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين ووقف قصف الجيش الإسرائلي الغاشم لهم.
لقد جاء قرار المحكمة رسالة للعالم بأن قضية فلسطين ليست شأناً اقتصادياً، بل هي قضية شعب ووطن، يمكن النظر فيها أمام المحاكم الدولية، وهي قضية حية في ضمائر الدول والشعوب الحرّة، وكشف القرار أيضاً زيف إدعاءات معظم الدول الكبرى في نصرة المظلوم ومساعدته، فها هي أميركا الدولة العظمى التي تقف إلى جانب دولة الاحتلال وفي الوقت الذي ينظر فيه في الدعوى؛ تعلن وبفجاجة أنها ستقوم بتزويد إسرائيل بالأسلحة والقنابل وبطائرات F16 وF35 الأكثر تطوراً.
إن العالم الحرّ والضمائر الحية لن تنسى هذا الدعم اللامحدود لهذا الكيان الذي يجب مساءلته ومحاسبته على جرائمه غير المسبوقة.
وأخيراً؛ لقد استوقفتني، بإعجاب واعتزاز، عبارة وزير العدل في جنوب إفريقيا- السيد رونالد لامولا- القائلة: «إن الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا سيبتسم في قبره بعد أمر محكمة العدل الدولية بفرض تدابير طارئة على إسرائيل بسبب حربها على غزة بصفته أحد المدافعين عن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية».