العلاقات الروسية - الإسرائيلية.. هل دخلتْ «نفقَ القطيعة»؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

تتواصل الحملات الإعلامية الصهيونية على روسيا, إثر المواقف التي عبرت عنها الدبلوماسية الروسية في مناسبات عديدة وبخاصة بعد عملية طوفان الأقصى، لعل أبرزها وأكثرها اهتماماً وتحريضاً إعلامياً صهيونياً, هو استقبال موسكو قادة حركة حماس، وعدم (وهذا هو الأهم في نظر الدوائر السياسية والدبلوماسية والإعلامية الصهيونية، هو عدم «إدانة» الكرملين أو وزارة الخارجية (التي استقبلت وفد حماس بقيادة موسى أبو مرزوق, بعد ثلاثة أسابيع من عملية طوفان الأقصى، قيل في حينه إن الزيارة كانت مُقرّرة قبل العملية).

صحيفة «إسرائيل اليوم» قادت حملة التحريض على موسكو, فضلاً عن القنوات الإخبارية الإسرائيلية وبخاصة القنوات اليمينية, الداعمة حزب الليكود وأطراف الائتلاف الفاشي الذي يقوده مُجرم الحرب/ نتنياهو. إذ دعت الصحيفة المؤيدة سياسات نتنياهو، حكومة الأخيرة إلى «مُراجعة منظومة العلاقات مع موسكو», مشيرة إلى أنه «ورغم العلاقات الخاصة التي بناها نتنياهو مع الرئيس بوتين، فإن الأخير - أضافتْ - اختار الوقوف ضد (مِحور الغرب) عقب السابع من أكتوبر، لافتة - إسرائيل اليوم - أن مواقف روسيا في أعقاب طوفان الأقصى، أزالت جميع علامات ا?إستفهام بشأن سياسات موسكو, وانه - واصلتْ - لم تتبقَّ أي علامة استفهام بشأن الموقف الذي أبدته موسكو».. مُتابعة في شكل تحريضي القول: إن وزارة الخارجية الروسية استقبلت قادة حماس بـ«الترحاب», واستخدمت لغة عِدائية في إعلانها الرسمي الذي (أخلى ساحة الإرهابيين)، وألقت الاتهامات ضد الولايات المتحدة وضد إسرائيل, في (برامج حوارية) على قنوات التلفزة الروسية. مُختتمة بالدعوة إلى «التعاطي مع هذه المستجدات، وتوفير استجابة بشكل يتناسب مع تحوّلات المشهد، بشكل لا رجعة فيه، من أجل مراعاة الواقع الجديد في روسيا».

التوقف عند أبرز النقاط التي اثارتها الصحيفة الصهيونية اليومية الأكثر تطرفاً والأوسع توزيعاً وتأثيراً (تُوزّع بشكل مجاني، ما دفع الصحف اليومية الأخرى ــ هآرتس، يديعوت احرونوت ومعاريف ــ إلى رفع شكوى للمحكمة, لكنها خسرت القضية, وواصلت «إسرائيل اليوم» احتلال المركز الأول في الانتشار).

ركّزت الصحيفة على أن روسيا «اختارت» الوقوف ضد «محور الغرب» عقب السابع من أكتوبر، ما يعني من بين أمور أخرى, أنها كانت تضع روسيا ضمن هذا المحور، مُتجاهلة عن عمد القطيعة بين الأخيرة والمعسكر الغربي خاصة بعد الحرب الأوكرانية, كذلك مشاركة جنود إسرائيليين في التال الى جانب كييف, وإرسال تل أبيب وسائل دفاع جوي لأوكرانيا, فضلاً عن الاحتمالات الواردة لصِدام عسكري بين الناتو بقيادته الأميركية وروسيا. يُعزز تلك المخاوف الهزيمة التي تلوح في الأفق لنظام زيلينسكي.

زد على ذلك أن العلاقات «الخاصة» التي نسجها نتنياهو مع بوتين، ترافقت مع «إحراج كبير» تسبّبت به «حكومات» نتنياهو للكرملين, بمواصلة الطائرات الصهيونية مهاجمة الأراضي والمواقع العسكرية والمطارات السورية، وإن كان الكرملين اكتفى بـ«التنديد» بهذه الغارات على نحو خجول احيانا وارتفعت نبرته مؤخراً, بعد أن بدا أن إسرائيل تستهدف من بين أمور أخرى استدراج موسكو إلى مواجهة أو شراء صمتها, حتى عندما اقتربت طائراتها من قاعدتيّْ احميميم الجوية وطرطوس البحرية.

لم تنسَ الصحيفة الصهيونية بالطبع الإشارة إلى أن «العلاقات الروسية - الإسرائيلية بلغت نهايتها» ليس بسبب إسرائيل, ولكن - اضافتْ - بسبب قرار روسيا «الذهاب نحو مواجهة حضارية بلا هوادة مع العالم الحُرّ»، ومن ثم - استطردتْ - يبقى لروسيا «فقط حلفاء ينبذهم العالم الديمقراطي» مثل: كوريا الشمالية والمنظمات الإرهابية مثل ميليشيا حزب الله وحماس.

هنا تعترف الصحيفة بإن أسرائيل «لن يمكنها وقف عمليات التقارب بين روسيا وتلك الأطراف، لأنها - تُبرِّر - مَسيرة غير مرهونة بها أو بأفعالها، حتى مع حقيقة أن روسيا (ربما) لا تُحب ولا تكّْره حلفاءها هؤلاء». خاتمة بالقول: ينبغي التحلّي بالشجاعة و«التكفير خارج الصندوق، لأنه/بوتين انحرفَ عن خط المُعسكر المقبول»، وِفق الصحيفة الصهيونية التي «هدّدت» موسكو بأن عليها عدم العبث مع إسرائيل, مُضيفة «يفهم الروس لغة القوة وهناك من سيقول إنها اللغة الوحيدة المَستخدمة هناك».

أين من هناك إذاً؟.

نحسب أن الكرملين أخذ ذلك في الحسبان, ليس فقط عندما استقبلت خارجيته وفد حماس بعد 7 أكتوبر فقط, بل خصوصاً بعد المواقف والتصريحات و«الفيتوات» التي عبرت عنها واتخذتها بالضد من التحالف الصهيواميركي، وبالذات إزاء حرب الإبادة الجماعية التي تشنها آلة الحرب النازية الصهيواميركية ضد قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، مع إدراك الكرملين العميق، أن الأمور سائرة إلى صدام قد يكون ساخناً مع هذا التحالف.

** إستدراك:

كتب سيرغي ماركوف، المستشار السابق في الكرملين، في مدونته، مُوضحاً موقف بوتين وحاجته ليميز نفسه على الساحة:» تُدرك روسيا أنّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان إسرائيل بشكل كامل، لكنهما يُجسدان الشر الآن, ولا يُمكن أن يكونا على حق بأي شكل من الأشكال». وأضاف:"لذلك، لن تكون روسيا في نفس المعسكر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. الحليف الرئيسي لإسرائيل هو الولايات المتحدة، العدو الرئيسي لروسيا في الوقت الحالي. وحليفة حماس هي إيران، حليفة روسيا».