الأردن الدولة الراسخة وعبور سنوات العسرة ....
جفرا نيوز - بقلم مأمون المساد
الأردن في عين العواصف التي لا تهدأ في اقليمنا من عقود وسنوات وهذه حقيقة من جملة حقائق لا بد أن يعترف بها الساسة والعامة من أبناء هذا الوطن، وأمام العالم اجمع، وتلك العواصف التي تلاطمنا أمواجها مرة في الحروب وأخرى في اللجوء وثالثة بالكوارث الطبيعية ورابعة وخامسة حتى اعيانا العد والتعداد والعرض والاستعراض لكل ما مرت به الدولة الاردنية منذ اعلان الامارة عام 1921 وقيام المملكة عام 1946 حتى يومنا هذا، وهذا قضاء الله وقدره ولعل السؤال الذي نجيب عليه في هذه السطور لماذا الاردن؟ وكيف استطاع الصمود امام العاتيات التي تنهك الجبال الرواسخ ؟ وكيف نخرج من عواصف اليوم اقوى ؟.
لست هنا في موقع التنظير، بل ارصد الحقائق في إجابة عن أسئلة لابد أن يعلمها القاصي والداني، فالموقع الجيو سياسي للأردن فرض علينا أن نتعايش مع اطماع الأعداء وبعض من كانوا يوما أصدقاء، فنحن على بوابة منطقة الصراع الوجودي في فلسطين التي خرجت من الاستعمار البريطاني وفق اتفاقية سايكس بيكو 1916 لتدخل بموجب وعد بلفور 1917 تحت نير الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي الغاشم، وليستمر الأردن حارسا مدافعا عن حق الوجود ونصرة الموقف من الشريف الحسين بن علي ونجله الملك المؤسس عبدالله الأول إلى احفاده من بعد الملك طلال والملك الحسين بن طلال- رحمهم الله- وصولا الى الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين - حفظه الله - .
وعلى ذات الاطماع سارت المؤامرات على استهداف الأردن وطنا وقيادة في القرن الماضي من جيران أشقاء، لم يهنأوا بأن يروا الأردن يصمد ويعلو بنيانه ويقوى ساعده فكانت محاولات الفتن والانقلاب تصطدم على الصخرة الأردنية الهاشمية الشريفة .
إن ثبات السياسة الأردنية الداخلية والخارجية اغاظ من حولنا بأن بلاد مساحتها لا تتجاوز 90 الف كيلو متر مربع تتجاوز حدود الإعجاز في صمودها السياسي والاقتصادي والامني، فنحن في الأردن لنا قيادة شرعية هاشمية باجماع شعبي اردني، ونحن دولة دستورية بمؤسسات وقوانين مرنة متجددة، ونحن جيشنا من شعبنا وشعبنا هو جيشنا وتلك رواية لا تتسع مقالتي هذه لروايتها على عظم فصولها، وأما الاهم فالاردن ثابت في مواقفه تجاه الحق والتمسك في نصرته دون ان نتدخل في شؤون الغير وارادة الشعوب الشقيقة والصديقة، نتمسك بالشرعية والقانون الدولي، ونكون حيث تكون دعوة السلم والأمن، ولا ننازاع الآخرين موقفا سياسيا، ولم ولن نقبل يوما أن نكون بديلا لاحد، نغيث الملهوف اخا وصديقا، ونستقبله ضيفا نتقاسم معه شربة الماء وحبة الدواء ولقمة العيش .
تلك الحقائق انتجت لنا الازمات تلو الازمات من الحصار السياسي والاقتصادي من الاخوة والاصدقاء، وتلك الازمات أوقفت عجلة النمو والبناء، وولدت تراجعا في نسب تقديم الخدمات، وتلك الحقائق ولدت الحقد من خارج حدود الوطن لتصدير الارهاب لنا واستهدافنا بالعفن من المؤامرات عبر التهريب بأقذر السموم كما هي هذه الأيام يسعون إلى مهاجمة عقول أبنائنا وجيراننا، كما هو التشكيك بمواقف هي إيمان وعقيدة أنى لنا أن نتخلى عنها أو يردنا عنها نعيق غربان الشر .
في أعوام العسرة الممتدة منذ سنوات وفي العشرة الاخيرة على الاقل، الأردن امام تحديات لا بد أن نواجهها، فنحن نحمل من أوزار الحرب السورية، غياب الأمن على حدودنا الشمالية وتحدي الارهاب وحرب المخدرات، ولجوء نحو مليون ونصف المليون لاجئ، وتبعات اللجوء من انخفاض الاستجابة الدولية وواجبها تجاه الأردن الذي حمل العالم اجمع، وبات تحت خط الفقر المائي، والعجز المالي، وتدني فرص العمل وتراجع الاستثمار، والضغط الهائل على خدمات الصحة والتعليم والنقل وغيرها، ونحن نواجه العدو الإسرائيلي في اطماع تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية التي هي عهدة اردنية ووصاية هاشمية، عدو يسعى أن يلقي بكرة الصراع ونقله إلى الأردن بالضغط والحرب والتصريح والتخطيط بأن يكون بلدنا وطنا بديلا، يقتل ويهدم ويبني المستوطنات، ويمارس ابشع الجرائم ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية، وبين هاتين الحقيقتين كنا مع العالم امام حقيقة مواجهة وباء كورونا في سنوات عجاف تراجع معها كل شيء وخرجنا بأنموذج أردني مميز .
وبعد :- فالإضاءة التي نلقي بها اليوم هنا على العواصف التي مرت وتمر بنا انضجت وانتجت دولة راسخة في مواقفها، متطلعة إلى مستقبلها، مطلوب منها التكيف المناسب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مع الحفاظ على ثوابتنا، ومن كافة وعلى كافة المستويات، تبدأ من رص الصفوف ووحدة المواقف من خلف قيادتنا الهاشمية، كما أن الإيمان والتمسك بالمستقبل والمضي بمشاريعنا الوطنية في الإصلاح عبر المثلث الذي بدأنا به قبل عامين من إصلاح السياسي والتحديث الاقتصادي والتطوير الإداري عامل أساس أيضا، والاستمرار في سياسة الاعتماد على الذات يعني عبورا آمنا للمستقبل بثبات .