«أوامر» العدل الدولية «تُحرِج» حلفاء إسرائيل.. هل حقاً؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

برزت في ردود الأفعال الدولية والعربية خصوصاً تصريحات لافتة, محمولة في الآن ذاته على تضارب في الآراء حدود التشاؤم, قابلها إفراط في التفاؤل على النحو الذي جسدته تصريحات تتحدّث عن ان «أوامر» العدل الدولية لدولة العدو الصهيوني, شكّلت «إحراجاً» لحلفاء» الدولة الفاشية. ما يدفع للتساؤل عن «سرّ» الذهاب بعيداً في الرهان دول الغرب الإستعماري, التي ما تزال تقف الى جانب حرب الإبادة الجماعية ضد أهالي قطاع غزّة, حدود المشاركة الفعلية ليس فقط في التصريحات والدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي, بل خصوصاً في تزويدها بالأسلح? والمعلومات الإستخبارية والحضور العسكري على شواطئ فلسطين المحتلّة وبالقرب منها, بهدف «ردع» كل دولة/ أو تنظيم تراوده رغبة بإيذاء الدولة العنصرية الإستعمارية, مثل اميركا وبريطانيا وألمانيا (التي بالمناسبة أعلنت انضمامها الى جانب اسرائيل في مداولات محكمة العدل الدولية اللاحقة).

ثمّة فرصة سانحة لإختبار تصريح مُفرط في التفاؤل, كهذا الذي تحدث عن إحراج «حلفاء» الدولة الفاشية الصهيونية, ليس فقط في إصرار الولايات المتحدة على القول تعقيباً على أوامر العدل الدولية, بأن مُجرد رفع دعوى جنوب افريقيا ضد اسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية «لا اساس لها من الصحة»، بل خصوصاً عندما يلتئم مجلس الأمن الدولي الأربعاء الوشيك, بناء على طلب الجزائر (العضو الجديد المُمثل للمجموعة العربية في مجلس الأمن بداية العام الجاري) لتفعيل أوامر محكمة العدل الدولية. عندها سنرى الموقف الأميركي/والغربي الحقيقي الذي لا يق?م وزناً للقانون الدولي, بل ويبدي إزدراء لمنظمة الأمم المتحدة وكل الهيئات والمؤسسات المتفرعة عنها. ومنها محكمة العدل الدولية كما الجنائية الدولية، حيث واشنطن ليست عضواً فيها, ناهيك عن منظمة اليونسكو, ناهيك خصوصاً عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا), التي طالما حاربتها الإدارات الأميركية المتعاقبة, عبر قطع مساهمتها في موازنتها السنوية (كما فعلت مع اليونسكو ومنظمات دولية أخرى). اما آخر تجليات «العقوبات» الأميركية على وكالة/الأونروا، هو قرار «تعليق» اي تمويل إضافي للأونروا (وتبعتها كل من كندا و?ستراليا). والسبب في زعم متحدث الخارجية الأميركية/ماثيو ميلر, هو «إنزعاج» واشنطن من مزاعم مُشاركة (12) موظفاً بالأونروا, في هجوم حركة حماس (طوفان الأقصى/7 اكتوبر). وإن كان ميلر نفسه أضاف ان التعليق سيستمر الى حين «فحص» هذه المزاعم والخطوات التي اتخذتها الأمم المتحدة للتعامل معها.

علماً ان المفوض العام للأونروا/فيليب لازاريني, كان اعلن قبل يوم واحد من قرار واشنطن تعليق تمويل الأونروا, ان سلطات العدو الصهيوني زودت الأونروا بمعلومات حول الضلوع المزعوم, لعدد من موظفي الوكالة في الهجمات على إسرائيل في السابع من أكتوبر. مُضيفاً انه «لحماية قُدرة الوكالة على تقديم المساعدة الإنسانية، إتخذتُ قراراً بإنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور، وبدء التحقيق للتوصل إلى الحقيقة دون تأخير». ما يدفع للإعتقاد حدود الجزم, ان القرار الأميركي تعليق تمويل الأونروا, انما يشكّل خطوة داعمة «إضافية» للخطة المعر?فة والمعلنة, التي وضعتها حكومة العدو لـ«إخراج» الأونروا من قطاع غزّة بعد الحرب, على ما ذكرت ذلك في شهر تشرين الثاني الماضي, القناة «12» الصهيونية, مستندة في معلوماتها على «وثيقة» سريّة رفيعة المستوى في خارجية العدو.

ماذا عن باقي حلفاء اسرائيل.. اوروبا مثلاً؟

ليس من تصريحات صدرت عن معظم العواصم الأوروبية, سوى ذلك الذي أولى بها مفوّض الشؤون الخارجية/ بوريل (الذي يبدو انه يُغرّد مُنفرداً) عندما قال: ان قرارات محكمة العدل الدولية «مُلزمة» للأطراف وعليها الإلتزام بها, مُضيفاً ان الإتحاد الأوروبي «يتوقّع» تنفيذها الكامل والفوري والفعّال(إنتهى الإقتباس).

مَن هي الأطراف التي صدها بوريل لم يُسمِّها سعادته.. بالطبع. أما فرنسا بلد الثورة الفرنسية ووريثة شعاراتها عن الحرية,المساواة والإخاء فقالت: ان الإبادة الجماعية التي تتِّهم بعض الدول اسرائيل بارتكابها تتطلّب اثبات «النيّة».

فـَ«عن إي إحراج سياسي أو قانوني أو أخلاقي», يمكن لحلفاء اسرائيل هؤلاء... أن يشعروا به أو يقلقون من أجله؟.

للحديث صلة... غداً.

** إستدراك:

تشمل الخطة الإسرائيلية لـ(إخراج «الأونروا» من قطاع غزة) ثلاث مراحل، وفقاً للوثيقة التي إستندت اليها القناة/12 الصهيونية..... الأولى: تتضمّن تقريراً شاملاً عن تعاون «أونروا» المزعوم مع حركة «حماس». و«الثانية» تقضي بتقليص عمليات الوكالة في القطاع المحاصر، والبحث عن «منظمة مختلفة» لتوفير خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية. وفي المرحلة الثالثة: سيتم نقل جميع واجبات الوكالة إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد الحرب.

وحسب الوثيقة، ليست لدى الاحتلال في الوقت الحالي أي مصلحة في تغيير الوضع، لكون وكالة «أونروا» تمتلك البنية التحتية اللازمة, لتقديم المساعدات الضرورية والحاسمة لغزة خلال الحرب الدائرة.

اي تصفية الأونروا وإغلاق «ملف اللاجئين», بما يُلغي حق العودة, بالطبع بعد تصفية عمل الأونروا في باقي مناطق عملياتها في الدول المجاورة لفلسطين التاريخية, وقبلها خصوصاً في الضفة الغربية المحتلة.