أطفال غزة تحت الركام ولا حياة لمن تنادي
جفرا نيوز -"هي 59 سنة مرت علينا وليست 59 يوما" التي أعقبت 7 تشرين الأول الماضي، يقول الناقل لمجريات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مراسل وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أمجد الشوا.
فعلى مدى 59 يوما من الحرب على الإنسان في غزة، تنقل الشوا في أغلب مناطقها، ورافق نازحين ومهجرين، وتجول في أحياء سويت في الأرض.
"لقد حولت اسرائيل أرض غزة إلى مكان غير صالح للحياة"، يقول الشوا، ووسط ذلك كله لا ماء ولا غذاء والأطفال يبحثون عن كسرة خبز حولها دخان الحرب ألى شيء آخر لكنه ليس خبزاً، أما تضميد جراح الآلاف من الأبرياء فالكلام لا يكفي لوصف المأساة التي ألمّت بالقطاع الصحي.
ويصف الشوا رحلة نزوحه إلى مدينة دير البلح مع أهل الحي بعد أن حول الاحتلال منازلهم إلى كومة. خرجوا لا يلوون على شيء، بلا أي متاع أو حتى ورقة ثبوتية سوى ما يلبسون، وفي الطريق أمهات يحملن أطفالهن عشرات الكيلو مترات يكابدن العطش والجوع والتعب حد الإنهاك وفوق هذا وذلك كان الخوف والهلع يستبد بالجميع من طائرات الموت الاسرائيلي التي كانت تلاحقهم في كل خطوة. منهم من مات على الطريق ومنهم ما زال ينتظر، فالفزع من الموت قصفا بنيران الصواريخ كان وما يزال حتى اللحظ يطارد كل من يتنفس على هذه الأرض، وغالبية الناس لا مأوى لهم العراء ومعد ذلك فلا مكان آمناً مع توسيع الاحتلال لعملياته العسكرية في الجنوب.
الفئات الهشة والضعيفة تزداد معاناتها، يقول الشوا. هناك، ترى شيخا كبيرا أنهكه تعب المسير والفرار من الموت، ويقتله الحزن على من ارتقى من عائلته شهداء، فذلك ربما أنساه أدويته التي انقطعت عنه، وهناك آخر ممن تتوقف حياتهم على غسل الكلى في حالة من الألم تبكي الحجر كما يقولون.
في سرديته لمشهد الإبادة الجماعية في غزة، كل غزة، يشير الشوا الى الجثث الملقاة في كل مكان أو تحت الركام، ورائحة الموت في كل متر على ظهر هذه الأرض. سيارات الإسعاف بعضها تعطل أو نفد منها الوقود، وبعضها الآخر تم استهدافه بالقصف، ولم يبق منها ما يكفي للتحرك في كل الاتجاهات حيث أنين الجرحى في كل مكان.
أما الصحفيون فلم يكونوا استثناء فهم كغيرهم يواجهون الموت في أي لحظة، ويتم استهدافهم لسبب وجيه من وجهة نظر الاحتلال هو إخفاء الجرائم وتغييب الحقيقة؛ فالخطر يلاحق كل من يتحدث ويصور وينقل، ورغم هذا لم يجبنوا ويصرون على كشف الجريمة النكراء وتعرية مرتكبها أمام العالم بالصورة والكلمة والصوت دفاعا عن أصحاب أرض، يقول الشوا. الذي يشير الى أن أحد أقربائه تمكن في أيام التهدئة المعدودة من تمكن من العودة الى منزله في غزة ليوثق الخراب والدمار على امتداد النظر وبقية مخلفات القذائف تملأ المكان، وشوارع لم تعد شوارع بعد أن جرّفها الاحتلال ومنازل سويت بالأرض وأصحابها إما تحت الركام أو التحقوا بقائمة الشهداء والجرحى. هل هذا ما تبحث عنه إسرائيل: الموت تحت الركام أو الهجرة عن هذه الأرض؟!
ما يجري في القطاع مشهد مهول جدا، يقول الشوا، أطفال ونساء وشيوخ في حالة يرثى لها، كل شيء مقطوع أو نادر، وخنق ممنهج لكل من بقي على قيد الحياة، والأصعب أن تكون أباً أو أماً وقد فقدت كل أبنائك وإخوتك وإخواتك أو أنك لم تستطع إخراجهم من تحت الركام وهم ينادون نحن أحياء.
التفاصيل كثيرة ومؤلمة والحرب مسحت كل شيء، ونبرة التعب والإنهاك تعلو محيا أمجد الشوا؛ المواطن والأب والجار والزوج والصحفي، لكنه يأبي إلا أن يكون كما هو ناقلا للحقيقة، فالكل ينتظر منه أن ينقل كل التفاصيل الى أن تلوح بارقة أمل بانتهاء هذا الكابوس الذي ملأ السماء والأرض.
بترا