حكمة العصر.. هاشمية بامتياز
جفرا نيوز - بقلم شحادة أبو بقر
من يقول الحق، له أعداؤه الدائمون، الذين منهم حاسدون، أو طامعون، وربما بغير حق طامحون.
قد يقول قائل أن حديث الماضي لا يقدم أو يؤخر، والحقيقة أن في الماضي وحديثه، عبر ودروس جمة تهدي وتنير السبيل إلى المستقبل.
حديث الماضي يقول أن الهاشميين قادوا ثورة العرب الكبرى في مطالع القرن الماضي، أملاً في قيام دولة عربية كبرى موحدة في بلاد الشام والعراق كنواة لدولة خلافة أكبر. وللتذكير، فلقد بايع أهل الأردن على اختلاف مشاربهم الحسين بن علي رحمه الله، بالخلافة، والوثائق لهذا حاضرة حتى اليوم.
حديث الماضي الذي يؤكد خيانة الحلفاء ونقض العهود التي قطعوها للهاشميين، دعت إلى محاولة إقامة الحكم الهاشمي في سورية، إلا أن الحاسدين تماهوا مع مخططات الحلفاء وخرج الهاشميون من سورية، وهنا لنا أن نجيب عن سؤال كبير مضمونه، هل هدأت أمور الشقيقة سورية وإستقرت منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا؟.
وحديث الماضي ذاته يقول، أن مجزرة قصر الرحاب التي أقترفت بحق الهاشميين نهاية ستينيات القرن الماضي، تركت هي الأخرى عراقاً مهدداً غير هادئ ولا مستقر منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا.
هذا هؤ شأن الهاشميين منذ فجر النبوة، قوطعوا وحوصروا في مكة المكرمة، ولم يواجه شر الأشرار أحد كما واجه رسول الهدى محمد النبي العربي الهاشمي الأمين صلى الله عليه وسلم.
كل منصف يعلم اليوم أن الأشقاء في كل من العراق وسورية وبالذات كبار السن الذين عاصروا الأحداث، يتمنون لو إستمر الحكم الهاشمي في بلادهم.
في العام ١٩٤٧، دعا الملك عبدالله الأول رحمه الله العرب إلى مناقشة قرار التقسيم الذي كان يعطي الأشقاء الفلسطينيين ٤٧ بالمائة من فلسطين التاريخية، لكن العرب رفضوا لا بل واتهموا الملك في حينه بما ليس فيه. كان ذلك قبل ٧٦ عاماً، اليوم يطالب الجميع بـ ٢٢ بالمائة من فلسطين ولكن دون جدوى أمام الصلف الصهيوني.
الملك الحسين رحمه الله، اقترح قيام المملكة العربية المتحدة لتضم الأردن وفلسطين. كان الملك يريد استعادة الضفة الغربية باعتبارها أرضاً أردنية محتلة، وسأل الإدارة الأميركية حينها، عن موقفهم إذا ما انشطرت تلك المملكة إلى دولتين أردنية وفلسطينية بعد حين، وكان الجواب، هذا شأن يخصكم أردنيين وفلسطينيين وليس لدينا ما يمنع.
إلا أن مقترح الحسين رحمه الله، قوبل أيضاً بالرفض، علماً بأن استعادة الضفة كانت ممكنة قبل أن يطمس الاحتلال معالمها بالمستوطنات.
الملك عبدالله الثاني أمد الله بعمره، واظب وثابر منذ توليه عرش المملكة، مستثمراً المنابر المحلية والعربية والإقليمية والدولية محذراً من استمرار الاحتلال ومنادياً بحل سلمي عادل لقضية فلسطين يقوم على أساس مبادئ الشرعية الدولية ويكفل قيام دولة فلسطينية على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧، إلا أن جهود جلالته تلك لم تجد من يقدر الظروف التي حذر منها الملك مراراً وتكراراً، حتى كان ما هو كائن اليوم من حرب إبادة انتحارية يشنها العدو الصهيوني على غزة وكل فلسطين، في مشهد يقض مواجع العالم الحر كله، حتى وصلت الأمور وكما يبدو، إلى خلاف أميركي إسرائيلي وشعور واشنطن ربما بالذنب أمام هول المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني الغاشم.
سقت ما سبق ليس للوم أي كان، وإنما لأقول أن الحكمة وهي ضالة المؤمن، هاشمية دائماً، فعمان الحاضرة الأردنية الهاشمية التي يستظل ظلها اليوم بعد ظل الله سبحانه وتعالى، كل ناشد للحرية والأمن والحياة الأكرم، هي المرجع لمن يبحث عن الحقيقة والحق، فيها الصدق في الموقف والسلوك، وفيها الكلمة الحق التي لا تظلم وتسعى لسلام دائم شامل وعادل في الشرق الأوسط كله.
عمان الهاشمية لا تبحث عن دور ومكانة كما يفعل غيرها، لا، عمان تبحث وتعمل من أجل حل جذري يعيد للشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كشعب لم يواجه الظلم شعب مثله على مدى ٧٥ عاماً وأكثر.
عمان لا تبحث عن مصالحها هي وحسب كما يفعل غيرها، لا، عمان تعمل من أجل الجميع كشأن الهاشميين عبر التاريخ.
نعم، الحكمة دائما هاشمية، ولو أن قوى النفوذ العالمي وبالذات الداعمة للإحتلال المتغطرس الظالم الذي سود وجوه دولها كافة، تركن إلى حكمة الهاشميين تحديدا، لصار الشرق الأوسط واحة أمن وسلام واستقرار، ولما كانت هنالك حروب وقتل وهدم وتشرد وكراهية ونذر بمستقبل مظلم.
الحكمة هاشمية منبعها حكمة محمد صلى الله عليه وسلم منذ خمسة عشر قرناً، شاء من شاء وأبى من أبى.
اللهم أنصر أهلنا في غزة وسائر فلسطين على عدوهم وعدونا عدو الإنسانية جمعاء، وأحفظ الأردن وبلاد العرب والمسلمين من كل شر. أنت سبحانك من أمام قصدي.