الفراعنة يكتب: المتمكن يتمسّك بشروطه
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
لن أقول إن المنتصر هو الذي يملك القدرة على فرض شروطه على الطرف المهزوم، فالمعركة لم تنتهِ بعد في قطاع غزة، وهي ما زالت متواصلة، ساخنة، بين قوات المقاومة الفلسطينية في مواجهة قوات المستعمرة الاسرائيلية.
الضحايا من الفلسطينيين بعشرات الآلاف، والقتلى من الاسرائيليين بالمئات، والمعركة ما زالت مستمرة تستنزف طرفي الصراع.
قوات المقاومة صامدة، متمكنة، قادرة على توجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال، وهذا يُبشر بالخير ويفتح على الامل، مُعبراً عن حالة الصمود، ومقدمات تحقيق نتائج مرجوة بالانتصار .
صمود المقاومة الفلسطينية هو الذي يدفع برفض اقتراحات حكومة المستعمرة المعبرة عن استعداد تقديم تنازلات وإن كانت غير كافية أمام إصرار المقاومة على شروطها.
حكومة المستعمرة سرّبت، لأسباب انتهازية وانتخابية ذاتية أنانية، وليس محبة أو رغبة في اللجوء الى التسويات أو عدم التصعيد، أو عدم التراجع عن أهدافها المعلنة العدوانية الهمجية نحو الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بالقتل والتدمير، بل قدمت تنازلاتها غير الكافية بسبب فشلها إلى الآن في تحقيق أهداف الحرب المعلنة كما أعلنها وزيرهم يؤاف جالنت، ويتحجج بها نتنياهو باستمرار مع حلفائه المتطرفين: قتل المقاومة، التخلص من العامل الديمغرافي الفلسطيني، تطهير غزة، وبقاء الاحتلال على قطاع غزة كما هو في القدس والضفة الفلسطينية.
نتنياهو شخصياً عبّر امام عائلات الأسرى الإسرائيليين عن استعداده لتقديم التنازلات، وسرّبت مصادر حكومية مسؤولة عبر وكالة الأنباء الاميركية أنهم قدموا اقتراحات تتضمن: 1- وقف إطلاق النار لمدة شهرين، 2- إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال وليس جميعهم، 3-السماح لقيادات المقاومة للخروج من قطاع غزة إلى خارج فلسطين.
وأوردت وسائل إعلام عبرية قولها إن حكومة نتنياهو قدمت للوسطاء: الولايات المتحدة وقطر ومصر مضامين صفقة متعددة المراحل، تشمل هدنة إنسانية لمدة شهرين، دون الالتزام بإنهاء الحرب على قطاع غزة، واطلاق سراح اسرى فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية .
مقابل ذلك أوردت الوسائل الاعلامية نفسها نقلا عن مسؤولين لدى حكومة المستعمرة، أن حركة حماس وفصائل المقاومة يُصرون على : 1-وقف الحرب على قطاع غزة ، 2- انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، 3- فك الحصار الظالم على أهل القطاع، 4- إطلاق سراح كافة المعتقلين والأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.
واضح من اتساع الفجوة بين الاقتراحات الاسرائيلية مقارنة مع الاقتراحات الفلسطينية، التسهيلات المقدمة من حكومة المستعمرة، والمتشددة المقدمة من قادة المقاومة، مما يعكس حالة التعارض البائنة بين الطرفين، وهو دلالة على حالة الحرج وعدم القدرة على الحسم لدى الطرف الإسرائيلي، وحالة الصمود والثقة لدى الطرف الفلسطيني.
ولذا يمكن وصف مبادرة 7 تشرين أول اكتوبر الكفاحية، وتداعياتها، أنها لا تقل اهمية من حيث العمل والنتائج عن محطات الانجاز الفلسطينية المتراكمة:
1- ولادة منظمة التحرير، وإستعادة الهوية الفلسطينية الممزقة المبددة، وبروز التمثيل السياسي الموحد للشعب الفلسطيني.
2- نتائج الانتفاضة الأولى عام 1987، التي أدت الى الاعتراف الاسرائيلي الأميركي بالعناوين الثلاثة: بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني.
3- انتقال العنوان الفلسطيني من المنفى إلى الوطن بفعل اتفاق أوسلو وتداعياته بالانسحاب الاسرائيلي متعدد المراحل.
4- نتائج الانتفاضة الثانية عام 2000، التي فرضت الرحيل الاسرائيلي عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
وتبرز اهمية النتائج المرجوة لمعركة 7 أكتوبر وتداعياتها، أنها تمت بعد تراجع المستعمرة عن كل النتائج التي تحققت بالمحطات السابقة واستعادة قوات المستعمرة احتلالها لكافة المناطق الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، وتراجعها عن كافة الاتفاقات السابقة الموقعة بين طرفي الصراع.