الأرض لم تكن يوماً بمقاس الإنسان
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
منذ فترة ليست بالبسيطة يهجس أثرياء العالم على نحو غريب عجيب بفكرة الخروج أو الهروب إلى الفضاء وإقامة مستعمرات فيه، ليس لأن الأرض باتت آيلة للخراب والدمار بفعل الاحترار والتلوث اللذين سببهما الإنسان بعنجهيته وطمعه بل لأن كوكب الأرض، هذا الجرم الصغير المقصي بزاوية بعيدة في مجرة درب التبانة لم يعد ابداً على مقاس البشر وأحلامهم التوسعية ولم يعد يناسب شغفهم الكبير.
قبل أقل من سنتين سيطرت على أثرى رجل في العالم الرئيس التنفيذي لشركتي «تيسلا» و»سبيس إكس» هواجس انقراض بني الإنسان، ولهذا راح يتطلّع إلى إنشاء مستعمرات فضائية أساسها في البدء على كوكب المريخ الأحمر القريب منا؛ لتكون البشرية بكواكب متعددة في المستقبل؛ لا أن تكتفي بكوكب أزرق وحيد لربما تنقرض بانقراضه أو تمرض بمرضه وتسقم لسقمه.
وقبل أيام أيضاً كشف الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون العملاقة للتكنولوجيا عن هدفه من الاستثمار بقوة في الفضاء، مؤكدًا على فكرته التي يأمل فيها بالمستقبل البعيد ومفادها أن يسكن تريليون إنسان في الفضاء من خلال مستعمرات فضائية ضخمة.
منذ تنحي بيزوس عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة «أمازون»، منذ أكثر من عامين، وهو يصب تركيزه على شركته الجديدة «بلو أوريجين» لتكنولوجيا الفضاء، والظاهر أن لديه خططا كبيرة مثيرة في هذا المجال.
ما طرحه الرجلان يتماشى مع هواجس وأحلام البشر. فمنذ زمن ليس قصيراً والإنسان مشغوفٌ بالبحث عن حيوات ذكية محتملة في فسيح كوننا. ولهذا أرسلت وكالة «ناسا» عام 1977 المركبة الفضائية غير المأهولة فويجر1 وعلى متنها سجل معلومات عن الأرض وسكانها ورسائل بكل لغاتها، كما وحُفرت عليها صورة رجل وامرأة يلوحان بيديهما دلالة على رسالة السلام، وفي داخلها صور وأصوات، من ضمنها الموسيقى الشرقية، وأغأني أم كلثوم، وكتاب الأمير الصغير للفرنسي أنطوان دو سانت أكزوبري.
بيزوس وماسك لم يشغلا باليهما بالبحث عن تلك الحيوات الذكية أو الغبية التي ربما لا يكون لها وجود البتة. بل شغلا نفسيهما في البحث عن الكيفية التي يمكن لحياتنا الذّكية على الأرض أن تفرّخ حيوات جديدة ربما تكون أكثر ذكاء، على كواكب أخرى ومستعمرات صناعية ممتدة عامرة. فمن يدري فقد تحدث في القرون القادمة هجرات طوعية أو قسرية من الأرض تفرغها من سكانها.