شخصيات فلسطينية: وقف دعم «الأونروا» تنفيذ لسياسات الاحتلال

جفرا نيوز - تتالت أسماء الدول التي أعلنت تعليق دعمها الموجه للأونروا، وارتفع عددها حيث بدأت بالولايات المتحدة ليصل عددها خلال ساعات إلى تسع دول، في عقاب جماعي للأهل في غزة نتيجة مزاعم ضد 12 من طاقمها الذي يضم 13 ألف شخص في غزة، في إجراء يدفع باتجاه أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات التي يعيشها الغزيون منذ السابع من تشرين الأول الماضي، في حرب إبادة لم تبق من مقومات الحياة الطبيعية أي وسيلة.

ورغم تسارع خطى الأونروا في إجراء تحقيقات مع (12) من موظفيها، فإن الدول التي أعلنت تعليق دعمها لم تتراجع عن قراراتها، ومضت بها، معاقبة الأهل في غزة والضفة الغربية، على مزاعم لم تثبت صحتها حتى اللحظة، وتضيف أعباء جديدة على الأونروا التي تعاني أصلا من أزمة مالية منذ سنين، إضافة إلى ما تمثله هذه القرارات من رسائل غاية في السوء والسلبية للفلسطينيين الذين يعانون حاليا من حياة صعبة جدا نتيجة للحرب على غزة، وعن طبيعة حياتهم إن توقفت مساعدات الأونروا المحدودة أصلا، تحديدا ممن يعيشون بالآلاف في مراكز الإيواء التابعة لها.

الأردن كان من أوائل الدول الرافضة لقرار وقف الدعم للأونروا، مؤكدا على لسان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي أن الأونروا تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه في إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون كارثة إنسانية نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة.

ولقيت هذه القرارات ردود فعل واسعة في الشارع الفلسطيني، والغزي خصوصا، لجهة رفضه واستنكاره، والتأكيد على خطورة آثاره على الواقع الفلسطيني تحديدا في غزة، وما ستؤول له الأمور من مزيد من الأزمات، ونقص في المساعدات التي تعدّ في الأصل قليلة جدا لكل من بات مصيره العيش في مراكز الإيواء التابعة للأونروا.

ووفق قراءة لتبعات القرار وأثره على الشارع الفلسطيني، أكدت شخصيات أن وقف تقديم الدعم للأونروا هو استمرار للخطط الاستعمارية الإسرائيلية، التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من غزة لسيناء ومن الضفة والقدس للأردن، وهو ما يرفضه الفلسطينيون ولن يجعلوا منه حقيقة مطلقا، ولن ينال الاحتلال ما يسعى له.

وثمن المتحدثون من مناطق فلسطينية مختلفة الموقف الأردني الذي كان من أوائل المواقف المنددة بالقرار، مشددين على أن الأردن وفلسطين شريكان في مواجهة خطط الاحتلال، ورفض التهجير، والعمل بجدية لدعم الأونروا التي تشكّل في بقائها بقاء لقضية اللاجئين واستمرارا لها إلى حين العودة.

الأردن وفلسطين شريكان

الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، قال «نحن والأردن شركاء فيما يتعلق بالتمسك بوكالة الغوث، ودورها الإنساني والإغاثي والصحي والتعليمي، وأيضا مسؤوليتها في إطار المجتمع الدولي كونها أنشئت بقرار أممي ولا يمكن القبول بأي مؤسسة غيرها لتقوم بهذا الدور المهم».

وبين أبو يوسف أن هناك اتفاقا فلسطينيا مع الأردن على هذا الأمر، والتأكيد على بقاء الأونروا التي تعدّ داعما لبقاء ملف اللاجئين، كاشفا عن اجتماع الاستشاري عقد مؤخرا في عمان وتم التأكيد خلاله أردنيا فلسطينيا على دور الوكالة وأهميته.

