جلد الذات سمّ خفي يقتل النفس تدريجيًا

جفرا نيوز - يتسلّل داخلك ويجعلك تكّرهين نفسكِ، ويُمكن أن يُضّر بتقديرك واحترامك لذاتك، ويدمر العلاقات العائلية والاجتماعية، وفي النهاية يترك أثرًا سلبيًا على إنتاجيتكِ في العمل والدراسة ومختلف جوانب حياتك؛ هكذا يُشبه علم النفس " جلّد الذات".

تُظهر الدراسات أن جلّد الذات ونقص تقديرها قد يكون متأصلًا عند النساء اللاتي لا يُعانين من أي أمراض نفسية، ويتجلى عندهن على شكل نقص اهتمام بمظاهرهن وشخصياتهن الخاصة، وقد تكون هذه العلامات أحيانًا مبالغًا فيها.

وبما أنه سمً خفي يتجلى بُفقدان المرأة الثقة بشخصيتها وصفاتها، وقدراتها الجسدية والعقلية؛ لذا تتّبعي السطور القادمة عبر موقع " هي " لتتعرفي على كيفية التعافي منه، وذلك بناءً على توصيات استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من القاهرة

ما هو جلّد الذات لدى المرأة؟

أكدت دكتورة لبنى، أن جلّد الذات هو انخفاض كبير في مستوى تقدير المرأة لنفسها؛ وعادةً ما تكون حالة جلّد الذات لديها مصحوبة باضطرابات في المجال العاطفي كالاكتئاب، كما تحدث أيضًا كعرضّ مرافق لاضطرابات نفسية أخرى تنتج عن الاضطهاد، والعنف المادي، والمعنوي.فجلد الذات في النهاية قد يكون عبارة عن دفاع ضد هجمات البيئة الخارجية أو سلوكيات الأشخاص المحيطين بها.

كيف تتعافى المرأة من الاضطرابات النفسية التي تُلاحفها بسبب جلّدها لذاتها؟

وبحسب دكتورة لبنى، إذا كانت المرأة تريد أن تتعلم كيف تتعامل مع نقص تقديرها لذاتها؛ فأول ما يجب أن تعلمه أنها لست وحدها، إذ يعاني العديد من البالغين في مختلف البلدان والثقافات من نفس المشكلة، وليس من السهل دائمًا تجاوز هذا الموضوع، لكنه ممكن.

وكما هو الحال في معظم عمليات التعافي، تبدأ العملية من الداخل، وبمجرد أن تتخذ قرارًا بالبدء في تجاوز مشكلتها الحالية يُمكنها أن تقود نفسها إلى حياة جديدة تحب فيها نفسها والظروف التي المحيطة بها.  عمومًا، هناك بعض الأشياء التي يجب عليها فعلها، والتي ستساعدها في التغلب على جلّد ذاتها ونقص تقديرها لنفسك، أبرزها:

سامحّي نفسك

لا شك أننا جميعًا نرتكب الأخطاء؛ وأننا غالبًا ما نُشكل الكراهية لأنفسنا بسبب الأخطاء التي ارتكبناها في الماضي. وبالتالي أسوأ شيء يُمكنك القيام به هو السماح للأخطاء التي ارتكبتها بتحديد هويتك، فأنت لا تملكين السيطرة على الأخطاء التي ارتكبتيها؛ ولكن يُمكنك التعلم منها، فأنتِ ستقضين حياتك بأكملها تسقطين وتتعلمين كيف تنهضين بعد ذلك. لذا تذكري دومًا ألا تلزمي نفسكِ بمعايير مستحيلة على طول الطريق، وكونك واقعية سيوفر لكِ شوطًا طويلًا في التخلص من جلّد ذاتك نهائيًا.

اعتنِّي بنفسك

الرعاية الذاتية وحب النفس وتقديرها مترابطان، فإذا أهملتِ نفسك فقد تجدين أنكِ استنفذتِ الطاقة التي تحتاجينها لدفع القوى الإيجابية. عمومًا، يشمل حب الذات والعناية بها الكثير من الأشياء، ويُمكن أن يكون بسيطًا مثل "الاستحمام يوميًا، والحصول على وقتٍ كافٍ من النوم وممارسة الهوايات"، كما تعني الرعاية الذاتية أيضًا أخذ قسط من الراحة عندما تحتاجين إليها، لأن هذا يعني إمكانية العودة للتواصل مع نفسكِ والاسترخاء عندما تحتاجين إلى إعادة شحن نفسك. ولا تنسي أن الرعاية الذاتية تعني أيضًا الاهتمام بصحتك الجسدية، ويشمل ذلك "الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام". إن ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم ليست لجسدك فحسب، بل لها فوائد نفسية كبيرة أيضًا، لأن النشاط الفيزيائي يعمل على إطلاق السيروتونين في دماغك، وهذه المادة الكيميائية مسؤولة عن التخلص من المشاعر السلبية الناتجة عن الاكتئاب أو القلق، كما أنها تحافظ على توازن كيمياء الدماغ.

