الحباشنة يكتب : كلام في الاستثمار
جفرا نيوز - كتب - فارس الحباشنة
في الحديث عن الاستثمار نتابع كل شاردة وواردة، ونتابع ما هو ممكن ومأمول ومتاح في جلب استثمار ورأسمال يحقق التنمية ويرفد الاقتصاد الوطني. ومن حوالي عام تم اقرار قانون البئية الاستثمارية، والقانون بعد اقراره خضع لتعديلات جراحية، دخلت انظمته وتعلمياته عدة مرات غرف العمليات والعناية الحثيثة.
و انا قليل الكتابة في الشأن الاقتصادي، واذا ما تطرقت الى الموضوع الاقتصادي، فأتناوله من جوانب وزوايا اجتماعية وسياسية.
و لكن، ليس هذا ما يهم في موضوع الاستثمار، والدولة تعول كثيرا على الاستثمار، ونسمع حديثا باسقف عالية عن القطاع الخاص وجلب رؤوس اموال، والاستثمار والتنمية. و تابعت اخبارا عن ندوات وورش عمل ومؤتمرات عقدت في الاردن، وعنوانها العريض والمركزي الاستثمار.
و من كثر ما سمعت عن الاستثمار اصبحت اتحسس كل يوم رأسي، واتحسس افكاري، واتحسس مواقفي وارائي ، وحتى لا ابخل في نصيحة وموعظة قد تخدم او تعجل او تساهم في تطوير عجلة الاستثمار.
و في الحديث عن الاستثمار نسمع وزيرة الاستثمار ونسمع الحكومة تتكلم، ونسمع نوابا ونسمع خبراء وناصحين اقتصاديين للحكومة، ولكن لم نسمع ماذا يقول المستثمرون انفسهم ؟ و كنت اتمنى لو مرة واحدة في اعلامنا ان يفتح حوارا جادا ومباشرا دون مكياج او مونتاج مع مستثمر رحل مشاريعه خارج الاردن، ونسمع الى مستثمر يشكو من معيقات في البيروقراط ومعيقات في بيئة وبنى الاستثمار العلوية والسفلية.
و لنسمع لمستثمر متردد بالاستثمار او مستثمر يفكر في جلب استثمارات الى الاردن. و في حوزتي الصحفية كثير من الحكايا والقصص الاخبارية عن مستثمرين، وتصلح مواد اعلامية مرئية، ونشرها قنبلة عنقودية كفيل في صناعة زلزال كارثي مدمر، ويفجر ملف الاستثمار في الاردن من الألف الى الياء. اسئلة كثيرة عالقة حول الاستثمار والدفع في ماكينة صناعة الاستثمار، وكيف يمكن للاردن ان يحقق تقدما ونموا استثماريا، ويحصد حصته الاستثمارية اقليميا ودوليا ؟!
اكتب عن الاستثمار برسم القلق ليس إلا.. لماذا لا نكون اكثر جراءة وقد مر عام على اقرار قانون البيئة الاستثمارية، ونراجع القانون، ونسأل بصوت عال ماذا جلب القانون من ارقام في النمو الاقتصادي، وارقام في الاستثمارات الاجنبية، وارقام في البطالة وارقام في التنمية؟!
في الحديث عن الاستثمار، ولو بدأنا من المربع الاجرائي والاداري، فالتعليمات والانظمة مازالت عقيمة ومتباينة ومزدوجة المرجعيات، وتطفش وتنفر المستثمرين من البلاد.
للعلم، فان المستثمر اول ما يقرر ان يستثمر في بلد ما يقرأ قوانينه، ويقرأ استقراره السياسي والامني ، ويقرأ مؤشرات الفساد والنزاهة والشفافية. و ما يبعث على الغبطة ان قانون البيئة الاستثمارية وتعليماته وانظمته يفيض بنصوص تحتاج الى مراجعة وتدقيق.
و مثلا، القانون يحرم مستثمري قطاع الصرافة من اردنيين واجانب التمتع بميزات وحوافز استثمارية توفرها بيئة الاستثمار.
و استثناء يحرم شركات صرافة كبرى تشغل مئات ملايين الدنانير من مزايا وحوافز الاستثمار، واقتصاد الصرافة لا يقل اهمية عن قطاع البنوك. و يحرم القانون الفاعل المستثمرين الاجانب في قطاعات اقتصادية تتبع الى « نقابات مهنية « من الاستفادة والتمتع في حوافز الاستثمار. واخطر ما في ملف الاستثمار العقول الباردة. والاستثمار لا يتقدم ويتطور بالقوانين وحدها، خلق بئية استثمارية يحتاج الى صناع قرار، يحتاج الى مطبخ استثماري اردني، وحتى لا نبقى عالقين في دائرة الاتهام واللوم، وتبادل تحميل المسؤوليات. المستغرب ايضا، ان الحكومة فرضت على جواز «السفر المؤقت» رسوما بـ25 الف دينار، وهذا رقم عال وغير واقعي.
و المستثمر يحصل على جواز السفر المؤقت لـ3 اعوام، وذلك لغاية اكمال تحقيقه لشروط الجنسية، وبعد ذلك يدفع 5 الاف دينار رسوما للجنسية. وامام هذه الرسوم والكلف الاضافية على اصدار وثائق الاستثمار، والى جانب التعقيدات والاجراءات البيروقراطية غير المنطقية، وغيرها. فلا اظن ان سقف حلمنا وطموحنا من الاستثمار سوف يتحقق يوما ما.
ارجو من وزيرة الاستثمار خلود السقاف ان كانت جادة في ادارة ملف الاستثمار، وان تقف على كل حرف وكلمة تحكى علنا وسرا عن قضايا الاستثمار والمستثمرين. و ان تحاسب وتسأل في اروقة وزارتها لتضع يدها على العطل والتعطيل والخلل في سياسة ادارة ملف الاستثمار. مرور عام على اقرار قانون البيئة الاستثمارية كاف لازالة اللثام عن الاسئلة الكبرى العالقة في ملف الاستثمار في الاردن، ولماذا نتراجع ولا نتقدم؟!