العلاج بالفنون والصحة النفسية

"OUR  MINDS OUR RIGHTS”WHO theme 2023-2024 


جفرا نيوز -  بقلم نور فيصل حتر - ضمن هذا الشعار المخصص للصحة النفسية وأود التطرق بشيء من التفصيل عن العلاج بالفنون.

ورغم اتساع  هذا العلم كإحدى الطرق العلاجيه  في مجال الصحة النفسية ، وبداية سأتطرق للحديث بشيء من الإيجاز  عن هذا المجال  الذي يعتبر علم غير مألوف  في مجتمعاتنا العربية  ومن يقوم بتدريسة بشكل لائق وأكاديمي مناسب قلائل ، رغم انتشاره بقوة  في دول الغرب كنمط من "أنماط العلاج المساند  للعلاجات النفسية  فهو مزيج من علوم الفن وعلم النفس  لتسهيل حياة البشر ، الذي بدأت  أصوله  تاريخياً في عهد الفنان أدريان هيل العام 1940  عندما أصيب بمرض السل  واستخدم العلاج  بالفنون كوسيلة للتعافي في فترة الحجر الصحي ، وأثبت ذلك عمليا  وهو الذي صاغ اصطلاح العلاج بالفنون بطريقه  علميه في الاربعينيات وتطور بشكل واضح في زمن الطبيب ادوين بابيت في أميركا ، ثم جاءت الأم مارغريت نومبورغ لتؤكد  أهميته  مع الأطفال  في المراحل العمرية الأولى  كوقاية لاحقة 

    قبل ذلك كانت العلاجات بالفنون من  قِدَم التاريخ  في الطب الهندي والصيني كطقوس شفائية تربط بين  الجسد والعقل والروح ، انطلاقا من الابعاد الدينيه  لدى الشعوب القديمة  وعلاقتها بالألوان  والفنون الإبداعية  ، على أساسيات الضوء وحرارته  واللون ، ولا تزال حتى يومنا هذا ؛ فالعمليات  الفنيه تُعّد  من أفضل  وسائل التعبير عن الذات  الداخلية العميقة   من خلال؛ الرسم‘ النحت ، الدراما،  الرقص والبستنة والكثير من الأساليب دون قيود ، الوسيط الوحيد هو مشاعرهم  العميقة ، وحواسهم  وهذا بحد ذاته تفريغ  انفعالي  بطريقة سويّة، صحيّة، طريق نحو التعافي النفسي.

وأفضل  ما قدمه لنا! هو أن لا داعي لتكون فنان ذو موهبة فَذّة، حبث يوجد العديد من العلاجات  بالفنون المختلفة التي تنطبق وتصلُح  مع الكثير من الاضطرابات  النفسية  وتنوعها حسب  أنماط الشخصيات  كما هو الحال مع أساليب العلاجات التقليدية  التي تختلف حسب فردية الشخص، وحسب التشخيص  للحالة ،وحسب الخطة العلاجية الأنسب  التي تُلائم كل شخص.
 
والعلاج بالفنون هو وسيلة للتعزيز الذاتي  للوعي ، والتفكير الإبداعي  وتقييم  الحالة على حياة البشر باستخدام التعبير اللفظي  وغير اللفظي مع مَن عانوا من صدمات  نفسية  أو ذوي الاعاقات مثل التوحد الغير لفظي  ومع أي  إعاقة لاتستخدم اللغة المنطوقة  كما هي فعاليته مع القلق  والاكتئاب  وإل-زهايمر والخرف  المبكر.
 وأيضا في مراحل التعافي من السرطان وأثناء العلاجات الدوائية  في سبيل تحقيق  التفاعل الاجتماعي  المناسب  والتعبير  عن المخاوف المكبوتة في اللاشعور بدون قيود وبحرية ؛ فالفن  والتعبير عن الذات  من خلال نقل الخبرات المكبوته  قادر على التحرُّر من الصراعات الداخلية  ، والتنفيس  ، والتخلص من الكبت ، وما توصل له الام ماغريت نومبورغ  الملقبة  بأم العلاج بالفنون  في أميركا  أن الأطفال الذين الذين عبروا عن أنفسهم  بطرق إبداعية  كان نموهم صحي أكثر من سواهم كتفريغ انفعالي للتعامل مع مخاوفهم بطريقة آمنه وممتعه بنفس الوقت  ذات ديمومه لاجيال المستقبل   من اجل صحه نفسيه افضل بالتالي انتاج وابداع اكثر. 

وأما عصبيا وطبيّاً بحسب المختص كاربديان 2023 فإن استخدام الأضواء والألوان المَوجيّة  يُحفّز هرمونات الجسم ، التي بدورها  تُسرِّع  عمليات الشفاء الفسيولوجيه ، لذلك حتى  المكفوفين من ذوي الاضطرابات النفسية  قادرين على التعافي من خلال الشعور  بالألوان.

  وفي خبرتي مع كبار السن  اثبتت العمليات الفنيّة فعاليتها  لاكتشاف  مكبوتات النفس المؤلمة  والايجابية بنفس الوقت  ،الذين  عبّروا عنها برسومات  حُرّه لا يمكنهم  البوح بها ، من مشاعر وانفعالات  عن مدى الخوف أو الأمان  ، عن القلق أو الاكتئاب  وفقط ببعض الألوان والخطوط  التي ميّزت كل شخص  او  حتى ببعض الخربشات الكتابية  التي تركت انطباعا عميقا في داخلي  محوره :" إن سَلِمَت روح الانسان ونفسُه  سَلِمَ جسده" . 

وختاما برأيي الشخص كمختصة في مجال العلاج بالفنون  أتمنى أن يطبق هذا النمط العلاجي على النساء المعنفات الغير قادرات مجتمعيا عن التعبير عن مخاوفهن  أو عن أي مشاعر مُكرِبَة لهنّ بسب الخوف من نظرة المجتمع أو لاسباب  أخرى فرديّه  وهذه ضروره للرفاه النفسي  خاصة إن كانت أم لأطفال ، فإن سلِمَت البيوت الموصدة الأبواب  ، سَلِمَ المجتمع بأكملِه.