افعلّي ما تُحبين

فكري في الأشياء التي تحبيها وتتحمسين لها. كم تقضين من الوقت في فعل هذه الأشياء التي تجعلك سعيدة؟ إذا لم تكن الإجابة على هذا السؤال هي "كثيرًا" فقد حان الوقت لإجراء تغيير. إذ تظهر الدراسات أننا نكون أشخاصًا أسعد وأكثر ابتهاجًا عندما نقوم بأنشطة نحبها أو نستمتع بها، وهذا مثال آخر على نشاط يحفز إفراز السيروتونين في الدماغ، ويساعدك أيضًا على إعادة التواصل مع نفسك والعثور على أشياء جديدة تحبينها. عمومًا، لا يهم النشاط الذي تختارين المشاركة فيه، فالأهم أنكِ تحبين هذا العمل أو النشاط ويجعلك سعيدة، ومن المهم أيضًا أن تقضين وقتًا كافيًا للقيام بهذه النشاطات، وتكررها باستمرار. أما إذا أهملتِ هذه الأنشطة فإنكِ تخاطرين بالعودة مرة أخرى إلى جلّد وكّره ذاتك الذيعملتِ بجد للتغلب عليه سابقًا.

ذكّري نفسكِ بالأشياء الجيدة

أحيانًا يكون للأشياء السيئة التي تحدث في حياتك تأثير كبير على كيفية رؤيتك لنفسك؛ وقد يكون من الصعب التراجع خطوة إلى الوراء والنظر إلى الأشياء الجيدة التي تحدث  لذا ابحثي عن الجانب المضيء، للعثور على شيء إيجابي واحد على الأقل، ولا تترددي في الحصول على دعم الآخرين لمساعدتك على تشكيل نظرتك بشأن أي حدث يقع.

تجاوزي المواقف السلبية سريعًا

إن الحقد وحمل الضغينة على نفسك أو غيرك ليس جيدًا لصحتك النفسية. في الكثير من الأحيان نقوم بأشياء نرفض مسامحة أنفسنا عليها، وهذا الشعور بالذنب يولّد كراهية الذات؛ إذا كنتِ تريدين تعلم كيفية التخلص من جلّد الذات فيجب عليكِ عدم التفكير بهذه الأشياء وتركها تذهب، مهما كان حجم الخطأ الذي فعلتيه، لأنكِ تؤذي نفسك ومستقبلك فقط بحمل هذه الضغينة والشعور بالذنب. ببساطة تجاوزي المواقف السلبية بسرعة وفعالية.

فكّري بطريقة إيجابية

يرتبط تفكيرنا الداخلي كثيرًا بمدى حبنا لأنفسنا؛فإذا كنتِ تُحبطين نفسكِ باستمرار أو تفكرين بشكل سلبي، فلن تتعلمي أبدًا كيفية التخلص من جلّد الذات. الفكرة من هذا هي تغيير ذلك الحوار الداخلي، لذا دربي نفسكِ على التحدث بالحب بدلًا من الكراهية، والتفكير بإيجابية بدلًا من السلبية.وبالتالي إذا تأقلمتِ مع التفكير بإيجابية عن نفسكِ فستذهب الكراهية بعيدًا وتتلاشى، وهنا يُمكنك تدريب نفسكِ على التحدث بحب مع ذاتك ومع الآخرين، فهذا أيضًا سيعطيكِ فرصة جديدة للحياة، ويُغير وجهة نظرك. فأحيانًا يكون هذا هو كل ما تحتاجينه لتبدأي بحب ذاتك بالطريقة التي تستحقينها.

انسَّي الماضي واستمتعي بالحاضر

إن عيش ذكريات الماضي بشكل مستمر لن يوصلك إلى أي مكان، ويُمكن قول الشيء ذاته عن التطلع إلى المستقبل البعيد، فعليكِ أن تدركي أن العيش في اللحظة الحالية هو أفضل طريقة لتعلم كيفية التخلص من جلّد الذات. وبما أنه لا يُمكنك تغيير ما حدث في الماضي، فالشيء الوحيد الذي يُمكنك القيام بههو المضي قدمًا.وتأكدي أن العيش في الوقت والمكان الحالي سيريحك كثيرًا من ضغوط الحياة التي تواجهينها ويمنحك الطاقة التي تحتاجينها للمضي قدمًا نحو حياةٍ إيجابيةٍ تحبين فيها ذاتك.


وأخيرًا، أحيطّي نفسك بأشخاص إيجابيين، وابتعدي عن الأشخاص السلبيين، فتأثيراتهم السلبية تؤثر على في صحتك النفسية بشكل غير مباشر، فاحذري ذلك. وتأكدي أن دعم الإيجابيين لكٍ يُشكل خطوة أساسية في التخلص من جلّد الذات ونقص تقدير النفس.