محكمة العدل الدولية والخروج من الأزمة




جفرا نيوز - الاستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي 

جاءت أحداث تشرين الأول 2023، والتي شكلت صدمة للحكومة والجيش الاسرائيلي، والذي تم استغلالها من قبل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لنقل صورة عاجلة ومرعبة للعالم عن الممارسات المرتكبة في ذلك اليوم ، نتج عنها دعم غير مسبوق من الدول الغربية لاسرائيل معتبرينها ضحية ومن حقها الدفاع عن نفسها، تبعها اعلان إسرائيل الحرب ضد تنظيم بحدّ ذاته، إلا انها في الحقيقة حرب شامله ضد الشعب الفلسطيني.

منذ ذلك التاريخ، كثف نتيناهو حملته الدعائية لاقناع العالم بانه يخوض حرب دينية، مستخدما وزملاؤه المتطرفين مصطلحات تلمودية مسقطاً اياها على الشعب الفلسطيني في آلية تنفيذ حربه، إلا انه تغافل ومعه بعض القوى بان الصراع القائم هو صراع ضد احتلال ارض شعب يطالب بحقوقه منذ اكثر من سبعة عقود. 

ان الحملة العسكرية الإسرائيلية تعمدت بتدمير كافة مقومات الحياة وممارسات أعمال القتل  الأقرب للعشوائية ، نتج عنها ما يقارب 100 الف شهيد وجريح حتى فجر يوم 12/11/2024، معظمهم من الأطفال والنساء والمدنيين. 

ان هذ العدد من الشهداء والجرحى وأعمال التدمير دفعت الكثير من شعوب العالم ومفكريها ومنهم يهودي الديانة، أمثال Segal وغيره معتبرين ان ما تقوم به إسرائيل يشكل  ثلاثة من اصل خمسة افعال تندرج تحت تعريف الإبادة الجماعية.

ان كل ما جرى خلال الشهور الثلاثة الاخيرة، لم يقنع مجلس الامن المنقسم  والشبه معطل اصلا من اتخاذ قرار يلزم الحكومة الاسرائيلية بوقف الأعمال الحربية وإرغام إسرائيل بالسماح بادخال المساعدات الضرورية للحياة للشعب الفلسطيني في غزة والمحاصر اصلا منذ فترة زمنية طويلة.

ان عدم قدرة مجلس الامن على اتخاذ قرار يوقف فيه الحرب، دفع الكثير من الدول للتفكير بطريقة اخرى، ومنها دولة جنوب افريقيا (وهي الدولة التي عانى شعبها من الفصل العنصري لعقود) والتي ابدعت بتقديم دعوى لدى محكمة العدل الدولية متهمة إسرائيل بارتكاب جريمة الابادة الجماعية (وهي الجريمة التي تعمل إسرائيل للاستفادة منها خلال العقود الماضية، وهي التي وقفت وراء تعريف الابادة الجماعية لإدانة الشعوب الأخرى بعد الهولوكست)، إلا انها لم تتخيل نفسها تقف متهمة بهذه التهمة أمام محكمة العدل الدولية. 

كغيري من المتابعين، فقد استمعت لمرافعة الفريق القانوني لجنوب أفريقيا يوم 11/1/2024, وسنستمع لمرافعة الفريق الاسرائيلي ظهر يوم الجمعة 12/1، والتي من المتوقع ان تلعب فيه إسرائيل دور الضحية وانها تدافع عن نفسها بكل ما تقوم به من أعمال. 

خلال الايام او الاسابيع القلية القادمة ستكون أنظار العالم متجهة إلى لاهاي بانتظار القرار والذي نأمل ان يكون قرارا منصفاً للشعب الفلسطيني، ينتج عنه إيقاف الحرب وإدخال المساعدات بقرار قضائي، لا قرارا سياسي، مما يخرج العالم من أزمته وتجاذباته السياسية وانقسامه الغير مسبوق في اتخاذ قرار يوقف فيه الحرب. 

في حال نجاح جنوب أفريقيا في دعواها المنظورة وصدور قرار يدعو إلى وقف الأعمال الحربية وإدخال المساعدات بصفة الإستعجال، قد يتبعها قرار يدين إسرائيل بارتكاب افعال الابادة الجماعية، الأمر الذي قد يدفع دولا اخرى لرفع دعوى ضد إسرائيل مطالبة اياها بازالة احتلالها للأراضي الفلسطينية (بعيداً عن مجلس الامن، الغير قادر على تنفيذ قراراته السابقة بازالة الاستيطان والاحتلال الاسرائيلي)، الأمر الذي سيحرج المجتمع الدولي وقد يفرض على إسرائيل تنفيذ القرارات الأممية، مما سيؤدي إلى قيام دولة فلسطين بجناحيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو الأمر ألذى يدعو له ويطالب به جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين باستمرار، موضحاً للعالم بان امن وسلام المنطقة وازدهارها مرتبطة بحل القضية الفلسطينية وفقاً للقانون والشرعية الدولية.