في يومه العالمي.. غزَّة تفضح زيف "التضامن الإنساني"

جفرا نيوز – غدًا يوم التَّضامن الإنساني الذي أقرته الامم المتحدة في 20 من كانون الأول كل عام، بيد أنَّ غزَّة الفلسطينية غدت في هذا اليوم وللأسف الامتحان الأصعب الذي وضع الضمير الإنساني على المحك حين كشفت صرخات الأطفال الأبرياء والنساء أن كل "الشعارات العظيمة" ليست سوى حبر على ورق، أو كلمات، مجرد كلمات، يتشدَّق بها رموز الإنسانية من على منابر الخطابة فحسب.

في هذا اليوم غاب التضامن وانتهكت كل حقوق الإنسان في كل مناطق فلسطين عموما وفي غزة تحديدا على مذبح الهمجية التي تقول حضارة القرن الواحد والعشرين كذبا أنها أصبحت من التاريخ. فهناك، في غزة ينام الناس، إذا ناموا، وقد استحضروا الموت بصاروخ إسرائيلي على الأرجح أنه لن يخطئهم لأنه باختصار يعرف مقصده ليحيل المكان الى دمار والناس الى أشلاء.

امين عام الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية الدكتور حسين الشبلي أشار الى أن الاردن نهض بدوره الإنساني استجابة لنداء الواجب لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في الضفة الغربية وقطاع غزة والتخفيف من معاناته تحت الاحتلال الاسرائيلي ليس منذ بدأ العدوان على غزة قبل سبعين يوما بل منذ أيلول عام 2000 .

واضاف، إن الهيئة وبتوجيه من القيادة الهاشمية قامت بمد يد الدعم العون والمساعدة إلى الشعب الفلسطيني الشقيق لمساعدته على الظروف الصعبة التي يمر بها، بالتنسيق والتعاون مع مركز إدارة الأزمات في القيادة العامة للقوات المسلحة، وبالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية والهيئات الرسمية والشعبية في فلسطين وقد شملت هذه المساعدات المواد التموينية والغذائية والمعدات والمستلزمات الطبية والأدوية وسيارات الإسعاف وأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة الى الخيم والأدوات المنزلية والملابس وخاصة على أثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2008.

ولفت إلى إنشاء جسر إمداد بري من عمان إلى غزة لتقديم المساعدات الاغاثية الانسانية وحملت بالإضافة إلى ما سبق وحدات الدم وبلازما الدم وثلاجات الدم والاحتياجات اليومية من مياه وخبز والمولدات الكهربائية والسجاد، إضافة الى إرسال مستشفى ميداني عسكري إلى القطاع يتم تزويده حتى الآن بالأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية وسيارات الإسعاف.

كما أطلقت الهيئة حملة "لأهلنا في غزة" منذ بدأ الاعتداء الاسرائيلي من أجل جمع التبرعات النقدية والعينية لصالح الأهل في غزة، يقول الشبلي، بالتعاون مع وزارة الداخلية ومن خلال مراكز المحافظات بالتنسيق مع الحكام الاداريين،

ومنذ صدور التوجيهات الملكية السامية بتقديم المساعدات لأهلنا في غزة سيّرت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية 21 طائرة بالتنسيق مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والقوات المسلحة الأردنية / سلاح الجو ومختلف الأجهزة الامنية محملة بمواد طبية وأدوية عاجلة تم تزويد المسشتفيات بالاضافة الى الطرود الغذائية والوجبات الجاهزة والملابس بالإضافة الى 39 شاحنة تم تسييرها براً.

وبموازة ذلك، يقول الشبلي، إنه يتم التنسيق مع الجهات الرسمية العاملة في قطاع غزة ومنها وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية لاستلام قوائم الاحتياجات وأولوياتها، حيث ظهرت أولوية المواد الطبية والأدوية والطرود الغذائية والصحية والمياه النقية على أعلى القائمة ومن ثم الوقود لتزويد المستشفيات والأسر النازحة بها.

وقال الخبير المالي والمحاضر السابق بقسم التمويل بالجامعة الاردنية الدكتور عبد الرحمن البلبيسي قال، إنَّ "الإنسان يشعر بالخجل والحزن بيوم التضامن الإنساني عند الحديث عن غزة حيث لا مجال للحديث عن البطالة والفقر والتنمية الاقتصادية طالما ان البنية الحياتية تم تدميرها من قبل محتل غاشم ولاإنساني".

