الأُردن القوي والانتخابات القادمة.. عزم ملكي وتجاوز التحديات

جفرا نيوز - كتب: سلطان عبد الكريم الخلايلة

حديث في الشأن العام بدأنا نسمعه ومُلخّصه بالتساؤل الأبرز: هل ستعمل الحرب على غزة وتداعياتها التي يبدو بأنها ستطول، إلى التفكير بتأجيل إجراء الانتخابات النيابية القادمة؟

تساؤل لا وقت له اليوم، لأن الأردن القوي بجميع أركانه سيكون سنداً لفلسطين، ولا ضرورة عند كل استحقاق جديد والذي يعني التقدم للأردن بأن نَجِد طابور ليس من المهم أن يكون خامساً يسهم ويتفنن في قيامه ببث السموم في الشارع الاردني بهدف التشويش على أي جهد يُبذل، وأي مرحلةٍ نُريد لها جميعاً أن تنجح، هذا التشويش الذي نجده هنا وهناك من البعض بطرحهم فكرة وتساؤل إرجاء الانتخابات النيابية المقبلة والتي أكّد جلالة الملك على إجرائها في أكثر من لقاء وأهمها حديث جلالته في خطاب العرش، فالقول الفصل للملك من خلال الذهاب إلى الرسائل التي يوجهها جلالته نحو الإرادة في التغيير من خلال الانتخابات المقبلة، والبداية لتأسيس مرحلة جديدة من خلال صناديق الإقتراع التي تجسد إرادة الشعب الذي إذا ما أراد ذلك فعليه مسؤولية كبيرة في تحديد تركيبة البرلمان القادم الذي سيؤثر على حياة جميع المواطنين والسياسات والقرارات التي سيتم إقرارها تحت قُبّة البرلمان.

يمكننا القول بأنّ ذهاب البعض إلى طرح خيار تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة والتمديد للمجلس الحالي بسبب الحرب على غزة وتداعياتها لا يمكن أن يكون إلّا ضرب من خيالهم، والذهاب إلى محور من يمتلك الشارع والصناديق بسبب شعبوية الأوضاع الحاليّة هو حتماً حديث مبالغ فيه؛ هدفه خلق بروبغندا وبهرجة واحتكار للحقيقة بإدّعاء تمثيل شعبنا الأردني الكبير والذي مما لا شك فيه بأنه في  أعين بنيه الأكبر والأبقى، وسيبقى بإذن الله هو الحق لا سواه.

لقد بات المواطن الأردني اليوم يبحث عن إجابات لعدد كبير من الأسئلة، ولا يكترث بالتنظير للعديد من القوى السياسية التي قد يكون لها مصالحها في أي عملية تأخير لعملية الإصلاح والبدء بمرحلة سياسية متقدمة أرادها جلالة الملك بتشجيعه على قانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين اللذان انبثقا عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، كما أصبح شعبنا الواعي يدرك تماماً ويعي أن المرحلة المقبلة ستعمل على تشكيل وجه وصورة جديدة للبرلمان وسيعزز تلك الصورة ما يؤسس لحكومات برلمانية عنوانها الأحزاب البرامجية القوية، مما سيُذهب زَبَد المُهاترات وبيع صكوك الغُفران عن البعض في كل حدث جيوسياسي، وسيبقى ما يُقنع الناس من برامج وأهداف،  وسيكون صندوق الاقتراع مقياساً لحجم التغيير الذي نطمح إليه في منظومة الإصلاح الشامل عبر بوابة العبور البرلماني. 

بكل صراحة، يجزم جميع من يشارك ويتفاعل مع المجتمع كيف أصبح الأردنيين يميزون بين معارضة وطنية بنّاءة وهادفة تقود حراك وتشابك إيجابي لمصلحة الوطن وبين حراك سلبي لا يخدم المسيرة القادمة هذا الحِراك الذي بات مليء بالشعارات الفارغة البراقة، وأمسى الكثيرين مؤمنين بأن  المعارضة الوطنية هي شريك أساسي وفاعل في العملية السياسية دون استغلال لمشاعر الناس وظروفهم. 

إننا اليوم أمام مرحلة مفصليّة وسنذهب في هذا العام نحو إجراء الانتخابات البرلمانية، بعكس ما يروّج له البعض بأنه سيتم تأجيلها، وسنذهب بكل قوة وعزم برؤى ملكية وقول فصل لجلالة الملك وتأكيده أكثر من مرة على ذلك، نسير نحو الإصلاح والتحديث حتى لو كان هنالك تحديات وظروف فلن تتوقف عجلة التقدم والإصلاح، فأحداث غزة وما يتعرض له الأشقّاء من كيان غاصب محتل يجعلنا أكثر إصراراً على تقوية جبهتنا الداخلية والعمل على تمتينها، فالأردن القوي قوة لفلسطين أيضاً، ولربما الانتخابات النيابية القادمة تُشكِّل قفزة نوعية في المسيرة السياسية للدولة ومشروعها التحديثي، وستؤسس لمرحلة مختلفة عما قبلها،  يرعاها ويضمن ديمومتها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.


عام جديد يحمل في طيّاته اليوبيل الفضي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ومرور 25 عام على تولّي جلالته سلطاته الدستورية لنبدأ بهذه المرحلة الهامة نحو أردن أفضل قوي ومرحلة تم تأسيسها برؤى ملكية وتوجيهات واضحة، عام التنفيذ كما كان الوصف الملكي في لقاءات جلالته الدائمة، فهو عام عزم وحزم ملكي بالاستمرار في مسارات التحديث. 

ختاماً نقول كما ندعو دوماً، حفظ الله الأردن وقيادته ورَدّ كيد كل من يسعون للفتنة في أردننا في نحورهم، وربط على قلوب الأردنيين جميعاً، وأمدّنا بالوعي والقوة، ولن يكون الأردن قوي إلا بوحدة أبنائه والتفافهم حول قيادتهم وإيمانهم بأن الأردن يستحق الكثير.