الديمقراطية ودور الأحزاب كما يجب أن نفهمها
جفرا نيوز - بقلم رومان حداد
سأتبنى خطاباً ثورياً ديمقراطياً في مواجهة الواقع السياسي الباهت الراكد، وأنا جاهز لمحاسبتي عن كل كلمة ترد في هذا المقال، بداية لا بد من «تشجيع الحوار بيننا كشعب يسير على طريق التحول الديموقراطي»، وهو ما يعني ضرورة «أن تتناقشوا فيما بينكم كمواطنين في مجالسكم ودواوينكم، وفي المنتديات الثقافية، وفي مختلف المنابر الاجتماعية المتاحة حول جميع القضايا ذات الأولوية دون أية قيود أو محددات. فحتى تنجح الديمقراطية، لا بد من استمرار الحوار والنقاش».
فمن المؤكد أن «الديمقراطية لا تكتمل إلا بالمبادرة البنّاءة وقبول التنوّع والاختلاف في الرأي»، لذا «لا بد أن نعي جميعاً بأن تَفَّهُم الرأي الآخر هو أعلى درجات الاحترام، وأن حرية التعبير لا تكتمل إلا إذا التزمنا بمسؤولية الاستماع، وبهذه الممارسة فقط سنترك وراءنا نمط التفكير الذي يصنف المجتمعات إلى مجموعات متنافرة على أساس (نحن) و(الآخر)، ففي نهاية المطاف كلنا أردنيون وكلنا للأردن».
ولا يجب الصمت أو السكوت عن القضايا التي تمس حياتنا اليومية فـ"الديمقراطية مستمرة أيضاً من خلال انخراطكم في نقاشات وحوارات هادفة حول القضايا التي تواجه أسركم، ومجتمعاتكم المحلية، والوطن بعمومه، وفي مقدمتها محاربة الفقر والبطالة، وتحسين خدمات الرعاية الصحية والتعليم والمواصلات العامة، والحد من آثار الغلاء المعيشي، ومحاربة الفساد بأشكاله وأي إهدار للمال العام».
ولذلك علينا ألا نخاف التعبير عن آرائنا في مختلف القضايا فـ"الاختلاف لا يؤشر على وجود خلل، وليس شكلاً لانعدام الولاء، بل إن الاختلاف المستند إلى الاحترام هو دافع للحوار، والحوار فيما بين أصحاب الآراء المختلفة هو جوهر الديمقراطية، والديمقراطية هي الأداة التي تجعل من الحلول التوافقية أمراً يمكننا من المضي إلى الأمام».
هذا التحول الديمقراطي يحتاج إلى متطلبات أبرزها «حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق. ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضج. ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب، وحصولها على مزيد من المقاعد، وتشكيلها لكتل نيابية ذات قواعد صلبة، سيكون هناك قدرة أكبر على إشراك نواب كوزراء في الحكومة».
ولا بد من الانطلاق في هذا الاتجاه بصورة صادقة حيث «يحتاج الأردن إلى وقت من أجل تطوير أحزاب سياسية بالحجم والامتداد الوطني والقدرات الضرورية للنهوض بهذا الدور المحوري. أما البديل عن بناء أحزاب سياسية فاعلة وذات قواعد شعبية على مستوى الوطن، فهو استمرار ائتلافات قائمة على بنية ضعيفة، لا تجمعها إلا النفعية السياسية الضيقة، وليس البرامج والفكر المشترك. وقد أدت مثل هذه الظروف، في دول أخرى، إلى إفراز حكومات غير مُمَثّلة وغير مستقرة، ونريد للأردن أن يتفادى مثل هذه الحالة لأن وطننا يستحق الأفضل دائماً».
وطبعاً لا يتوقف دور المواطن عند انتخاب النواب أو التذمر من الأداء الحكومي بل يمتد إلى «إخضاع الحكومة ومجلس النواب للمساءلة» وهو ما «يتطلب المشاركة القوية من قبل المواطنين في الشأن العام، من خلال المواطنة الفاعلة. فعندما يعجز الممثلون المنتخبون والحكومة عن الوفاء بالتزاماتهم، يترتب على المواطنين المتابعين للشأن العام والمنخرطين به، أن يمارسوا الضغط عليهم ومطالبتهم بالوفاء بها».
أنا لم أقم بكتابة هذا الخطاب الثوري، رغم قناعتي المطلقة به، فكل الاقتباسات الواردة في المقال، إن صحت تسميته هكذا، هي اقتباسات من الأوراق النقاشية الملكية الأربعة الأولى، فهل يسعفني ذلك لنشر المقال ومناقشة مضامينه، وقياس المسافة الفاصلة بين خطاب ملكي ثوري وواقع يقف على الضفة الأخرى من هذا الخطاب؟