البيوت مريضة بلا كتب

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
 
ما زالت ترن في أذن التاريخ صرخة كليوباترا من شرفة قصرها، مكتبتي مكتبتي، حينما أتت ألسنة النيران على ما يزيد عن 700 ألف كتاب عام 48 ق.م على يد يوليوس قيصر، الذي أحرق أسطول أعدائه، فانفلتت النيران لتلتهم مكتبة الإسكندرية العريقة. كليوبترا ورغم انشغالاتها بالحب والحروب لم تنس الكتب والحروف.

ونحن ورغم ما يحيط بنا من حروب وكروب إلا أننا لم ننس الكتب. بدليل مكتبة الأسرة واستمراريتها التي لا تعني إلا نجاحا كبيرا للمشروع الذي أطلقته وزارة الثقافة عام 2007. فإذا كان من الجميل أن تفقس بيضة الأحلام مرة واحدة، فالأجمل أن تراها تدرج وينبت لها الريش، وتطير كعصافير البهجة. ولهذا تبهجني كهرباء السرور لرؤية حلم صغير انطلق حتى وصل إلى نسخته 17 محلقاً مكتنزا بالخير.

البيوت مريضة بلا كتب. هكذا قال لي رجل مسن العام الماضي في المركز الثقافي الملكي خلال التجول لشراء إصدارات المشروع، مضيفا أن البيت الذي يكتنز على مكتبة، ولو كانت بحجم بكسة تين هو بيت يمتلك بذرة التغيير والتطور وصناعة الحياة. وهنا تكمن أهمية المشروع، وهنا يحق لكل من واكب اصدارات المشروع من بدايته أن يفرح بمكتبتها التي ستنمو أكثر.
مطلع الأسبوع افتتحت العديد من المراكز لبيع منشورات المشروع في عمان ومحافظات المملكة والتي تضمنت 65 عنوانا من الكتب والقصص متنوعة الموضوعات في حقول دراسات التراث العربي الاسلامي والتراث الاردني، والفلسفة والمعارف العامة والآداب والفنون المحلية والعربية والعالمية والعلوم والتكنولوجيا والتاريخ والحضارة والاطفال والفتيان. مع العلم أن سعر الكتاب يترواح بين الخمسة وعشرين والخمسة الثلاثين قرشاً لا غير، ومن المبهج أن أكثر من عشرة عناوين تخصُّ الطفل.

فإذا كان ما يواجهنا كمواطنين، هو صعوبة وصول الكتاب، فها هو يأتي إلينا في كل محافظة، وإذا المشكلة المادية جداراً عازلاً يحجبنا، فهي ستتلاشى نوعا ما ضمن هذا المشروع الريادي، ولهذا ستكون الكرة في مرمنا الآن، فلا أجمل أن تزور الأسر مركزا لهذا المشروع في يومه الأخير وتقتنص بعضا من العناوين.

تهنئة خالصة لوزارة الثقافة بانطلاق مكتبة الأسرة، وتحية محبة لكل الزملاء الكتاب والمثقفين، الذين أرسوا ووضعوا وبلوروا هذا المشروع الكبير، وتحية لكل أسرة تستغل الفرصة وتشكل مكتبة صغير في بيتها. فهي روح البيت وعقله.

الكتاب بوابة الروح، يجيء على مقاس اليدين، ليكون وجها ثانيا لنا، ويدا ثالثة، أو يغدو سماء المتعة والتحليق.