شباب يحوّلون تيك توك إلى منصة لمواجهة خطابات الكراهية

جفرا نيوز - تبث ريكا ألام التي تبلغ من العمر 31 عاما، مقاطع فيديو على تطبيق تيك توك، تصور فيها لمحات من حياتها، كفتاة يهودية تعيش في ألمانيا.

وتشرح الشابة الثلاثينية لمتابعيها البالغ عددهم نحو 36 ألفا، بعضا من هذه الملامح، مثل نوعية الأطعمة التي تعدها أسرتها في أيام السبت التي تعد عطلة في الديانة اليهودية.

وتوضح ريكا للمشاهدين طريقة خبز "هالاه” المضفر، وأيضا ما هي التقاليد التي تعد جزءا من عيد سوكوت اليهودي، وتبلغ مرات مشاهدة مقاطع الفيديو التي تبثها، أكثر من مئة ألف مشاهدة وفقا لبيانات التطبيق.

غير أن مقاطع الفيديو هذه تتلقى تعليقات ذات محتويات أكثر خطورة، حيث كتب أحد المستخدمين للتطبيق تعليقا، تحت مقطع فيديو بثته ألام يقول فيه إنها يجب عليها أن تزور عائلتها في "ميونيخ بوشينفالت”، في إشارة إلى معسكر الاعتقال الذي أداره النظام النازي، حيث يقدر عدد الأشخاص الذين ماتوا فيه أثناء اعتقالهم بنحو 56 ألفا.

وردت ألام على التعليق قائلة باقتضاب، "لسوء الحظ، لن أستطيع فعل ذلك، لأن بوشينفالت تقع في مدينة فايمار”، التي تبعد بحوالي 400 كيلومتر عن ميونيخ.

رغم أن خطاب معاداة السامية، على تيك توك ليس بالظاهرة الجديدة، فإن الوضع ازداد سوءا خلال الأشهر الأخيرة

ولفتت ريكا في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إلى أنها عادة لا تبلغ الشرطة بمثل هذه التعليقات، ولكنها فعلت ذلك كرد فعل على التعليق الأخير، مضيفة "إنني لا أريد أن أذهب إلى المحكمة، فهذا ليس هدفي على الإطلاق، كل ما أريده هو أن أمثل دعوة للاستيقاظ، على حقيقة أنه لا يمكنك أن تبث كل شيء على الإنترنت، وتتوقع أن يروق للجميع”.

واختارت الشابة الثلاثينية بث مقاطع فيديو على تيك توك، لمواجهة من يقابلونها بالجهل والتحيز عندما تخبرهم بأنها يهودية، قائلة لنفسها "مع تيك توك أستطيع أن أقدم، رؤى جيدة حقا حول الحياة اليهودية”.

والبساطة مهمة أيضا بالنسبة إلى ألام، التي تقول لا داعي لأن تكتب أو تخطط كثيرا على تيك توك، "من الناحية النظرية، يمكنك فقط أن تتحدث إلى الكاميرا”.

وأصبح تيك توك الذي كان في السابق يقتصر على المحتوى الترفيهي، بالنسبة إلى كثير من المستخدمين موقعا للحصول على مزيد من المعلومات والمعرفة. وصارت المنظمات والأفراد الذين ينتجون المحتوى، يرغبون في الوصول إلى الشباب، الذين يقضون وقتا طويلا على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي منصات يوجد بها أيضا معلومات مضللة في أحيان كثيرة.

وتعلم إيفا برندسن، المتحدثة باسم مركز آن فرانك التعليمي، أيضا مدى أهمية تيك توك بالنسبة للتثقيف السياسي، والنضال ضد معاداة السامية، قائلة إن "تيك توك هو الوسيط الإعلامي الرائد، بالنسبة إلى الجيل الأصغر سنا”.