واضاف، ادت الحرب إلى تهجير 1.6 مليون من بلداتهم وتدمير معظم البنية التحتية لغزة و جزء كبير من البنية الإنتاجية بشقيها الصناعي و الخدمي، تدمير كل مقومات الحياة ومنع إدخال المواد الأساسية للازمة للحياة كالغذاء والماء والدواء والوقود.

إلا أن البلبيسي لم ييأس من أن يفيق العالم لوضع حد لهذه الحرب المدمرة، وحين تتوقف فلا شيء يعيد بناء البنى التحتية و الإنتاجية لقطاع غزة إلا بتضامن عالمي فعلي يعيد الحياة من جديد.

إن اليوم العالمي للتضامن الانساني يقوم على ركائز اساسية من أبرزها إرساء قيم السلام بمفهومه الشامل والدفع نحو مزيد من العدالة الاجتماعية بتكافل الدول جميعا لتحقيق الأهداف الانمائية وبما يكفل التوزيع العادل للثروات وتقليص الفجوة بين الدول، تقول الخبيرة في مجال حقوق الانسان الدكتور نهلا المومني.

لكن هذا اليوم، تضيف المومني، يأتي والعالم يشهد مأساة إنسانية في قطاع غزة سببها عدوان آثم من سلطة محتلة في ظل غياب مريب لقيم التضامن التي تضع التزاما على المجتمع الدولي بمنع أي سلطة بانتهاك قيم السلام، مشيرة الى أن انتهاك هذه القيم يعد انتهاكا للمقاصد الأساسية التي قام عليها ميثاق الأمم المتحدة وهي حفظ السلم والأمن الدوليين وحماية حقوق الانسان.
واكدت المومني أن هذا اليوم ينبغي ان يحمل رسالة هذا العام بضرورة استنهاض قيم التضامن على مستوى الدول والشعوب كافة لوقف انتهاكات حقوق الانسان في قطاع غزة ووقف انتهاك الاتفاقيات العديدة التي باتت تئن تحت وطأة آلة الحرب الإسرائيلية.

استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة مؤته الدكتور زيد محمود الشمايلة تساءل بحرقة: "هل يُعقل أن الأمم المتحدة تملك الجرأة لتعلن أن غدا هو يوم التضامن الإنساني؟".. اشك بذلك "لأن ما تدعو إليه منذ عشرات السنين تلاشى واختفى لأنها لم تستطيع القيام بدورها الانساني تجاه ما يحصل في غزة حيث اصبح السكوت وصمة عار في جبين العالم أجمع".
واضاف، ان جميع المنظمات والمؤسسات الدولية التي "استندت في مبادئها على العدالة والحرية والديمقراطية ملزمة بالتضامن مع أهالي غزة فيما يحصل لهم لأن مبادئ هذه المنظمات الدولية تشجع على الحرية والدفاع عن النفس بشتى الوسائل المشروعة للتخلص من الظلم والاستعباد لكن للأسف امرهم ليس بيدهم بل بيد من يقوم على رعايتهم".

وبين أنه أصبح لزاما على كل المجتمعات والجماعات الانسانية ان تتضامن مع اهل غزة فيما يعانون على مدار الساعة من قتل وتشريد وتدمير وانتهاك لأبسط الحقوق الانسانية، مشيرا الى أننا كمجتمعات عربية واسلامية نعتبر الاولى والأكثر واجبأ بالوقوف مع غزة وتضميد جراحها وصد الهجمة البربرية عنها.

وقال الشمايلة، نحن في الاردن وبفضل الله ملتزمون مع أهالي غزة لالتقائنا معهم بروابط الجغرافيا والدم والعقيدة حالنا حال جميع الدول العربية والإسلامية امتثالا لقول نبينا الكريم عليه السلام "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى"، ومع ذلك يعتبر التضامن مع أهالي غزة ضرورة إنسانية عالمية والتزاما بالقيم السامية التي تنادي بها كل المنظمات المعنية بالحق الإنساني.

بترا - إيمان المومني