وثمن أبو يوسف الموقف الأردني الذي أعلنه أمس فيما يخص قرارات وقف الدعم للأونروا، الذي يأتي في إطار الجهود الأردنية بقيادة جلالة الملك لدعم القضية الفلسطينية والوقوف مع الشعب الفلسطيني والأهل في غزة، وتقديم كل ما من شأنه دعم صمودهم وثباتهم، وتطبيق القوانين الدولية.

ولفت أبو يوسف إلى أن القرار بتعليق الدعم للأونروا و»مصارعة» الدول الاستعمارية الأخرى للوقوف إلى جانب أمريكا يأتي في إطار حرب العدوان والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن كل ما يقوم به الاحتلال وحلفاؤه محاولات للتدمير وسياسات لمزيد من القتل من أجل تنفيذ خطة جهنمية للاحتلال تكمن في التهجير سواء من قطاع غزة إلى سيناء أو من الضفة والقدس إلى الأردن، وأن كل هذا سيناريوهات تشكّل استراتيجيات لدى الاحتلال جرّبت سابقا وتجرّب الآن.

ماكنة الاحتلال الإعلامية

في السياق، طالب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، الدول التي أعلنت إيقاف دعمها للأونروا، بعدم الانسياق وراء «ماكنة الاحتلال الإعلامية والمتطرفة في حكومة اليمين النازية التي تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين وحرمان المستفيدين من الخدمات الصحية والتعليمية التي تقدمها وكالة الغوث، الأمر الذي سيدفع العديد من اللاجئين إلى الهجرة من قطاع غزة، بحيث تكتمل فصول مؤامرة حرب التطهير والإبادة والهجرة القسرية».

وقال فتوح إن «حملة التحريض المبرمجة التي تطلقها حكومة اليمين المتطرفة ضد الوكالة ليست بجديدة بل هي مخطط احتلالي قديم منذ سنوات هدفه شطب قضية اللاجئين وحق العودة والتعويض الذي أقرتها الشرعية الدولية طبقا للقرار 194 لعام 1948».

واعتبر فتوح أن «التحريض الإسرائيلي على الأونروا انتقام من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، والمؤسسة الدولية، بسبب مواقفه وتقاريره التي استندت إليها محكمة العدل الدولية، بمحاكمة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما يهدف إلى التغطية على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وبحق المؤسسات التعليمية والصحية التابعة للأمم المتحدة، والتي تسببت بسحق وإبادة الآلاف من النازحين الذين لجؤوا إلى مراكز الوكالة هربا من مجازر جيش الاحتلال الفاشي، وكذلك قتل العشرات من موظفي وكالة الغوث، وآخرها قصف مدرسة الصناعة التابعة لها».

آثار سلبية كبيرة

المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة رائد النمس قال «نخشى أن يتكرر في خان يونس ما حدث في شمال غزة، من حصار ومنع للمساعدات، تحديدا بعد تعليق تقديم الدعم للأونروا»، لافتا إلى أن الهلال الأحمر في غزة لم يبتعد عن آلة الحرب الإسرائيلية، فقد تعرض مبناه للتدمير بجزء كبير من مرافقه.

وأشار النمس إلى نفاد مخزون الأوكسجين الخاص بمستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر في خانيونس بسبب استمرار حصار الاحتلال للمستشفى، محذرا من خطورة ذلك وعدم تمكن الطواقم الطبية من إجراء العمليات الجراحية جراء نفاد الاكسجين.

وطالب النمس المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الجرائم بحق المدنيين في غزة، والعمل على ثني الدول التي قررت وقف المساعدات عن الأونروا عن قراراتها التي «سيكون لها دون أدنى شك الكثير من الآثار السلبية على واقع الحياة في غزة».
وشدد النمس على أهمية الموقف الأردني الذي «يأتي في إطار الدعم الأردني الدائم والمستمر للقضية الفلسطينية وللغزيين خلال المرحلة الحالية».

الدستور - نيفين عبد الهادي