سيناريوهات «اقتصادية» عالمية للحرب على غزة

جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود

من الطبيعي أن تنشغل دول العالم والمنظمات الدولية بوضع سيناريوهات وبرامج لمواجهة التغيرات -غيرالمتوقعة -التي يشهدها العالم وتحديدا منذ العام 2020 حين اجتاحت «كورونا» العالم، ثم في العام 2022 حين اندلعت الحرب الروسية الاوكرانية، واليوم يعاني الاقليم من تداعيات الحرب على غزة..والخشية كل الخشية من توسع رقعة الحرب التي بدأت تتوسع بالفعل مع ما يجري من تطورات عند باب المندب والبحر الاحمر وكلما توسعت زادت الاخطار المحدقة على المنطقة والعالم سياسيا واقتصاديا.

ومع بداية العام 2024 بدأت منظمات عالمية في مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومراكز دراسات دولية، بالتحذير من طول أمد الحرب وآثارها السلبية على دول المنطقة -ومنها الأردن بالتأكيد-..وكان من الطبيعي أيضا أن يطغى حدث «الحرب على غزة» على أجندة أعمال المؤتمرات الدولية التي كان آخرها أمس الأول الاثنين، المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس 2024 «في دورته الـ59 في مدينة دافوس السويسرية، وفي مقدمة جدول أعماله: 

- الحرب على غزة.

-الحرب الروسية الاوكرانية. 

-ثورة الذكاء الاصطناعي.

-أزمة تكاليف المعيشة (وسط ارتفاع أسعار الفائدة).

-التغير المناخي.

-أزمة الديون الكارثية. 

-تباطؤ النمو الاقتصادي. 

وكل ما هو مذكور أعلاه من محاور تتأثر بصورة أو بأخرى بالتطورات الجيوسياسية والجيواقتصادية، ويتضح ذلك تماما من الحضور المكثف للاطراف المعنية بالمحاور السياسية والاقتصادية، وقد ظهر جليا في المنتدى يوم أمس تصدّر ملف الحرب على غزة وآثارها السياسية والاقتصادية. 

ليس منتدى دافوس فقط المعني بمناقشات وسيناريوهات ما يجري من تداعيات الحرب على غزة، فقد أصدر «النقد الدولي» منذ يومين أيضا تقريرا مهما وضع فيه سيناريوهات لتداعيات اقتصادية تخصّ عددا من الدول في الاقليم (في حال طال أمد الحرب على غزة)..وقد خصّ الأردن بعدد من التوقعات والتوصيات في مقدمتها:

1 - أن تداعيات الحرب على غزة «تعتمد على طولها وشدّتها وتخضع لدرجة كبيرة من عدم اليقين»، فكلما طال أمد الحرب واتسع نطاقها، زاد تأثيرها على الاقتصاد الأردني.

2 - في حال (احتواء الحرب): فالمتوقع أن يكون التأثير على الاقتصاد الأردني «محدودا نسبيا»، نظرًا لـ: 

(قدرة الاقتصاد على الصمود -وتنوع مصادر الطاقة -إيرادات النقد الأجنبي-والاحتياطيات القوية). 

3 - مع افتراض استمرار الحرب، فمن المتوقع أن يتراجع النمو في عامي 2023 و2024 لقرابة 2.6 %، مقارنة بالتوقعات السابقة للنمو الذي كان فيها يقترب من 3 % في عام 2024.

4 - استمرار الحرب لعام وأكثرمع اتساع نطاقها قد يؤدي لتباطؤ النمو الاقتصادي إلى أقل من 2 %، وسوف تتفاقم أرصدة المالية العامة والحساب الجاري، مما يؤدي إلى ارتفاع الدين العام.

5 - في حالة سيناريو الحرب الطويلة أو المتصاعدة، فإن «التدهور المحتمل» في ثقة المستثمرين والمستهلكين والانخفاض الكبير في إيرادات السياحة يمكن أن يؤدي إلى إضعاف النمو الاقتصادي، وتفاقم الأرصدة الخارجية والمالية، مما يؤدي إلى احتياجات تمويلية أكبر.

6 - الصندوق رجّح أن يضعف هذا السيناريو الاستثمار الأجنبي المباشر، وقد تصبح تلبية احتياجات التمويل صعبة، إذا أصبحت الظروف المالية العالمية أكثر تشددا أو تقلبا.

7 - الحرب الطويلة قد تؤثر في قدرة الأردن على الوصول إلى أسواق رأس المال، ومن الممكن أن تنقطع إمدادات الطاقة أو تصبح أكثركلفة.

8 - في حال استمرارالحرب لمدة عام واتساع نطاقها، رجح الصندوق أن تكون النتائج الاقتصادية أسوأ بكثير جراء انقطاع محتمل لإمدادات الغاز الطبيعي والمياه، وارتفاع أسعار النفط، وانخفاض كبير في عائدات السياحة.

9 - «الصندوق» أكد أنّ على الأردن لتجنب تلك التداعيات، تنفيذ «تدابير طوارئ» للمساعدة في التعامل مع تأثير التدهور المحتمل للتوقعات بتخصيص مبلغ أكبر لصندوق الطوارئ في الميزانية، وتخفيض الإنفاق في مجالات ليست ذات أولوية، وإفساح المجال لمزيد من الدعم الاجتماعي.

خلاصة القول: كل هذه السيناريوهات مدروسة تماما من قبل الأردن بالتأكيد، ولا يقلقنا الاستعداد لها لأن الاقتصاد الاردني المشهود له من قبل البنك والصندوق الدوليين بقدرته على مواجهة التحديات كما في جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية، قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية للحرب على غزة، وقد تم تخصيص ما يلزم (في حال بقاء الحال على ما هو عليه) من مخصصات اضافية للطوارئ ومخصصات اضافية للدعم الاجتماعي في موازنة 2024، كما أن نجاح الاردن بتجاوز المراجعتين السادسة والسابعة مع صندوق النقد الدولي توّج بموافقة الصندوق منذ أيام على برنامج جديد مع الاردن للسنوات الاربع القادمة (2024-2028). 

باختصار.. ما يقلقنا ويقلق العالم استمرار الحرب على غزة واحتمال توسعها اقليميا، الأمر الذي سيؤدي لانعكاسات وخيمة على سلاسل الامدادات وأسعار النفط والأمن الغذائي..لذلك على العالم أن يدرك بأن من صالحه أن يكرّس جهوده أكثر للضغط على امريكا واسرائيل لوقف فوري للحرب على غزة، والمكلفة بشريا واقتصاديا وبيئيا، ولأن الحرب ان توقفت ستغنيه عن جميع السيناريوهات المطروحة.