ويريد المركز التعليمي أن يزيد الوعي على تيك توك، عن طريق تدشين حملة هاشتاغ #معا ضد معاداة السامية، إلى جانب مواجهة خطاب الكراهية المتعلق بمعاداة السامية، وخطاب نظريات المؤامرة. وتشارك ألام في هذه الحملة.

Thumbnail
وتشير برندسن إلى أنه برغم أن خطاب معاداة السامية، على تيك توك ليس بالظاهرة الجديدة، فإن الوضع ازداد سوءا إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، مضيفة أن "ما نراه حاليا على صفحات التطبيق، هو إلى حد كبير كراهية صارخة لإسرائيل، وللهجوم الانتقامي الذي شنته على غزة ردا على هجوم حماس.

وأبلغ أفراد من اليهود الذين يشاركون في حملة التوعية على تيك توك، عن وجود عداء هائل في بعض الحالات.

وتتابع برندسن أن محتوى تيك توك يدور في الغالب حول "الرسائل الجريئة وذات الإيقاع الصاخب والمثيرة للمشاعر”، وهذا يصب في مصلحة التيارات المناهضة للديمقراطية التي لديها نظرة مبسطة للعالم.

ومن ناحية أخرى يواجه العمل التثقيفي تحديات هائلة، لأن المحتوى المغاير والمتوازن يحتاج غالبا إلى مزيد من الوقت.

وتفضل منصات التواصل الاجتماعي "المحتوى الذي يولد مستوى عال من التفاعل، وغالبا ما يكون محتوى حافلا بالكراهية والعنف”، وفق مونيكا هوبشر وهي تعمل باحثة في مجال معاداة السامية، على منصات التواصل، بجامعتي دويسبرغ-إيسن وحيفا.

وتضيف أن المحتوى المعادي للسامية أو الإرهابي، يتم نشره عن طريق الخوارزميات، "حتى لو كان المحتوى ينتهك القواعد الإرشادية لعمل المنصات”.

Thumbnail
وأعربت عن شعورها بالقلق إزاء الطوفان الحالي، من الصور الحافلة بالعنف والقادمة من الشرق الأوسط، قائلة إن هذه الصور يتم خلطها مع حملات مضللة لها أهدافها، تقوم بها جهات مختلفة.

وتعتقد هوبشر بأنه لا يجب علينا تثبيط عزيمتنا، بسبب حقيقة أن المحتوى الإيجابي يصل دائما بدرجة أقل من المحتوى السلبي، مشيرة إلى أنه من المهم ألا نعلق على الصور ومقاطع الفيديو، التي تثير الكراهية أو حتى الإرهابية منها، مضيفة "إذا مزجت ذلك مع الهاشتغات المناسبة، فيمكنك أيضا أن تجذب الانتباه”.

وعن طريق زيادة الوعي، تتصدى سوزان سيجرت أيضا لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة، التي تنتشر من آن لآخر على منصات التواصل، وتقدم هذه الفتاة التي تبلغ من العمر 31 عاما وتقيم في مدينة لايبزغ، معلومات على تيك توك حول المحرقة.

وترى سوزان أن تطبيق تيك توك يقدم أفضل الإمكانات لنشر الوعي، وإجراء المناقشات والوصول إلى أكبر عدد من المستخدمين، لأنه ببساطة يقوم بدور بارز في حياة الكثير من الشباب.

وكشفت سيجرت أنه منذ هجوم حماس على إسرائيل، أصبحت نبرة مقاطع الفيديو الخاصة بها أكثر صرامة، حيث صارت تحذف كثيرا من التعليقات، وتفسر ذلك بقولها "لا أريد أن أدخل قي مناقشات حول هذه التعليقات”، وتشير على سبيل المثال إلى المقارنات التي يرسمها المستخدمون، بين المحرقة وبين الهجمات المضادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

ويشار إلى أن تطبيق تيك توك يتعرض باستمرار لتهديدات بفرض حظر عليه في بعض الدول، وذلك بسبب حملات التضليل والمشاهد المسيئة للقيم والمليئة بالعنف.