القضايا العادلة لا تموت
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
تألم العالم قبل 24 عاما، أو بدا أنه يتألم للقطة الفيديو الشهيرة التي قنصتها عدسة كاميرة القناة الفرنسية الثانية لمدة 59 ثانية، وبثت فيها مقتل الطفل محمد الدرة في حضن أبيه بصورة مروعة خلعت القلوب من جذورها. في ذلك الوقت اعتقد البعض أن مشهد الدرة الصادم المروع سيشكل ردعا قويا لجيش الاحتلال الإسرائيلي ليكف عن التقتيل والتشريد والتهديم، وأنه لن يجرؤ مرة أخرى على قتل الأطفال تحديدا، واعتقد البعض أيضا أن الكيان الإسرائيل لربما سيلتقط الفرصة أو اللحظة الحاسمة ويقبل بوجود دولة مستقلة للفلسطينيين أصحاب الأرض والحق لتنعم المنطقة بالسلام الغائب المغيب.
لكن إسرائيل لم تكف عن القتل والتقتيل والتنكيل. صحيح أن جيش الاحتلال وقتئذٍ اعترف وأسف لمقتل الدرة، ولكنه تراجع عن هذا متوغلا بقوة أكبر في سياسات البطش والعتو والعلو تحت تأثير وهم زائف لدى قادة وعتاة هذا الكيان الطارئ مفاده أن القوة والغطرسة والبطش ستقضي على القضية وتقصيها بعيدا أو تجتثها من نفوس أهلها وأصحابها.
قتلُ الآلاف وجرحهم وتشريدهم في غزة تحت عيون الإعلام لم يحدث في أية صدمة أو لحظة تعاطف في عالم من يدّعون الحرية والعدالة وحقوق الإنسان. بل على العكس تماما فقد رأيناهم يقفون مع الوحش ضد الضحية يقفون مع السكين ضد اللحم ومع الرصاصة ضد ثقب في الرأس. هذا شعب محاصر غابت عن حياته كل الآفاق والسبل والآمال بحياة كريمة فكيف تريدونه أن يبقى صامتا صمت الحملان في المسالخ؟ كيف تريدون شعبا عانى منذ 76 عاما من التهجير والبطش والتهميش أن يقف لا يتململ ولا يحرك ساكنا أو يثور.
جربت إسرائيل كل أدوات القتل والبطش والترويع فماذا كانت الحصيلة؟ هذا الكيان لا يريد أن يدفع ثمن السلام الذي يحلم به وفوق هذا نرى نتنياهو يعود إلى أسفار التوراة ليحصل على ترخيص بالقتل الشامل والتطهير العرقي في القرن الحادي والعشرين. فماذا ستكون النتيجة؟.
قتل مئات الآلاف من الفلسطينيين وهجروا أكثر منهم فهل استطاعت إسرائيل أن تحصل على لحظة سلام واحدة؟ وبخصوص المقاومة فقد قتل أحمد ياسين والرنتيسي وعياش وغيرهم من قادتها في غزة. فهل خمدت روح تلك المقاومة وخبا جمرها؟ فمن ذا الذي يستطيع أن يلجم قضية تستمد قوتها من دمائها المسفوحة؟